حركة الماك… أخبث فاعل عنيف من غير الدول يحاول استهداف الأمن القومي الجزائري
مهدي الباز

تشهد الجزائر اليوم مرحلة حسّاسة يسعى فيها أعداء الوطن إلى زعزعة الاستقرار عبر استغلال فواعل عنيفة من غير الدول، وعلى رأسها حركة “الماك” الإرهابية. هذه الحركة الانفصالية أصبحت أخطر مشروع خارجي يستهدف وحدة الشعب الجزائري وتماسك الدولة، من خلال التحريض على الفوضى وضرب أحد أهم مكوّنات الهوية الوطنية. ومع تقدم الجزائر بثبات نحو رؤية 2030، تتكثف المحاولات الرامية إلى عرقلة هذا المسار الوطني، ما يجعل من فهم خطر حركة الماك وداعميها ضرورة وطنية أكثر من أي وقت مضى.
الجزائر… وطن تجاوز التحديات بثبات وإرادة
تمكّنت الجزائر بفضل رجالها المخلصين و الوطنيين وبفضل إرادة شعبها العظيم وجيشها الدرع المتين من تجاوز كل التحديات و الصعوبات.
واستطاعت بإرادة وعزيمة تحقيق الأمن والسلم و إرساء دعائم الدولة الوطنية، وها هي اليوم تتّجه نحو المستقبل بخطوات ثابتة تحت رؤية الجزائر 2030، الرؤية التي تريد الدولة الجزائرية رفقة كل أبناء هذا الوطن من الشمال الى الجنوب و من الشرق الى الغرب تحقيقها، رؤية استراتيجية متكاملة الأركان من أجل تحقيق تنمية شاملة ومستدامة تنقل البلاد الى مستقبل الجزائر الغد، جزائر الازدهار والتطوّر والرقي، جزائر يعيش فيها كل أبناء الوطن في أمن واستقرار وازدهار وفاء لأمانة الشهداء الذين ضحوا من أجل مستقبل دولة وطنية حرة مستقلة واحدة موحدة تحت راية الجزائر.
هذه الرؤية هي التي أزعجت أعداء الجزائر، وجعلتهم يخطّطون و ينسجون المؤامرات لتوقيف هذه الرؤية الوطنية والاستراتيجية بأي ثمن، مستغلين كل الظروف و التحديات التي تمرّ بها الدولة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخها في ظل سياق إقليمي ودولي مضطرب جدا.
الفواعل العنيفة ومحاولات اختراق الداخل الوطني
ان أعداء هذا الوطن يعلمون جيدا بأن الجزائر حصن منيع بإرادة شعبها وجيشها ، لذلك يبحثون عن فواعل جديدة ظنا منهم أنّها قادرة على تحقيق مآرابهم و استغلالها في خططهم لاستهداف الجزائر وشعبها، هذه الفواعل تعرف بالفواعل العنيفة من غير الدول، وعلى رأسهم حركة الـ”ماك” الإرهابية التي يتمّ استغلالها لزعزعة استقرار الدولة الجزائرية، فمن هي هذه الحركة وأيّ دعم تحظى به من قبل أعداء الشعب و الوطن ؟
الماك تنظيم إرهابي يهدّد الأمن القومي الجزائري
لقد بات واضحا اليوم من هو العدو الذي يريد تفكيك وحدة هذا الشعب بإرادة خارجية غير إرادته أصلا، انها الفواعل العنيفة من غير دول، تمثّلت في حركة الماك الارهابية، حسب مبادرة نداء جنيف، تعرف الفواعل العنيفة من غير الدول كحركات متمرّدة تتّخذ من العنف المسلح وسيلة، كما تعرف على أنها حركات غير شرعية، وتنظيمات إرهابية تستهدف المدنيين والعزل بالترهيب و التخويف، وبالنظر الى هذا التعريف فان حركة “الماك” ينطبق عليها تماما، فالحركة تتّخذ من العنف و الأعمال التخريبية و الإرهابية وسيلة، وما الأعمال العدائية و التخريبية التي كانت تخطّط لها من أجل ضرب استقرار الجزائر لدليل على استخدامها للعنف و الارهاب، ولكن بفضل قوة الأجهزة الأمنية الجزائرية ويقضتها تمّ إحباط العديد من المخطّطات الشيطانية لهذه الحركة، التي اختارت أن تصطفّ إلى جانب العدوّ لتتآمر على هذا الوطن وتحجب كل رؤية تتطلّع لها الجزائر نحو المستقبل، تحت ذرائع واهية سطرتها أيادي خارجية تكنّ كل العداء لهذا الشعب، من أجل هدف لا يمثل تطلع اي جزائري حرّ مهم كان انتماؤه العرقي او الاثني.
نشأة الماك… من حركة معارضة إلى تهديد قومي
ان حركة الماك (MAK) وهي اختصار لـ “الحركة من أجل تقرير مصير منطقة القبائل”، نشأت في بداية العقد الأول من القرن 21، وهو العقد الذي نشأت فيه معظم الفواعل العنيفة من غير الدول، والسبب راجع الى التغيّر الحاصل في البيئة الدولية بظهور هذه الفواعل الجديدة التي تهدّد الأمن و السلم الدولين.
ان حركة الماك (MAK) التي تأسّست علي يد الانفصالي وعدو الوحدة الوطنية “فرحات مهني”، كانت في البداية مجرّد حركة سياسية معارضة للنظام الجزائري، لتتطوّر فيما بعد إلى تنظيم ينشط بشكل هيكلي له دعم خارجي وأجندة سياسية خطيرة تستهدف منطقة القبائل، من خلال تحريض ساكانها، مستغلة الأوضاع السياسية التي كانت تمرّ بها البلاد في تلك المرحلة من أجل إثارة الفوضى و تأزيم الأوضاع ودعوة للانفضال بما يضرب وحدة الشعب وأمن و استقرار البلاد.
ثم بدأت في تطوّر بشكل كبير وسريع جدا، مستغلة مختلف السياقات السياسية و الاقتصادية والأمنية التي مرّت بها الجزائر منذ 2001 الى 2019، لتبدأ في تأسيس هيكل سياسي تمثل في اعلان” حكومة قبائلية مؤقتة”، وهو هيكل سياسي مفبرك ولد من رحم عدوة الماضي و الحاضر و المستقبل فرنسا الكولونيالية.
فرنسا… الحاضنة التاريخية للتحريض والانفصال
هذا الإعلان كان تماديا حقيقيا من قبل هذه الحركة وجرم ارتكبته في حق تاريخ المنطقة أولا و في حق سكانها ثانيا، مما أدّى بالجزائر لتتحرّك بشكل صارم من أجل تصنيف هذا التنظيم كمنظمة إرهابية سنة 2021 ، أي بعد منحه عقدين كاملين من الزمن للتوبة و التراجع عن جرمها المشؤم.
وبالعودة الى الحاضنة التي احتضنت هذا التنظيم ، وهي فرنسا الكولونيالية، التي تكنّ حقدا كبيرا على الجزائر و ساكنة القبائل و منطقة القبائل، لأن هذه المنطقة لها تاريخ كبير مثلها مثل باقي مناطق الوطن، لكن ما يميّز هذه المنطقة هي تاريخها الثوري الكبير ورفضها التام منذ أن وطأت فرنسا الاستعمارية أرض الجزائر.
تحالف صهيوني–مغربي… هدفه ضرب وحدة الجزائر
ان اتخاذ التنظيم الارهابي “الماك”، قرار أن يبقى في حضن أعداء الجزائر و التحالف معهم، هو قرار لا يمكن تبريره بأي شكل، فالكيان الصهيوني وحليفه المغرب جعلا من هذا التنظيم الانفصالي أداة سياسية لضرب الوحدة الجزائرية والانتقام من الجزائر وقراراتها الشجاعة.
وبالعودة الى تحالف هذا التنظيم الإرهابي مع الكيان الصهيوني، يعتبر بالنسبة له خيار استراتيجي يؤكده الانفصالي فرحات مهني في كل مناسبة يتكلم فيها، فقد أكّد زيارته للكيان الإسرائيلي سنة 2012.
دعم إعلامي موجّه لبث سموم الفتنة و الانفصال
يحظى هذا التنظيم الإرهابي بدعم إعلامي كبير من قبل الكيان الصهيوني و فرنسا وذلك أجل تمرير رسائل عدائية تستهدف وحدة الشعب الجزائري، وتزرع الفتنة و التفرقة بين الشعب الواحد.
بيان 14 ديسمبر… خطوة انفصالية معلنة
تعتزم حركة الماك الإرهابية يوم 14 ديسمبر القادم، اطلاق مشروعها الإرهابي المتمثّل في إعلان دولة القبائل من قلب باريس، في مشروع يستهدف الأمن القومي، ويضرب المكوّن الأمازيغي، ويخون بيان أول نوفمبر ومؤتمر الصومام الذي جمع كل أبناء الوطن تحت راية واحدة.
منطقة القبائل… وعي وطني يسقط المؤامرة
ما لم تحسب له هذه الجهات حساباً، هو أن سكان منطقة القبائل جزء أصيل من نسيج الأمة الجزائرية، يرفضون كل مخططات الانفصال، ويبرهنون على وعي سياسي عميق يتجلّى في مختلف مواقفهم الوطنية ورفضهم للتدخلات الأجنبية.
الجزائر ثابتة رغم محاولات الاستهداف
إن المؤامرات التي تُحاك في الظلام، مهما تعقّدت، تتكسر أمام وعي الشعب الجزائري، وإرادة سكان منطقة القبائل، ويقظة الدولة. فالمعركة اليوم وإن اختلفت أدواتها، تبقى معركة وجود، والجزائر قادرة، بوعي أبنائها وتكاتف مؤسساتها، على إفشال كل المحاولات التخريبية، سواء كانت صادرة عن فواعل دولاتية أو غير دولاتية.
