فيما حاول دُعاة الفرقة استغلال غياب محمد بن سلمان: الجزائر والسعودية على خطى متناسقة لإنجاح القمة العربية

قفزة كبيرة في العلاقات الاقتصادية بين السعودية والجزائر

أثار غياب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن قمة الجزائر الكثير من اللغط و واسأل الكثير من الحبر خاصة من اطراف اعتادت “الصيد في الماء العكر”، في محاولة مكشوفة لخلق الفتن وخلق الفرقة و لرهانها المسبق على افشال القمة العربية المزمع عقدها بعد أيام قليلة ، بالتزامن مع ثورة الفاتح من نوفمبر المباركة ، غير أن كل تلك المحاولات اليائسة مكتوب لها الفشل ومردود عليها، اذا نظرنا إلى المنحى التصاعدي الذي تشهده العلاقات الجزائرية السعودية بصفة خاصة ، والجزائر الخليجية بصفة عامة ، في كل الاصعدة سيما العلاقات الاقتصادية التي باتت تقود قاطرة التعاون المشترك…

وفيما كشفت الرئاسة الجزائرية، في بيان لها في وقت متأخر من السبت ، ان الرئيس عبد المجيد تبون تلقى مكالمة هاتفية من الأمير محمد بن سلمان أعرب له فيها عن تأسفه لعدم حضوره اجتماع القمة العربية امتثالا لنصائح وتوصيات الأطباء بتجنب السفر.

قامت اطراف يقض مضاجعها القمة العربية المرتقب عقدها في الجزائر ، التي تسعى لوحدة الصف العربي ولم الشمل ودفع آليات العمل المشترك الى جانب تقليص هوة الخلافات بين الدول العربية في ظل ظروف دولية معقدة ، بالمسارعة في اطلاق حملة شعواء تتوعد فيها بفشل القمة قبل بدايتها، هؤلاء بكلماتهم التي انساقوا خلفها ، اثبتوا انهم ” اعداء الوحدة ، احباب الفرقة ” ، متناسين أن الجزائر تسعى لوحدة الصف بين الإخوة، ولم شمل الاشقاء ، وانها لا تزال ملتزمة بمبادئها التي تقوم على التعاون ، شامخة بمواقفها التي سجلها التاريخ في نصرة البلدان العربية باعتراف الأعداء قبل الأصدقاء .

ان واقعة غياب ولي العهد السعودي لاسباب صحية وليس غياب المملكة السعودية عن القمة ، كشفت معدن هاته الاطراف التي تراهن على شق الصف العربي، وتفسد علاقات الود والاخوة.

ان رد المملكة السعودية في بيان لها، أكدت فيه أن وزير خارجيتها سيترأس وفد المملكة في القمة العربية موضحة الظروف الصحية التي أدت إلى اعتذار ولي العهد السعودي عن الحضور، بيان جاء ليخرس الافواه ، خصوصا عندما أكد “وقوف المملكة السعودية إلى جانب الجزائر و دعمها لكل ما من شأنه نجاح القمة”.

ان العلاقات الجزائرية السعودية وحتى الجزائرية الخليجية بصفة عامة ، حملت مؤخرا مؤشرات قوية على أن العلاقات أخذت بعدا جديدا يجمع بين التفاهمات الدبلوماسية وتعميق المنافع الاقتصادية يضاف إلى الروابط التي تشكلت عبر وشائج العروبة والإسلام .

وقد حملت زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون شهر فيفري الماضي، إلى منطقة الخليج العربي إشارات قوية على أن العلاقات مع منطقة الخليج أخذت بعدا جديدا ، حين اعلن عن مشاريع اقتصادية وصفت بـ”الضخمة” في قطاعات استراتيجية.

هنا يجب الإشارة انه لأول مرة، تتجه الجزائر لبناء مشاريع ضخمة في بنيتها التحتية التي تعتبر القاعدة اللوجيستية للاقتصاد، كالسكة الحديدية شمال ـ جنوب على مسافة تفوق 2200 كلم، بالشراكة مع دول من الخليج العربي، بعدما كانت كل المشاريع بهذا الحجم تؤول لصالح الشركات الغربية ، وفي قراءة للحقبة التاريخية الجديدة التي تشهدها العلاقات الخليجية الجزائرية يتبين أن قصر المرادية يسير في اتجاه تنويع الشراكات منها الشركات العربية والتخلص من الأحادية الاقتصادية من حيث العلاقات والشراكات الاقتصادية “.

وفي مسار تصاعدي نحو التعاون المشترك كان وزير خارجية المملكة العربية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود، أكد في وقت سابق أن العلاقات الثنائية بين الجزائر والسعودية تعد “إحدى اللبنات الأساسية” في العمل العربي المشترك، ولفت المسؤول “توافق كبير بين الجزائر والسعودية في الملفات التي تهمهما وتهم أمن المنطقة والعالم”.

وقبيل أيام قليلة وفي اطار تعزيز التعاون تم بمقر مجلس الأمة، تنصيب مجموعة الصداقة والأخوة البرلمانية الجزائر- السعودية، في حدث مهم يؤكد مسار تمتين العلاقات بين الجانبين، وتزامن تنصيب المجموعة مع زيارة وفد مجلس الشورى السعودي للجزائر مما أكد أيضا على أهمية الروابط التي تجمع بين الدولتين لا سيما لدعم العلاقات الاقتصادية التي في ظل قانون الاستثمار الجديد بالجزائر والذي سيحفز المستثمرين السعوديين للعمل بالجزائر.

وبلغة الارقام بلغت قيمة الاستثمارات السعودية في الجزائر نحو 3 مليارات دولار، والتبادل التجاري بين البلدين يصل إلى 580.72 مليون دولار في 2018 ، مع توقعات بأن ترتفع إلى أكثر من 10 مليارات دولار في الأعوام الـ10 المقبلة، ووصل عدد المشاريع الاقتصادية الموقعة بين البلدين إلى 18 مشروعاً خلال الفترة الممتدة من 2002 إلى 2017.

بالمقابل يمكن للسعودية ومن ثم الدول الخليجية إضافة إلى التعاون الاقتصادي المشترك ، من الاستفادة من الجزائر كجسر دبلوماسي مقبول بين كافة الأطراف العربية والإقليمية، على غرار حلها للازمة العراقية الإيرانية في الثمانينات من القرن الماضي ، ودورها في اتفاق الطائف بين اللبنانيين باعتبارها وسيطا دوليا مقبولا من مختلف الأطراف الدولية ، الى جانب تجربتها الرائدة في محاربة الإرهاب مما يفتح الباب نحو آفاق جديدة للعلاقات الثنائية والإقليمية .

وعليه يتضح ان الجزائر والسعودية دولتين محوريتين لهما وزنهما في المنطقة العربية، فالاختلاف طبيعي وهو سنة كونية ولا يمكن للدول أن تتفق وتتطابق مواقفها في كل المسائل والملفات ، ولكن في نفس الوقت ما يجمع بين البلدين من قيمّ وتاريخ ومصالح مشتركة أكبر بكثير مما يفرقهما.

ان المتربصين الحاقدين بفشل القمة العربية في الجزائر ومن خلال آلياتهم الدعائية كشفوا بانهم متآمرون يخدمون أجندات أجنبية تقتات على خلق وتغذية الخلافات البينية العربية .

قمة العرب ستنعقد بالجزائر بحضور كل الدول العربية وان اختلف مستوى التمثيل ، وستتصدرها القضية الفلسطينية التي تم تناسيها في القمم الماضية ، اضافة إلى ملفات أخرى كالأمن الغذائي والطاقة بهدف تحقيق الاستقرار والتنمية للشعوب العربية ، وبهذا تكون الجزائر أدت واجبها باتجاه أشقائها في وقت حساس ومعقد على الصعيد الإقليمي والدولي أصبح فيه لكل موقف حسابه .

للتاريخ نقول.. أن الجزائر رفعت التحدي وهي التي لم تعتد على الانهزام في تحدياتها خصوصا وهي تحيي ذكرى ثورة نوفمبر المجيدة التي كسرت بها قيود المحتل ظن بعد قرن من الزمن أنه تمكّن من هذه الأرض المباركة ، فجاءه الرد الصاعق من الشعب الجزائر الذي قرّر الانعتاق ..فكان له ما أراد ..وعانق الحرية .

فايزة سايح

زر الذهاب إلى الأعلى