قضية الصحراء الغربية في الاتحاد الإفريقي: تفاصيل المعارك بين الوهم و الحقيقة

تمخضت الانتخابات ليلة البارحة لأعضاء مفوضية الاتحاد الافريقى عن إقصاء المرشح المغربى لمنصب مفوض الزراعة محمد صديقى, ليكتمل بذلك رفض جميع المرشحين الذين كان المحتل المغربى قد رشحهم و عددهم 5 مرشحين.

و تجدر الإشارة الى ان المغرب قد حدد استراتيجية، مبنية هي الأخرى على المقايضة، للفوز بمنصب مفوض السلم و الامن الذى تولته الجزائر منذ إنشائه, و هذا منذ انضمامه الى الاتحاد الافريقى بتاريخ 31 يناير 2017.

فتقديم المغرب لخمسة مرشحين ( 5 ) اي لمناصب جميع المفوضين, بإستثناء واحد كان بهدف الى الحصول على مفوض السلم و الامن مقابل سحب مرشحيه الأربعة ( 4) الآخرين لفائدة المرشحين لتلك المناصب, مقابل دعم دولهم لمرشح المغرب لمفوضية السلم و الامن حسان أبو أيوب الذى يعتبر فى بلاده من ابرز الديبلوماسيين.

و كان المغرب يرغب عبر هذه الاستراتيجية الواضحة, الدخول فى عملية مقايضة مع جميع دول الأقاليم الخمسة, تعتمد على تبادل التصويت مع جميع البلدان التى قدمت مرشحين.
واستقبلت الخطة المغربية باستهجان كبير من لدن المختصين و الملاحظين, و شكلت إحراجًا كبيرا للمغرب و عملائه لأن المبادرة المغربية تعتبر سابقة فريدة فى تاريخ المنظمة الافريقية منذ 1963, حيث لم يسبق لأي دولة عضو أن قدمت مرشحين لجميع المناصب فى آن واحد و فى عملية انتخابية واحدة.

سقوط أربعة مرشحين مغاربة دفعة واحدة من اللوائح النهائية, و من القائمة التى تم اعتمادها بعد اخضاع ملف كل مترشح للفحص و الدراسة من طرف لجنة من الشخصيات تمثل الأقاليم الخمسة, و ذلك لعدم حصولهم على المعدل الضروري من النقاط و فقدانهم لشروط الترشح, حرم المغرب من ابقائهم فى السباق ليتمكن من الفوز بمفوضية السلم و الامن التى لم يخف ارادته الجامحة فى الحصول عليها لأسباب بديهية.

بقاء مرشح مغربى واحد فى القائمة النهائية و فشل الديبلوماسية المغربية فى الحصول على الاقل، على مقعد فى المفوضية عبر منصب مفوض الزراعة، و هو منصب اقل اهمية بكثير من مقعد مفوض السلم و الامن يزيح القناع عن زيف دعاية الرباط حول تأييد القارة الافريقية للمغرب, و نموذجه الاقتصادى و سياسته التى تعتمد اساسا على شراء الذمم كما لمسها الجميع عن قرب اثناء هذه القمة, بعد ان دفع المغرب ديون مجموعة من الدول خاضعة للعقوبات مقابل التصويت لصالح مرشحه.

الهزيمة المغربية تكذب الاقلام التى تفننت أخيرا فى الترويج للانتصارات الديبلوماسية المغربية فى افريقيا و العالم, عبر قصاصات و تحاليل، مدفوعة الثمن، نشرتها صفحات و مواقع معروفة بعدائها للشعب الصحراوى و حلفائه و أيدتها فى ذلك اصوات شاذة معروفة من داخل الصفوف تعمل باستمرار على تبخيس انتصارات الشعب الصحراوى, و التشكيك فيها عبر كتابة او نشر تعاليق ظاهرها ” الاقدام ” و “القدرة على الاستنتاج و الاستخلاص و الاستشراف “, و باطنها تناغم مفضوح مع دعاية المحتل الرامية الى زرع الاحباط و الغموض لدى المواطن الذى لا يمتلك المعلومات الدقيقة و تفاصيل المعارك و ظروفها.

الهزيمة المغربية عمقتها دعاية ديبلوماسية المحتل نفسها و ابواقها, عندما روجت بأن المغرب بات قاب قوسين او ادنى من طرد الجمهورية الصحراوية من الاتحاد الافريقى, و هي التى منعته من تمرير مشاريع للبنية التحتية من اراضيها المحتلة اثناء القمة الحالية, بعد معركة شكلت مناسبة اخرى ليجدد الاتحاد تمسكه باحترام حدود الدول الاعضاء, و وحدتهم الترابية طبقا لمبادئه و أهدافه و تضامنه مع كفاح الشعب الصحراوى من اجل الحرية و السيادة.

إن الدرس الذى يجب استنتاجه من انتخابات مفوضية الاتحاد الافريقى, يتجلى فى أن للمغرب قاموسا يعتمد على القراءة ” بالمقلوب ” لأن المعانى و التعريفات هي عكسها تماما.
فمن أراد ان يقرأ خطاب بوريطة و مفرداته و نعوته, يجب ان يفهم عكسها فى آن واحد. وهكذا فعندما يقول الكيان الوهمى فهو يقول فى الحقيقة ان الجمهورية الصحراوية واقع, و عندما تتحدث الرباط عن الاختراق و الانتصار الديبلوماسي فعلينا ان نفهم ان المحتل ينتظر هزيمة جديدة.

و لما يشترى المغرب لنفسه أكشاكا يسميها قنصليات, و يدخل فى مقايضات تجارية ليضفي الشرعية على احتلاله, فلأن الاتحاد الافريقى و من ورائه المجتمع الدولى لا يعترفون و لن يعترفوا أبدا للمغرب بالسيادة على تراب الجمهورية الصحراوية, التى تتأهب للاحتفال بذكرى ميلادها ال45, و هي قد استعادت المبادرة للدفاع عن استقلالها و سيادتها بعد انسحاب المغرب من مخطط التسوية و تنكره للسلام.

بقلم أمحمد/البخارى

زر الذهاب إلى الأعلى