في ذكرى وعد بلفور المشؤوم: القضية الفلسطينية تعود إلى الواجهة من بوابة قمة الجزائر

في اختراق واضح لما هو شائع تاريخيا ، من شتات للأمر وفرقة في الصف ، ارتأت الجزائر بل كافحت وبذلت جهودا كبرى لتكون القمة العربية 31 قمة للمّ الشمل ووحدة الصف، اختارت أعزّ أيام تاريخها المجيد ليكون منبرا موحّدا لصوت عربي واحد. إذا أراد العرب الإلهام استلهموا من ثورة نوفمبر وإذا أرادوا الاستنارة في زمن تطغى عليه الأزمات والصراعات استناروا بتضامن الشعب الجزائري وتخندقه في جبهة واحدة لمواجهة التحدّيات والصعوبات لأن المصير واحد، ومشترك.

إن الجزائر بما بذلته من جهود لا ينكرها الا جاحد، وضعت العرب في لحظة تاريخية فارقة أمام مصيرهم وأمام حاضر ومستقبل قضيتهم الأم.. القضية الفلسطينية التي تمرّ بأصعب مراحلها… أدّت واجبها اتجاه الأشقاء ولم تُدِر ظهرها في زمن الاستكانة والخنوع اتجاه الفلسطينين، بل وجمعت شملهم بعد فراق دام 16 عام ، وفي ذكرى وعد بلفور المشؤوم تقرّر الجزائر إعادة طرح القضية الفلسطينية في صدارة القضايا العربية من بوابة القمة العربية ….

تنعقد القمة العربية في الجزائر يومي الأول والثاني من نوفمبر القادم، وسط تحديات كبيرة وظروف معقّدة تشهدها المنطقة العربية، فضلا عن الوضع العالمي التي تطغى عليه الحرب الروسية الأوكرانية وأزمتي الطاقة والغذاء.

وتتطلّع الجزائر إلى أن تكون هذه القمة هي الاستثناء، في مسار القمم العربية التي حَفَت بها الخلافات، ومزّقتها الأزمات بعد حال التشرذم الكبير ، خاصة في خضم المتغيّرات دولية التي لها تداعيات وانعكاسات على الشأن العربي .

قبيل أيام من القمة ، بذلت الجزائر جهودا غير مسبوقة في لم الشمل العربي وفي هذا الشأن لا ينكر الا جاحد جهود الجزائر في لم الشمل الفلسطيني وجعله أرضية مشتركة لأي عمل عربي مشترك ، مساع الجزائر تكلّلت بإعلان الجزائر الذي وقعت عليه الفصائل الفلسطينية .

وتمّ خلاله الاتفاق على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون عام، وهذه خطوة حاسمة نحو توحيد الصف الفلسطيني بعد حوالي 16 عاما من الانقسام، ولو تمّ الالتزام بالمصالحة ستكون خطوة هائلة لصالح الفلسطنيين.

وكانت الجزائر وجّهت دعوات رسمية إلى كل القادة العرب دون استثناء ، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة، وعدد من ضيوف الشرف، من أجل حضور القمة التي وفّرت لها كل ضمانات النجاح على رغم ما يشوب الواقع العربي من خلافات لقول كلمتهم وإسماع صوتهم .

ان هذه القمة التي تعقد على هذه الأرض المباركة التي تستذكر بطولات شعبها وكفاحه في ذكرى 68 من ثورة الأول من نوفمبر، بلد الثورة والثوار وبلد ملايين الشهداء أرادت من خلالها الجزائر أن تكون قمة لفلسطين ورأب الصدع وللمّ شمل العرب في ظل متغيرات اقليمية ودولية تنذر بتغييرات وانعكاسات عالمية هائلة قد ترسم خريطة عالمية جديدة.

وتتقاطع ذكرى ثورة نوفمبر المجيدة مع ذكرى إحياء الشعب الفلسطيني ، للذكرى السنوية الـ105 لصدور “وعد بلفور” الذي منحت بريطانيا بموجبه أرض فلسطين “التي لا تملكها”، للحركة الصهيونية “التي لا تستحقّها”، لإقامة “وطن قومي لهم”.

هذا الوعد الذي صدر في الثاني من نوفمبر عام 1917، كان عاملا رئيسيا في تواجد الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية عام 1948، بينما ما زال الفلسطينيون يعيشون التهجير والشتات متأملين في وحدة صفهم الذي نخر جسده الانقسام.

الجزائر بإعادتها لمركزية القضية الفلسطينية أدّت واجبها اتّجاه أشقائها الفلسطينين خاصة ونحن في زمن الاستكانة والخنوع، ولكن الواقع يقول ان التطبيق والتفعيل ليس بيد الجزائر وحدها بل بيد كل الدول العربية مجتمعة، بل في يد كل المنظومة التي ينبغي أن ترتقي في تركيبها وآلياتها إلى مستوى التحديات واستحقاقات المرحلة التاريخية التي نعيشها وتتأملها الشعوب وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني ..

فايزة سايح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى