آخر الأخبار

قمة ترامب وبوتين في ألاسكا… بين جس النبض وصفقة محتملة

أكد البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلتقيان وجهًا لوجه يوم 15 أوت في قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون بمدينة أنكوراج بولاية ألاسكا، في أول قمة تجمع زعيمًا أمريكيًا ببوتين منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية قبل ثلاث سنوات، في خطوة تحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية بالغة الأهمية.

اللقاء، الذي وصفته المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت بأنه “تمرين للاستماع”، يأتي وسط أجواء مشحونة بين واشنطن وموسكو، ويعكس رغبة الإدارة الأمريكية في اختبار فرص إنهاء النزاع الأوكراني، ولو عبر فتح قنوات حوار مباشرة مع الكرملين. هذا التوجه قد يُفسَّر على أنه محاولة لإيجاد مخرج دبلوماسي في ظل حالة الجمود العسكري والسياسي التي تشهدها الحرب.

ألاسكا… الموقع الذي يتحدث عن نفسه

اختيار ألاسكا ليس تفصيلاً بروتوكوليًا، بل يحمل دلالات استراتيجية واضحة. القاعدة العسكرية التي ستحتضن القمة، والممتدة على 13 ألف فدان، تقع على بعد مسافة جغرافية قصيرة نسبيًا من روسيا، وعلى مقربة من موارد القطب الشمالي التي تثير اهتمام الصين. هذا الموقع يمنح اللقاء رمزية إضافية، فهو رسالة غير مباشرة بأن الولايات المتحدة تدير ملف الصراع مع روسيا من موقع جغرافي قريب وحساس.

مناورات عسكرية وخلفية أمنية

قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون ليست مجرد مكان للقاء، بل هي أحد المراكز الحيوية في استراتيجية الدفاع الأمريكية شماليًا. فهي تستضيف نحو 30 ألف فرد من العسكريين والمدنيين، وتشارك في تدريبات سنوية معقدة تتضمن أحدث الأسلحة، على رأسها مقاتلة F-22. لكن خلف هذه القوة، هناك واقع اجتماعي وإنساني صعب، إذ شهدت ألاسكا في السنوات الأخيرة ارتفاعًا مقلقًا في حالات انتحار الجنود، ما دفع الجيش والكونغرس للتدخل وتحسين الظروف المعيشية والدعم النفسي للعسكريين.

خفض سقف التوقعات ومخاوف الغرف المغلقة

يواصل البيت الأبيض خفض سقف التوقعات بشأن القمة، في إشارة إلى عدم وجود أي اتفاق ملموس مطروح على الطاولة. وقال ترامب خلال مؤتمر صحفي: “هذا في الحقيقة مجرد اجتماع لجس النبض، نوعًا ما”، مضيفًا أنه سيتمكن خلال الدقائق الأولى من معرفة ما إذا كان بوتين مستعدًا لوقف إطلاق النار، وأنه سينقل ذلك إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والقادة الأوروبيين. وأضاف: “قد أقول لهم: حظًا سعيدًا، استمروا في القتال. أو قد أقول: يمكننا إبرام اتفاق”.

لكن بوتين، من جانبه، سيحاول استغلال الفرصة لتشكيل رؤية ترامب حول ما يمكن أن يتضمنه اتفاق السلام بطريقة تحقق أقصى فائدة للكرملين. وكتب جون هيربست، المدير البارز لمركز أوراسيا في المجلس الأطلسي والسفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا: “بوتين يريد اتفاقًا مع ترامب يتم تقديمه إلى كييف والعواصم الأوروبية الأخرى كأمر واقع”. وأضاف أن غياب الدعوات الموجهة للقادة الأوروبيين “يُذكّر بمؤتمر يالطا عام 1945… حيث قررت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة مصير نصف أوروبا فوق رؤوس شعوبها”.

وقالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن الاجتماع بين ترامب وبوتين سيكون ثنائيًا، ويمثل “تمرينًا للاستماع” بالنسبة لترامب، يهدف إلى استكشاف وجهة النظر الروسية. وقالت هيل، المساعدة الرئاسية السابقة: “هكذا يفعل ترامب الأمور، يتصرف بعفوية”، مضيفة: “وبوتين يحب المبارزة الكلامية… وهو يفتخر بقدرته على التكيف بسرعة في مثل هذه المواقف”.

وأثار غياب المستشارين في الغرفة سؤالًا محوريًا: هل يمكن لأي اتفاق يتم التوصل إليه في جلسة خاصة، حتى مع وجود مترجمين أو مدونين للملاحظات، أن يؤدي إلى نتائج دائمة؟ واختتمت هيل قائلة: “الأمر يشبه اجتماعًا يسقط في غابة”.

شرف الدين عبد النور

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى