آخر الأخبار

بعد ترويج المخزن لدعوته: دونالد ترامب يتجاهل المغرب

زكرياء حبيبي

لم يتوقف نظام المخزن عن الإدعاء يوما بأنه خادم واشنطن، وهو الذي راح يُعلن أنه سيكون من بين المدعوين إلى القمة الأمريكية الإفريقية المزمع انعقادها من 9 إلى 11 جويلية المقبل، أو بترويج خبر كاذب مفاده أن حلف الناتو سينقل القاعدتين الأمريكيتين الموجودتين في إسبانيا إلى المغرب عقابًا لمدريد على إحجامها عن الالتزام بنسبة الـ 5% من الناتج المحلي الإجمالي التي طالب بها ترامب الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي لبناء استراتيجية دفاعية جديدة. وقد سبق لنظام المخزن وأن ميّز نفسه بالفعل بالأخبار الكاذبة والتي مفادها بأن القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) ستنقل مقرها من نابولي الإيطالية إلى المغرب.

واليوم، استيقظت آلة الدعاية المخزنية على صفعة جديدة من إدارة البيت الأبيض، التي أعلنت عن قمة أمريكية أفريقية تجمع، بالإضافة إلى الدولة المضيفة، دولًا إفريقية (الغابون، وغينيا بيساو، وليبيريا، وموريتانيا، والسنغال) في اجتماع يُركز على التجارة والاستثمار والأمن. وخلف التصريحات البروتوكولية حول “فرص التجارة المتبادلة”، تبرز عقيدة أمريكية جديدة تجاه أفريقيا: رحيل المساعدات الإنسانية، المكان للصفقات.

الرسالة واضحة: لم تعد أفريقيا تُعتبر قارة تحتاج إلى مساعدة، بل سوقًا يجب غزوها، شريطة أن تتوافق مع المصالح الأمريكية. وهي مقاربة لم يُخفِها ترامب قط، وفاءً لشعاره “أمريكا أولًا”.

وهي إستراتيجية أمريكية بدون الكيان الوظيفي المغربي الذي لم يعد لديه ما يُقدمه لحُماته وعرابوه.

علاوة على ذلك، سيدفع المغرب ثمن هذا التعاون الأمريكي الأفريقي، ولا يُستبعد أن تُعلّق واشنطن اتفاقية التجارة الحرة مع الرباط، المُوقّعة في 15 جوان 2004. وهي اتفاقية يبدو أنها تُصبّ في مصلحة الصينيين، وفقًا لخبراء إدارة ترامب.

ويشتبه الأميركيون في أن الصينيين يستغلون هذه الاتفاقية للتحايل على الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن على المنتجات الصينية.

وعلى عكس الإدارات الأمريكية السابقة (بوش، أوباما، بايدن)، يُطالب دونالد ترامب إلى مقاربة ثنائية وبراغماتية بحتة تجاه العلاقات بين إفريقيا والولايات المتحدة. فقد ولت لغة التضامن والتنمية على المدى البعيد؛ ومن الآن فصاعدا، سوف تكون اتفاقيات التجارة الموقعة والمشاريع الممولة بشكل مشترك والمنافع المتبادلة بمثابة مؤشرات للأداء.

بالنسبة لترامب، يتعلق الأمر بإعادة تعريف العلاقات بين الولايات المتحدة وإفريقيا وفقًا لمنطق الشراكة المربحة للجميع، ولكن وفقًا للقواعد الأمريكية. لكن هذه الاستراتيجية ليست خالية من المخاطر. فقد تُضعف الدول الأكثر ضعفًا، التي تفتقر إلى البنية التحتية الاقتصادية اللازمة لتلبية متطلبات التجارة الأمريكية.

علاوة على ذلك، يُتيح ذلك فرصةً استراتيجيةً للصين، التي لا تزال سياستها الإفريقية تُركّز على تمويل البنية التحتية الضخمة دون شروط سياسية فورية. وأخيرًا، يُشكّل ذلك ضغطًا على القادة الأفارقة، الذين يتعيّن عليهم الموازنة بين آرائهم العامة والشروط الصارمة أحيانًا التي تفرضها واشنطن.

في الختام، إن اختيار الدول الخمس المدعوة – الغابون، وغينيا بيساو، وليبيريا، وموريتانيا، والسنغال – ليس بالأمر الهيّن. فهذه الدول تُعتبر مستقرة، ومُتصالحة دبلوماسيًا، ومستعدة لإبرام اتفاقيات اقتصادية سريعة. إلا أن هذا الشكل المحدود يُرسل أيضًا رسالة ضمنية مفادها أن إفريقيا لن تُعامل بعد الآن ككتلة متجانسة، بل على أساس كل حالة على حدة، وفقًا للربحية الإستراتيجية لكل علاقة ثنائية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى