احتراما لقيم الحرية والنضال.. “سانتا مونيكا”، “القديس اوغستين”..و مدينة قادر”…مدن أمريكية بأسماء جزائرية

*شواهد تاريخية على عمق العلاقات الأمريكية الجزائرية

تعتبر العلاقات الجزائرية الأمريكية من أقدم العلاقات الثنائية، والتي لها باع قديم، وهناك من الشواهد التاريخية العديدة التي تعبّر عن أصالة هذه العلاقات، منها تسمية مدن أمريكية بأسماء جزائرية منها مدينة القديسة سانتا مونيكا المولودة في سوق اهراس أو ابنها القديس اوغستين أو مدينة الامير عبد القادر ، رمز النضال والحرية ومؤسس الدولة الجزائرية الحديثة…

فايزة سايح

حظي التاريخ الجزائري البطولي الساعي إلى الحرية والشخصيات الجزائرية الوازنة المؤثرة في مسار الأحداث الدولية باحترام أمريكي منذ مئات السنين .

وقد عبر إطلاق تسميات جزائرية على مدن امريكية على هذا التقدير ، فنجد ان أقدم مدينة انشأت في الولايات المتحدة تأسست عام 1565، وبالضبط في فلوريدا، سميت باسم الجزائري ” القديس أوغسطين المولود في سوق اهراس.

و سانت أوغسطين (St. Augustine) هي مدينة تقع في جنوب شرق الولايات المتحدة، على ساحل المحيط الأطلسي في شمال شرق ولاية فلوريدا. وهي أقدم مدينة في تاريخ الولايات المتحدة، تأسست غ من قبل الاميرال بيدرو مينديز دي افيليس، أول حاكم لولاية فلوريدا، وسماها على اسم القديس أوغسطين .

ثاني المدن الأمريكية التي تحمل التسمية الجزائرية هي مدينة سانتا مونيكا (Santa Monica) وهي مدينة ساحلية في مقاطعة لوس أنجلوس الغربية، في كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية. وتسمية المدينة جاءت تيمنا بالقديسة سانتا مونيكا المولودة في مدينة طاغاست (سوق أهراس) ايضا، في نوميديا (الجزائر) سنة 332 بعد الميلاد، وكانت تلك المرأة مثالا للتواضع والرقة والتعاون وسانتا مونيكا هي والدة اوغستين أهم قديسي المسيحية الغربية، الى جانب هذه المدن نجد كذلك مدينة القادر في ولاية ايوا التي سميت باسم الأمير عبد القادر ، علما بأنها المدينة الوحيدة في الولايات المتحدة التي سميت بالعربية.

وقد كشفت بيتي بوشهولز، مديرة متحف مدينة “الكايدر”أو القادر، في وقت سابق في تصريحات صحفية إن الأمير عبد القادر كان محل إعجاب كبير من قبل الأميركيين في الوقت الذي كان يقاوم فيه المستعمر الفرنسي، وكتبت عنه العديد من الصحف الأميركية مثل “نيويورك تايمز” مقالات صورته فيها بطلا حقيقيا، حتى أن بعض الأميركيين كانوا يلقبونه بجورج واشنطن الجزائر.
وأضافت بوشهولز أن معظم الأميركيين في ذلك الوقت “كانوا يولون أهمية كبيرة للحرية، ومعظمهم قدم من أوروبا وبريطانيا يبحثون عن حرية العبادة، وحرية تشكيل حكومتهم الخاصة بهم، وحرية امتلاك الأرض، وحرية انتقاد الحكومة، ولما قرأوا حول عبد القادر، شعروا وكأنه واحد منهم، لما كان يحمله من قيم الحرية” وأوضحت أن مؤسس المدينة تيموثي دايفيس المحامي، كان يقرأ كثيرا عن الأمير عبد القادر، ويطلع باستمرار على حياته وكل ما يكتب عنه، وتأثر به كثيرا، مشيرة إلى أنه “لما سأله شريكاه الآخريْن عن الاسم الذي يمكن أن يمنحه للمدينة، لم يتردد في اقتراح اسم القادر”.

ومن جانبه، قال روبرت غارمز، عمدة مدينة القادر إن المؤسسين للمدينة “تأثروا بالبطل الجزائري الشاب الذي كان يقاوم المستعمر الفرنسي لذلك قرروا تسمية المدينة تكريما له وللقيم التي يحملها”.

وتقول كاثي غارمز، رئيسة مؤسسة عبد القادر للتربية إنه “يملك الشجاعة الإنسانية وشروط أخلاقيات القيادة، وأيضا كان مسلما ملتزما ويحترم الديانات الأخرى، وأنماط حياة غيره. باختصار هو بالنسبة لنا مثال يحتذى به في عصرنا الحالي، وأعتقد أن هذا ما ينقصنا في مجتمعنا اليوم، وهو فهم الآخر، ومساعدة الآخر على فهمنا”.

وتشتهر مدينة القادر بكونها تحمل العديد من المعالم التي ترمز إلى الأمير عبد القادر، منها متحف المدينة “كارتر هاوس ميوزيوم” الذي يحتفظ بتذكارات للأمير عبد القادر، وكذا لوحات فنية وصور.

ويفتخر سكان مدينة القادر بوجود مطعم جزائري-أميركي أنشأه شاب جزائري مع شريكه الأميركي، كدليل على الروابط التي تصل الشعبين في هذه المدينة الصغيرة، وتروج السلطات المحلية لهذا المطعم في مطوياتها الخاصة بالزوار الذين يرغبون في قضاء عطلة في المدينة، ويقدم مطعم “شهرزاد” أطباقا جزائرية مختلفة و منها الكسكسي، على وقع إيقاعات جزائرية.

فيما يقول صاحب المطعم فتحي بودواني إن الأكل عامل مشترك بين الثقافات بصرف النظر عن الديانات والأعراق، ووسيلة جيدة للتواصل الإنساني.

فايزة سايح

زر الذهاب إلى الأعلى