من الفكرة إلى المشروع: الجامعة الجزائرية تطلق ثورة في ريادة الأعمال الطلابية
شرف الدين عبد النور

أطلقت الجامعة الجزائرية مرحلة جديدة في مسار ريادة الأعمال الجامعية، بعد أن أعلنت خلال الأسبوع الممتد من 19 إلى 23 أكتوبر 2025 عن قبول تمويل خمسة وسبعين مشروعًا رياديًا للطلبة في مجالات متنوعة تشمل الطب، الفلاحة، الصناعة التحويلية، والاقتصاد الأخضر. ويُعد هذا القرار محطة بارزة في مسار الانتقال من الفكرة إلى المشروع، إذ يعكس نجاح سياسة التعليم العالي في ربط التكوين الأكاديمي بالابتكار والإنتاج الاقتصادي.
وجاء هذا الإنجاز ضمن جهود وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لترسيخ ثقافة الابتكار والمبادرة لدى الطلبة، وتوسيع مجالات الشراكة بين الجامعة والمؤسسات الاقتصادية. وقد تم اعتماد المشاريع المختارة بعد عملية انتقاء دقيقة أشرفت عليها لجان متخصصة في إطار آلية CSVF الخاصة بتمويل المشاريع الطلابية، التي تهدف إلى دعم روح المقاولاتية لدى الشباب الجامعي وتشجيعهم على إنشاء مؤسسات مصغّرة تساهم في تنويع الاقتصاد الوطني.
وشهدت مختلف الجامعات الجزائرية حركية لافتة في هذا الإطار، حيث تميزت جامعة أحمد زبانة بغليزان بقبول مشاريع مبتكرة في قطاعات الصناعة الغذائية والبناء والخدمات، بينما برزت جامعة تامنغست بمبادرات طلابية في مجالات الصحة والصناعة والأشغال العمومية. أما جامعة البويرة فقد اتجهت نحو صناعة التغليف والخدمات، في حين ساهم المركز الجامعي بالبيض في مشاريع تخص الفلاحة والأشغال العمومية. كما عرفت جامعة سيدي بلعباس وجامعة برج بوعريريج تسجيل عدة مشاريع في الطب، الفلاحة والصناعة التحويلية، ما يعكس التنوع القطاعي والجهوي لهذه المبادرة.
وشملت القائمة أيضًا جامعة عنابة بمشاريع موجهة نحو الخدمات الصحية والصناعة الإلكترونية، إلى جانب جامعة الجزائر 3 التي احتضنت مشاريع في الرياضة والصناعة التحويلية. كما تميزت جامعة سوق أهراس بإبداعات طلابية في مجالي الصناعة والخدمات، فيما ساهمت جامعات أدرار، جيجل، قسنطينة، بجاية، سطيف وخنشلة بمشاريع نوعية غطت قطاعات الفلاحة، الخدمات الصحية، الأشغال العمومية، البنى التحتية، والميكانيك.
وتعكس هذه النتائج الديناميكية التي تعرفها الجامعة الجزائرية في مجال الابتكار وريادة الأعمال، إذ أصبحت فضاءً خصبًا لتوليد الأفكار وتحويلها إلى مشاريع اقتصادية حقيقية تخلق الثروة وتدعم سوق العمل. ومن خلال هذا البرنامج الوطني، تؤكد وزارة التعليم العالي التزامها بدعم الشباب الجامعي وتمكينه من أدوات التسيير والإبداع، بما يعزز دوره كمحرك أساسي في تحقيق التنمية المستدامة والتحول نحو اقتصاد قائم على المعرفة.
ويؤكد هذا المسار الإصلاحي أن الجامعة لم تعد مجرد مؤسسة لتخريج الإطارات فحسب، بل تحولت إلى حاضنة للمشاريع المستقبلية التي تحمل بصمة الأجيال الصاعدة، وتجسد شعار “من الفكرة إلى المشروع”، لتصبح بذلك قاطرة حقيقية في بناء اقتصاد وطني عصري ومتنوع.
