آخر الأخبار

في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال: الجزائر تسجّل خمس حالات فقط خلال 2025

أحيت الجزائر، اليوم الأربعاء، فعاليات اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، المصادف لـ12 جوان من كل سنة، في تظاهرة نظمتها وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، بالتعاون مع مختلف الشركاء الوطنيين والدوليين. وجاء هذا الحدث تحت شعار “التقدم مرئي، ولكن لا يزال الطريق طويلاً: دعونا نسرع في جهودنا”، الذي أطلقته منظمة العمل الدولية لهذه السنة، ليعكس حجم التحديات المتبقية رغم المكاسب المحققة في محاربة الظاهرة.

وخلال مراسم الافتتاح، ألقى الأمين العام لوزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي كلمة باسم الوزير فيصل بن طالب، رحّب فيها بالحضور من ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية، والقطاعات الوزارية، والمؤسسات الوطنية، والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين. وركّز على الأبعاد العالمية لعمل الأطفال، مشيراً إلى تقرير مشترك لمنظمة العمل الدولية واليونيسف لسنة 2025، الذي كشف عن استمرار تشغيل أكثر من 165 مليون طفل عبر العالم، نصفهم تقريباً يعملون في ظروف خطيرة تهدد حياتهم وصحتهم وكرامتهم.

وأشار المتحدث إلى أن هذه الظاهرة تتفاقم في بؤر الأزمات والنزاعات والكوارث المناخية، حيث تغيب الحماية وتضيع الطفولة. كما ساهم توسع الاقتصاد غير الرسمي والتحولات الاقتصادية في تعقيد الوضع، خاصة في الدول النامية، ما يجعل من حماية الأطفال مسؤولية جماعية عابرة للحدود، تستدعي تعبئة دولية حقيقية لبلوغ الهدف 8.7 من أهداف التنمية المستدامة، الذي يدعو إلى القضاء التام على عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول 2030.

وفي هذا الإطار، جدّد التزام الجزائر الراسخ بحماية حقوق الأطفال، مستندة في ذلك إلى منظومة تشريعية ومؤسساتية متكاملة، ترتكز على المصادقة على الاتفاقيات الدولية، بما فيها اتفاقية حقوق الطفل واتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقم 138 و182، إلى جانب الميثاق الإفريقي لحقوق ورفاه الطفل. كما يشكل دستور 2020 دعامة أساسية لتعزيز حماية الطفولة، إلى جانب التشريعات التي تحدد السن الأدنى للتشغيل في 16 سنة، وتحظر استغلال القصر في أعمال تؤثر على صحتهم أو أخلاقهم.

وفي السياق ذاته، تعمل الجزائر على ضمان مجانية التعليم والرعاية الصحية للأطفال، وتهيئة بيئة آمنة لنموهم، إضافة إلى إنشاء هيئات مختصة، مثل اللجنة متعددة القطاعات للوقاية من عمل الأطفال، والهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، التي تؤدي دور مركز للإنذار المبكر والتنسيق.

وأبرز الأمين العام الجهود الرقابية الميدانية التي تبذلها مصالح مفتشية العمل، والتي شملت خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2025 ما يفوق 49,600 مؤسسة، توظف أكثر من 637 ألف عامل، مقارنة بـ28,952 مؤسسة في الفترة ذاتها من 2024. وقد أسفرت هذه الرقابة عن تسجيل خمس حالات فقط لتشغيل أطفال دون السن القانوني، تمت إحالتها جميعاً على الجهات القضائية المختصة.

واعتبر أن هذا التراجع الملحوظ يعكس نجاعة السياسات الوقائية المعتمدة، وارتفاع الوعي المجتمعي، ودور الأسر والمجتمع المدني في الرصد والتبليغ. وأضاف أن هذه النتائج جاءت أيضاً بفضل تنسيق السياسات العمومية، وتنظيم حملات توعية مستمرة، وبرامج تكوين موجهة للمهنيين، إلى جانب الحوار الدائم مع الشركاء الاجتماعيين.

وضمن هذا التوجه، تعمل اللجنة القطاعية للوقاية ومحاربة عمل الأطفال بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحماية وترقية الطفولة 2025-2030، التي تركز على الوقاية، التبليغ، والحماية المتكاملة، مع إيلاء اهتمام خاص للأطفال في المناطق الهشة والحدودية.

وفي ختام كلمته، عبّر المتحدث عن تضامن الجزائر الكامل مع أطفال فلسطين، ضحايا الاحتلال والحصار، مستنكراً الجريمة المفجعة التي طالت عائلة الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار، والتي فقدت تسعة من أطفالها دفعة واحدة. وشدّد على أن حماية الأطفال من الاستغلال واجب حضاري وإنساني يتطلب سياسات قائمة على العدالة الاجتماعية والتعليم ومكافحة الفقر، مؤكداً أن القضاء على عمل الأطفال مسؤولية وطنية والتزام دولي، لا يتحقق إلا بتكامل جهود الدولة والمجتمع.

شرف الدين عبد النور

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى