مجلس الأمة: لجنة الشؤون القانونية تستمع إلى وزير العدل حول تعديل قانوني محكمة التنازع والمخدرات

عقدت لجنة الشؤون القانونية والإدارية وحقوق الإنسان والتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم والتقسيم الإقليمي، صباح الثلاثاء، اجتماعا برئاسة محمد رباح، بحضور مراد لكحل، نائب رئيس مجلس الأمة المكلف بشؤون التشريع والعلاقات مع الحكومة والمجلس الشعبي الوطني، ورابح بغالي وعمر خماياس، نائبي رئيس المجلس، إلى جانب وزيرة العلاقات مع البرلمان، كوثر كريكو.
وقد خُصص الاجتماع للاستماع إلى ممثل الحكومة، وزير العدل حافظ الأختام لطفي بوجمعة، في إطار دراسة مشروع قانون عضوي يعدّل ويتمّم القانون العضوي رقم 98-03 المؤرخ في 3 يونيو 1998، المتعلق بتنظيم محكمة التنازع وسيرها واختصاصاتها، بالإضافة إلى مشروع قانون يعدّل ويتمّم القانون رقم 04-18 المؤرخ في 25 ديسمبر 2004، المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروعين بها.
في افتتاح الجلسة، ثمّن رئيس اللجنة جهود وزارة العدل في تحديث وتعزيز المنظومة القانونية، مؤكداً أن دراسة هذين المشروعين تندرج ضمن المسعى الوطني لتكييف التشريع مع أحكام دستور 2020، وتدارك النقائص والثغرات التي ظهرت أثناء تطبيق النصوص المعمول بها، وذلك بهدف توضيح بعض الأحكام وتدعيم أخرى، بما يضمن حقوق المتقاضين ويعزز حماية السلامة الجسدية والعقلية للمواطنين، لا سيما فئة الشباب، تجسيدًا لالتزامات رئيس الجمهورية، القاضي الأعلى في البلاد.
خلال عرضه لمشروع القانون الأول، أوضح وزير العدل أن التعديلات المقترحة تأتي استجابة لمتطلبات الدستور، لاسيما المادة 179، والحاجة إلى رفع كفاءة محكمة التنازع من خلال تحسين أدائها، وتبسيط الإجراءات القضائية، وتحقيق استقرار في الاجتهاد القضائي. وتشمل التعديلات تعديل عنوان القانون بما يعكس بدقة مهام المحكمة، ورفع عدد القضاة من سبعة إلى تسعة لضمان السير الحسن للجلسات، وتوحيد إجراءات تعيين محافظي الدولة من خلال نظام التناوب بين قضاة المحكمة العليا ومجلس الدولة. كما تتضمن التعديلات تمديد عهدة رئيس المحكمة والقضاة من ثلاث إلى خمس سنوات، وإدراج خيار إيداع العرائض ورقيًا أو إلكترونيًا، في إطار عصرنة العمل القضائي. وتم كذلك اقتراح إجراءات واضحة لاستخلاف رئيس المحكمة في حالة وجود مانع، إلى جانب تعزيز اختصاصات المحكمة بما يسمح بتفادي حالات تنازع الاختصاص، مع السماح بتصحيح الأخطاء المادية في قرارات المحكمة، وتقديم دعاوى تفسيرية عند الحاجة.
أما بخصوص مشروع القانون المتعلق بالمخدرات، فقد أشار وزير العدل إلى أن التعديلات تستجيب للتحديات المتزايدة التي تفرضها هذه الظاهرة على الأمن العام والصحة العمومية. ويهدف النص الجديد إلى تشديد العقوبات على الجرائم المرتبطة بالمخدرات والمؤثرات العقلية، وتجريم أفعال جديدة تأخذ بعين الاعتبار التهديدات الناجمة عن الاتجار غير المشروع بها، ضمن مقاربة شاملة ومتوازنة بين الوقاية والعلاج والقمع. كما يتضمن المشروع إدراج آليات خاصة بالتحسيس والتكفل العلاجي، إلى جانب تعزيز التنسيق بين مختلف القطاعات، وتحسين آليات التعاون الدولي في هذا المجال.
وشدد الوزير على أهمية تحصين المؤسسات التربوية والتعليمية والتكوينية، مع إلزام المترشحين لمسابقات التوظيف في المؤسسات العمومية والخاصة بتقديم تحاليل طبية تؤكد خلوهم من تعاطي المخدرات. كما تضمن النص إمكانية إخضاع التلاميذ لتحاليل الكشف المبكر عن تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، شرط الحصول على موافقة ممثليهم الشرعيين أو، عند الاقتضاء، موافقة قاضي الأحداث المختص، مؤكداً أن نتائج هذه التحاليل لا تُستخدم لأغراض قضائية بل تهدف فقط لعلاج المتعاطين، مع ضمان سرية البيانات الطبية.
ويتضمن المشروع أيضًا تدابير موجهة للمحكوم عليهم في قضايا المخدرات بعد الإفراج عنهم، حيث يتم مرافقتهم من طرف مصالح إدارة السجون المختصة في إطار إعادة الإدماج الاجتماعي. كما يقترح النص أحكامًا جديدة تتيح تتبع الأموال الناتجة عن الجرائم المرتبطة بالمخدرات داخل وخارج الوطن، ومنع المشتبه فيه من مغادرة البلاد إلى غاية استكمال إجراءات التحقيق أو الفصل في القضية.
وفي الجانب الردعي، أشار وزير العدل إلى أن النص يقترح إقرار عقوبة الإعدام في بعض الحالات الخطيرة، خاصة إذا ترتبت عن الجريمة وفاة، أو مسّت بالصحة العمومية، أو اقترنت بظروف مشدّدة، مثل تنفيذها ضمن جماعة إجرامية منظمة عابرة للحدود، أو إذا كانت تهدف إلى زعزعة الأمن القومي أو الإخلال بالنظام العام، أو ارتُكبت لصالح دولة أجنبية، أو باستعمال السلاح أو التهديد به.
وبعد عرض مشروعي القانون، تم فتح المجال أمام أعضاء اللجنة لطرح انشغالاتهم وتساؤلاتهم، حيث قدم وزير العدل التوضيحات اللازمة بشأن مختلف الجوانب القانونية والتنظيمية المتعلقة بالنصين. وتعمل اللجنة حاليًا على إعداد تقريريها التمهيديين تمهيدًا لتقديم المشروعين في جلسة عامة لمجلس الأمة قصد المناقشة والتصويت.
شرف الدين عبد النور

