آخر الأخبار

السجّان محمد السادس.. محمد زيان، الزفزافي والسجناء الصحراويين

زكرياء حبيبي

مرة أخرى، لم يُدرج اسم كل من محمد زيان، وزير حقوق الإنسان السابق في عهد الحسن الثاني، وناصر الزفزافي، قائد حراك الريف، ضمن قائمة السجناء الذين عفا عنهم محمد السادس، بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتوليه العرش عقب وفاة والده. وقد شمل العفو الملكي 19,673 سجينًا، من بينهم 23 محكومًا عليهم بالإعدام.

ولا يزال الوزير السابق محمد زيان، 83 سنة، وناصر الزفزافي، زعيم حراك الريف، في سجون الملك.

وقال مصدر مقرب من زيان في مقابلة مع صحيفة “إل إنديبندينتي” الإسبانية: “هذا يُثبت غياب الإرادة السياسية لديهم لحل هذه القضايا”. كما ندد الحزب الوطني الريفي بغياب العفو عن متظاهري الريف. وأضاف الحزب: “يُعلن النظام المغربي كل عام عن عفو ملكي. وهذا العام، خُفِّفت أو أُلغيت أحكام المغتصبين والقتلة والمتاجرين بالبشر والمسؤولين الفاسدين. وهو كرمٌ يقول الكثير. ومع ذلك، لا يزال سجناء الريف السياسيون خلف القضبان. مُستبعدين عمدًا، كما لو كانت كرامتهم مصدر إزعاج. كما لو أن المطالبة بحقوقهم جريمة لا تُغتفر”.

ورغم تدهور صحته، تم نسيان محمد زيان من طرف سجانه محمد السادس، وهو الآن مُعرّض لخطر الموت في السجن. ويقول أقاربه: “فقد الكثير من وزنه جسديًا. يزن الآن 55 كيلوغرامًا فقط لأنه لا يستطيع تناول طعام السجن. إنه غير صالح للأكل، والإدارة ترفض السماح له بتلقي الطعام من الخارج. وإلا فهو مقتنع بأفكاره”.

ولم يُسامحه محمد السادس على تصريحاته التي نشرها في صحيفة الإندبندينتي، والتي دعاه فيها صراحةً إلى التنازل عن العرش واختيار حياة رغيدة بعيدة عن السلطة والمغرب.

يُلقَّب زيان بـ”أكبر سجين في العالم”، وهو في السجن منذ ثلاث سنوات، ويتبقى له خمس سنوات أخرى، بعد أن حكمت عليه محكمة العام الماضي بالسجن خمس سنوات بتهمة “اختلاس أموال عامة انتخابية” من الحزب الليبرالي المغربي، وهي تهمة ينفيها جملة وتفصيلا.

وأوضح أقارب زيان العام الماضي: “يقول البعض إن عناصر من جهاز الأمن هم من عارضوا إطلاق سراحه، لكننا نخشى أن يكون الملك هو من يرفض إطلاق سراحه بسبب تصريحاته في صحيفة الإندبندينتي”. مُؤكدين، أنه وعلى الرغم من سجنه ومزاعم حرمانه من الكتب والصحف وحتى مواد الكتابة، فإنه متمسك بأقواله ويُعرب عن قلقه إزاء المسار الذي يسلكه المغرب.

إن ازدراء المخزن، والحاشية المحيطة بمحمد السادس والتي تتخذ القرارات أثناء غيابه الطويل عن البلاد، يمتد أيضًا إلى بعض المعارضين الذين دافع عنهم زيان ذات مرة كمحام أمام محاكم البلاد. ومن أشهر هؤلاء الذين نسيهم الملك، ناصر الزفزافي، زعيم حراك الريف، الذي أطلق أكبر احتجاج ضد حكم محمد السادس في خريف عام 2016، بمظاهرات حاشدة في منطقة الريف، شمال البلاد.

وكان أن اندلعت شرارة الانتفاضة نتيجة عنف الشرطة الذي أودى بحياة محسن فكري، بائع السمك الذي سحقته شاحنة قمامة يقودها ضابط شرطة أثناء محاولته استعادة أسماك صادرتها السلطات. وكان قمع نظام المخزن عنيفا جدا، حيث اعتقل المئات. وتم إلقاء القبض على الزفزافي في ماي 2017 وحُكم عليه بالسجن 20 عامًا.

ولم يتم العفو كذلك عن بعض مساعديه في الثورات أيضًا، مثل محمد جلول (10 سنوات)، ونبيل أحمجيق (20 عامًا)، ومحمد حاكي (15 عامًا)، وسمير إيكيد (20 عامًا)، وزكريا أدهشور (15 عامًا)، الذين اعتقلوا في عام 2017 وأدينوا بعد عام بتهمة “المساس بأمن الدولة”، ضمن سلسلة من الاتهامات التي تعتبرها منظمات حقوق الإنسان الدولية ملفقة وتهدف إلى قمع السخط الشعبي.

وداخل الحزب الوطني للريف، الذي تأسس عام 2021 في باريس، يُصرّون على أن “الرسالة واضحة”: “في المغرب، الاغتصاب خير من الكفاح. الفساد خير من المقاومة. القتل خير من المطالبة بالحرية لشعبنا”. ويُضيفون: “هذه السياسة المشينة تكشف الوجه الحقيقي للنظام: نظام استبدادي يُرسّخ الظلم، أين أصبح القمع في الريف عقيدةً للدولة”.

وبحسبهم، “العفو الانتقائي ليس أخطاءً، بل قرارات مدروسة”. “إنه يعزز تسلسلًا هرميًا غير أخلاقي: المجرمون “قابلون للعفو”، والريفيون الأحرار يُشكلون تهديدًا دائمًا”.

وأضاف الحزب الريفي أن “شعب الريف لن ينسى. كل إقصاء يزيد من عزيمتنا. كل ظلم يعمق الهوة بيننا وبين هذا النظام الاستعماري الظالم. إن الدولة التي تحمي المغتصبين وتُدين المقاومين ليست دولة قانون، بل هي دولة مارقة”.

وعلاوة على ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذا العفو الملكي، الذي يعتبر ذر الرماد في العيون، تجاهل أيضاً السجناء السياسيين الصحراويين القابعين في السجون المغربية، والذين حكم على بعضهم بعقود من السجن.

وللتذكير، في بداية عام 2024، كسر زيان صمته، الذي أجبره عليه سجنه، وفي تصريح لصحيفة إيبيرية، هاجم مرة أخرى المؤسسة التي تحكم المغرب والتي ترفض الآن أي عفو عنه.

وقال أن ما يحدث في المغرب ليس من سمات القرن الحادي والعشرين. ويزداد زيان قناعة بأنه سيموت في سجن محمد السادس ونظامه المخزني الدكتاتوري.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى