الرئيس تبون: تحقيق التكامل الاقتصادي العربي ركيزة للاستقرار والتنمية المستدامة

قال رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اليوم، في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، خلال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بغداد، إن التكامل الاقتصادي بين الدول العربية هو أساس لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة.
وأضاف الرئيس تبون أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية مهمة جداً، لأنها ترتبط مباشرة بأمن الدول العربية ومستقبل شعوبها.
وشدّد رئيس الجمهورية، في هذا الصدد، على ثلاثة نقاط مهمة لتحقيق التكامل الاقتصادي، تتمثل أولها في وجوب التضامن مع الدول التي تعاني من أزمات وحروب، وخاصة فلسطين، لأن استقرار المنطقة يعتمد على حل مشاكل هذه الدول، تحسين التجارة بين الدول العربية التي تعد حسب الرئيس ضعيفة جداً، ولا تتعدى 8% من إجمالي التجارة، وكذا ضرورة تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية، وتحسين شبكات النقل والبنية التحتية، بالإضافة إلى دعم المؤسسات المالية لتسهيل الاستثمار والتجارة بين الدول.
وأوضح الرئيس تبون أن الجزائر تدعم هذه الجهود، وشاركت في منطقة التجارة الحرة العربية منذ 2009، وساعدت في مشاريع الربط بين الدول العربية. كما أكد ضرورة مواكبة التطور التكنولوجي في مجالات مثل الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي، لكي لا تتخلف الدول العربية عن الركب العالمي.
وفي الختام، أكد الرئيس تبون أن الجزائر ستواصل دعم التعاون الاقتصادي العربي لتحقيق التنمية والازدهار لشعوب المنطقة.
شرف الدين عبد النور
النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون التي ألقاها نيابة عنه وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، خلال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بغداد
“بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبيه الصادق الأمين
أصحاب الفخامة والسمو،
أصحاب المعالي والسعادة،
ترحب الجزائر بانعقاد هذه القمة التي تُعْنَى بأمورٍ لا تقل أهميةً عَمَّا يتصدر العمل العربي المشترك من أولوياتٍ سياسية ودبلوماسية وأمنية في المرحلة الراهنة. فأهدافُ البناءِ الاقتصادي والتنميةِ المستدامة ليست من قَبِيلِ التَّرَفِ العَرَضِي أو الكَمَالي، بقدر ما هي أهدافٌ ترتبط تمام الارتباط بمقتضيات الأمن القومي العربي وبما يقع علينا من مسؤوليةِ تثمينِ مُقَدَّرَاتِ الشعوب العربية، بأجيالها الحالية والمستقبلية على حدٍّ سواء.
من هذا المنظور، وإذ تجدد الجزائر انخراطَها والتزامَها بالمساهمة في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، فإنها تحرص على التأكيد على ثلاث اعتبارات رئيسية من وجهة نظرها:
أولاً، أن الحديث عن التنمية المستدامة في المنطقة العربية يجب أن يستند إلى مبدأ التضامن مع الأقطار الجريحة من أمتنا، بدءًا بفلسطين المحتلة ومروراً بباقي الدول العربية الشقيقة التي تعاني من ويلات الأزمات والنزاعات والحروب. فأمنُ وازدهارُ منطقتِنا العربية لن يتحقق إلا بتعافي هذه الأقطار وزوال الغبن والظلم المُسَلَّطِ عليها وعودتِها إلى مسارِ الاستقرارِ والنماء والرخاء.
ثانياً، أن تحقيق التكامل الاقتصادي العربي يجب أَلاَّ يَظَلَّ حُلْماً مؤجلاً تتوارثُهُ الأجيال العربية، جيلاً عن جيل. فالتجارةُ البينية العربية، وبالرغم من النمو الذي حققته في السنوات الأخيرة، إلا أنها لا تتجاوز نسبة 8% من إجمالي تجارة الدول العربية مع بقية دول العالم. وكذلك الأمر بالنسبة للاستثمارات البينية، التي تشهد هي الأخرى بأرقامها المتدنية تفاوتاً مُجحفاً من بلدٍ عربي لآخر.
ثالثاً وأخيراً، أن تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود على المستوى العربي يبقى رهيناً بمدى سَعْيِنَا المشترك لتوفير مقوماته الأساسية، خاصةً عبر التفعيل الكامل لمنطقة التجارة الحرة العربية، وعبر تطوير شبكات النقل البيني، وكذا عبر إحداث الآليات البنكية والمصرفية والتأمينية، وهي الآليات الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها والتي من شأنها تعزيز الاستثمار البيني وتقوية المبادلات التجارية.
ومن جانبها، فإن الجزائر تَحْرِصُ كل الحرص على أن تكونَ طرفاً فاعلاً في مختلف المبادرات الاقتصادية التي تستهدفُ تعزيزَ التقارب والتفاعل والتعاون بين الدول العربية. فقد انضمت بلادي لمنطقة التجارة الحرة العربية منذ سنة 2009، مثلما ساهمت في بناء مختلف مؤسسات التمويل والاستثمار العربية، إلى جانب دعمِها لمشاريعِ الربط البري والبحري والجوي، بل وحتى الطاقوي.
وفي ذات السياق، تشدد بلادي على ضرورة أَلاَّ تتخلفَ الدولُ العربية مُجتمعةً عن ركب الثورات المشهودة راهناً، لاسيما في مجالات الطاقات المتجددة، والرقمنة، والذكاء الاصطناعي، والروبوتية، وكذا في مجال النانوتكنولوجيا. فالعمل العربي المشترك يجب أن يخصص حيزاً هاماً لهذه المجالات المستقبلية الحيوية التي تقتضي، تضافرَ جهودِنا، وحشدَ قُدُراتِنا، وَضَمَّ إمكانياتِنا، حتى لا نصيرَ من الأمم المهمشة والمتروكة على رصيف هذه التحولات الجذرية التي ستحدد مصير الحضارة الإنسانية للعقود الآتية.
وستظل الجزائر، بما حَبَاهَا اللهُ من مقدرات، مُناصرةً لكل الجهود التي تضعُ نُصْبَ أولوياتِها تعزيزَ التعاون الاقتصادي بين دولِنا، لتنال نصيبَها المشروع من التنمية، ولتتبوءَ المواقع اللائقة بها في منظومة العلاقات الاقتصادية العالمية، ولتُساهم، بالقدر الممكن، في تحقيق تطلعات شعوبِنا وفي بناءِ مستقبلٍ مِلْؤُهُ الأمنُ والتنميةُ والرخاء مع باقي شعوب المعمورة.
انتهى نص الكلمة الرئاسية، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.
