طريق الألماس.. المشروع الإفريقي الذي يعيد رسم خريطة التنمية في القارة
شرف الدين عبد النور

يُعد مشروع طريق الألماس أحد أبرز المشاريع الاستراتيجية في تاريخ القارة الإفريقية الحديثة، إذ يجسّد رؤية شاملة للنهضة والتنمية المتكاملة عبر تكتل اقتصادي وجيوسياسي جديد، يُعيد رسم خريطة التعاون الإفريقي على أسس القوة والتكامل والتوازن.
فكر تنموي جديد يعبر عن استقلال القرار الإفريقي
لا يُعتبر طريق الألماس مجرد طريق اقتصادي، بل هو فكر تنموي شامل يعبّر عن تطلعات الشعوب الإفريقية نحو الاستقلال الفعلي في القرار الاقتصادي، والانفتاح المسؤول على العالم، بعيدًا عن الهيمنة أو التبعية، ضمن إطار من التعاون الإنساني المتكافئ.
منطلق المشروع: إفريقيا تملك كل مقومات القوة
وينطلق المشروع من قناعة راسخة بأن إفريقيا تمتلك كل مقومات القوة: الثروات الطبيعية، والموقع الجغرافي الحيوي، والطاقات البشرية الشابة. غير أن هذه المقومات ظلت غير مستثمرة بالشكل الأمثل بسبب غياب التكامل الهيكلي بين دول القارة.
رؤية طريق الألماس: التكامل والبنية التحتية المشتركة
وجاء المشروع ليشكّل منصة اقتصادية وتنموية موحدة تسعى إلى تحقيق توازن حقيقي بين الموارد والمصالح، عبر ربط شامل للبنى التحتية، وتعزيز التجارة البينية، وخلق فضاء استثماري آمن يتيح فرصًا عادلة للدول الإفريقية.
“كل أرض يخدمها أبناؤها، والأفارقة هم أبناء إفريقيا”
وبهذه الفلسفة الإنسانية، يؤكد المشروع أن النهضة لا تُستورد بل تُبنى من الداخل، وأن التغيير الحقيقي يبدأ من الإرادة الإفريقية، لتتحول القارة إلى قوة مؤثرة في الاقتصاد العالمي.
التكتل السابع.. ولادة كيان إفريقي جديد
ويُعتبر طريق الألماس التكتل السابع داخل القارة الإفريقية، وهو تكتل استراتيجي متكامل يختلف كليًا عن التكتلات الستة السابقة من حيث المفهوم والوظيفة والأهداف.
ويرمي المشروع إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي والتعاون بين الدول الأعضاء كقوة موحدة، بناء شبكة استثمارية وتجارية كبرى تربط الأسواق الإفريقية ببعضها، ربط الموانئ والمدن الاستراتيجية من الجزائر شمالًا إلى جنوب إفريقيا، تمكين القارة من امتلاك أدواتها السيادية في التجارة والطاقة والبنية التحتية.
22 دولة إفريقية في مشروع واحد
ويشمل المشروع 22 دولة إفريقية تتوزع عبر محاور جغرافية واستراتيجية رئيسية. وتُعد الجزائر وجنوب إفريقيا الدولتين المحوريتين في قيادة هذا التكتل لما تملكانه من قدرات سياسية واقتصادية ودبلوماسية تؤهلهما لتفعيل المشروع على نطاق قاري.
صندوق استثماري بقيمة 40 مليار دولار
ويرتكز طريق الألماس على إنشاء صندوق استثماري إفريقي بقيمة 40 مليار دولار أمريكي، بمساهمة من ست دول رئيسية هي: الجزائر، نيجيريا، غانا، الكونغو الديمقراطية، أنغولا، وجنوب إفريقيا. ويهدف الصندوق إلى تمويل مشاريع البنى التحتية والسكك الحديدية والموانئ، دعم إنشاء 20 ميناءً استراتيجياً يربط شمال القارة بجنوبها وغربها، تأسيس بورصة إفريقية للمعادن والطاقة، إنشاء بنوك ومراكز تجارية إقليمية لبناء اقتصاد إفريقي متكامل ومستقل.
رؤية نحو إفريقيا الجديدة
ويتجاوز طريق الألماس المفهوم الاقتصادي البحت ليكون مشروعًا حضاريًا وإنسانيًا يوحّد شعوب إفريقيا عبر الثقافة والتعليم والتبادل المعرفي والسياحة، ويعيد للعالم صورة إفريقيا الحقيقية: القارة القادرة على العطاء، الغنية بالعقول قبل الثروات.
طريق الألماس ليس فقط طريقًا للتجارة، بل طريقٌ نحو نهضة روحية واقتصادية وثقافية متكاملة، تؤسس لإفريقيا الجديدة في القرن الحادي والعشرين.
