الكابوس الفرنسي- المغربي
زكرياء حبيبي

خلال آخر مقابلة له مع ممثلي الصحافة الجزائرية، تجاهل الرئيس عبد المجيد تبون عمدا التوترات بين الجزائر وفرنسا بعد انحياز إيمانويل ماكرون لموقف المحتل المغربي في قضية تصفية الاستعمار من أراضي الصحراء الغربية، التي تعتبرها الأمم المتحدة أقاليم غير متمتعة بالحكم الذاتي، والمدرجة في لجنة الأمم المتحدة الرابعة لتصفية الاستعمار.
الرئيس تبون الملم بالقضايا الجيوسياسية الحالية والمستقبلية للعالم، ترك المعارضين للجزائر والجزائريين، بما في ذلك الرسميين ووسائل الإعلام الخاضعة لنظام المخزن والدولة العميقة الفرنسية، في حيرة من أمرهم، ورهينة لنماذجهم الأيديولوجية والاستعمارية الجديدة.
وجاءت خرجة الرئيس تبون بعد 48 ساعة من عرض الوزير الأول الفرنسي فرانسوا بايرو للسياسة العامة، والتي أكدت رسميا إفلاس الإدارة الاقتصادية في فرنسا، في الوقت الذي تشهد فيه الجزائر استثمارات طموحة، تنبئ بمستقبل مشرق للجزائريين على المستوى الاجتماعي.
وانتهز الرئيس تبون هذا اللقاء لطمأنة الجزائريين وقطع الطريق على من يُواصلون نشر خطاب اليأس والنقاش البيزنطي والعقيم الذي تجاوزه مسار الأحداث الذي يعيشه العالم، والرغبة الجزائرية في وضع البلاد في المكانة التي تليق بها.
الرئيس تبون سحب البساط من تحت أقدام الذين يُواصلون الخطاب “الأيديولوجي” من خلال الإشارة إلى أن الجزائر، كقوة صاعدة وبراغماتية، تتعامل مع أسياد العالم، كالولايات المتحدة والصين وروسيا، كدولة ذات سيادة، مؤكدا أن الجزائر ليست تابعة لأحد.
وهي كلمات مفتاحية تُزعج نظام المخزن، الذي يصر عبثا على تقديم الجزائر كشريك معاد للكتلة الغربية، كما فعل خلال الحرب الباردة، التي وضعت العالم الليبرالي في مواجهة العالم الشيوعي، مع العلم أن الجزائر دافعت دائما عن وضعها كدولة غير منحازة، وفية لمبادئها كمدافعة عن القضايا العادلة في العالم، كما هو الحال بالنسبة للقضيتين الفلسطينية والصحراوية.
وكانت المقابلة أيضًا فرصةً لدحض أكاذيب من يُروجون لعزلة الجزائر، البلد الموثوق والذي لا يغير مواقفه ومبادئه.
الرئيس تبون، الذي جدول أعماله مزدحم للغاية، استقبل للتو الرئيس الزيمبابوي وها هو اليوم يتوجه إلى إيطاليا، حيث سينصب التركيز على تعزيز الشراكة الإستراتيجية مع روما حول المشاريع الضخمة الاجتماعية والاقتصادية والإجراءات والعمليات الجيوسياسية من أجل تعزيز السلام والتنمية في جميع أنحاء العالم، لصالح الشعبين وعلى حساب الإجراءات الاستعمارية الجديدة التي يقوم بها البعض لعزل الجزائر على الساحة الأوروبية.
والرئيس تبون، الذي دعاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحضور القمة الروسية العربية المقررة في الخريف المقبل، سيستقبل قريبا نظيريه اللبناني والغاني اللذين أعلنت عدة مصادر عن زيارتهما للجزائر، مما يوضح جّيدا “عزلة” الجزائر التي تُروج لها زورا وبهتانا أدوات الدعاية الفرنسية المخزنية، وبيادقهم المنبطحين للاستعمار الجديد والصهيونية.
