آخر الأخبار

وعود الرئيس تبون تتجسّد على أرض الواقع…  الصحافة الإلكترونية الجزائرية تدخل عهداً جديداً

شرعت الوكالة الوطنية للاتصال، النشر والإشهار (ANEP)، بحر هذا الأسبوع، في إدراج إعلانات الصفقات العمومية في الصحافة الإلكترونية، في خطوة تاريخية تعكس التوجّه الاستراتيجي للدولة الجزائرية نحو تعزيز الشفافية ومواكبة التحوّل الرقمي.

وجنّدت الوكالة الوطنية للاتصال، النشر والإشهار (ANEP)، كلّ وسائلها وطاقاتها البشرية لاطلاق هذه العملية في آجالها القانونية، وكان وزير الاتصال محمد مزيان قد أبدى حرصه على إحداث هذه النقلة في تاريخ الصحافة الإلكترونية الجزائرية، تنفيذا لقرارات وتوجيهات رئيس الجمهورية، وظلّ يطمئن العاملين في القطاع بقرب الفرج خصوصا عند إشرافه على اللقاءات الجهوية للصحفيين والإعلاميين ومختلف الفاعلين في قطاع الاتصال نهاية السداسي الأول من العام الجاري.

دخل المقرّر الوزاري المشترك الخاص بنشر إعلانات الصفقات العمومية عبر الصحافة الإلكترونية إلى جنب الصحافة المكتوبة، الذي يُشكل منعطفاً حاسماً في مسار الإعلام الرقمي بالجزائر، حيّز التنفيذ، الاثنين. هذا القرار الموقّع في 9 جويلية 2025، بين وزارتي الإتصال والمالية، يمثل تتويجاً لمسار بدأه الرئيس عبد المجيد تبون منذ خطاب اليمين الدستورية للعهدة الأولى عام2019، حيث وعد بترقية الصحافة الإلكترونية إدراكا منه بالدور الإستراتيجي المنوط بها.

ويرى الدكتور عاشور فني، الباحث المختص في علوم الإعلام والاتصال في تصريح لشرشال نيوز أنّه أنّ  “تعديل قانون الصفقات العمومية منذ سنتين (23-12 المؤرخ في 05 أوت 2023) هو أداة حقيقية من أدوات ترقية الصحافة الإلكترونية، يعبّر عن الأهمية التي توليها السلطات المختصة للصحف الإلكترونية  لدفعها إلى موقعها الملائم ضمن الفضاء الإلكتروني. فقد نصت المادة 46 من القانون على إلزامية الإشهار عن طريق النشرة الرسمية لصفقات المتعامل العمومي من جهة وعن طريق الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية. ويمثل ذلك، من وجهة نظر المشرع وسيلة من وسائل ضمان الشفافية في الصفقات، لكنها بالنسبة للمتعاملين في مجال الصحافة الإلكترونية وسيلة لضمان مورد مالي مستدام للصحف الإلكترونية.”

وأشار الدكتور فني إلى أن مسيري الصحف الإلكترونية واجهوا انتظاراً طويلاً دام لعامين كاملين، لوضع هذا القانون حيّز التنفيذ، بسبب تعقيد الإجراءات وطول المدة التي استغرقتها الصياغة النهائية للنصوص التطبيقية. حيث أكّد “لكن طال انتظار العاملين في الصحف الإلكترونية بسبب تشعب الإجراءات من جهة وبسبب طول المدة التي تتطلبها النصوص التطبيقية. وبعد سنتين تم توقيع مقرر وزاري مشترك بين وزير المالية ووزير الاتصال يحدد شروط وكيفيات قيام المصالح المتعاقدة بالنشر عبر الصحافة الإلكترونية المعتمدة. وينص المقرر في مادته الثانية على أن “إعلان طلب العروض ينشر وجوبا كذلك في صحيفتين إلكترونيتين على الأقل”.

على الصعيد العملي، يُشكّل هذا القرار نقلة نوعية للصحافة الإلكترونية الجزائرية من عدة جوانب. فمن الناحية الاقتصادية، أصبحت المنصات الإلكترونية أمام فرصة حقيقية لضمان مورد مالي مستدام، يمكن استثماره في تطوير البنى التحتية التقنية ورفع كفاءة الفرق الصحفية، ومواكبة التطوّر العالمي للإعلام الذي يوشك نهائيا على التخلّي على الصحافة التقليدية.

ونبّه ذات المختص في علوم الإعلام والاتصال إلى أنّ ترقية الصحافة الإلكترونية تقتضي الانتباه لأدق العناصر التي تشكل البيئة الإلكترونية الضرورية لتطور صحافة إلكترونية منسجمة مع الأهداف المرحلية للمجتمع الجزائري.

كما يمثّل هذا القرار التاريخي بداية عهد جديد للصحافة الإلكترونية في الجزائر، عهد تتغير فيه معادلات القوة التقليدية في المشهد الإعلامي. غير أن نجاح هذا التحوّل مرهون بمدى قدرة جميع الأطراف المعنية على تذليل العقبات وتوفير البيئة المناسبة لازدهار صحافة إلكترونية مهنية، تكون في مستوى تطلعات المجتمع الجزائري وطموحاته. وسلاحا حقيقيا للتصدّي للحملات المعادية متعددة الأطراف التي تحاك في مخابر الدول المعادية وتتّخذ من الفضاءات الإلكترونية ساحة لمعاركها ضد الجزائر.

وتكون السلطات العمومية بهذا الإجراء قد اتّخذت قراراً تاريخياً يضع الصحافة الإلكترونية في مقامها اللائق، كأداة  استراتيجية للتموقع في خريطة العالم الجديد الذي تسيطر عليه تكنولوجيات الإعلام والاتصال وكشاهد عصرٍ جديدٍ وشريكٍ في بناء الجزائر المنتصرة. هذا الإنجاز ليس مجرد خطوة إدارية، بل إرادة قوية سواء من العاملين في القطاع أو من الإرادة السياسية، تحت قيادةٌ حكيمةٌ تجسّدت في رؤية الرئيس عبد المجيد تبون الذي جعل من التحوّل الرقمي نهجاً ثابتاً في مسيرة البناء.

وإذا كانت الطريق ما زالت طويلةً كما يرى الدكتور فني، فإن الأساس قد وُضع، والإرادة قد توفّرت، والرؤية قد اتضحت. فلتكن هذه البداية المشرقة شاهداً للأجيال القادمة على أن الجزائر حين تعقد العزم على التحوّل، فإنها تفعل ذلك بقلوب أبنائها وعقولهم، وبقيادةٍ تضع نصب عينيها دوماً مصلحة الوطن العليا.

طارق بحيري

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى