آخر الأخبار

الدرس الجزائري في دحض معاداة السامية

زكرياء حبيبي

في إطار زيارته لإيطاليا، التقى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بالبابا ليو الرابع عشر. ويندرج هذا اللقاء في إطار الثقافة والحضارة الجزائرية العريقة، المتمسكة بالسلام والعيش المشترك والتسامح، ومحاربة جميع أشكال التعصب والإرهاب والصهيونية، التي يسعى البعض إلى ربطها بمعاداة السامية.

وفي كلمته خلال مراسم تنصيبه، أشاد البابا بالشخصية الجزائرية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، القديس أوغستين، كما يعتزم زيارة الجزائر خلال جولته المتوسطية المقررة في الخريف المقبل.

مُتعلقًا بشخصية القديس أوغستين، أبدى البابا ليو الرابع عشر رغبةً في زيارة عنابة، حيث تُوجد الكنيسة المُخصصة لأسقف هيبون، وكذلك مسقط رأسه سوق أهراس. كما قدّم نفسه على أنه “ابن القديس أوغستين” في رسالة موجهة إلى الرئيس تبون في مارس الماضي، مُعربًا عن رغبته في زيارة الجزائر.

وتندرج الزيارة البابوية المقررة في إطار ديناميكية الاعتراف بالتراث الأوغستيني والدور الذي يُمكن أن تلعبه الجزائر كحلقة وصل بين الثقافات والأديان.

وبعيدا عن الجانب البروتوكولي الذي ميّز زيارة الرئيس تبون للفاتيكان، يجب الأخذ بعين الاعتبار المستوى الدبلوماسي الرفيع، وقبل كل شيء الحضاري، الذي يضع أعداء الجزائر في موقف دفاعي.

فالرسالة التي بعثتها الجزائر من خلال رئيسها تُحبط لا محالة مخططات الطبقة الاستعمارية الجديدة والصهيونية. كيف لا، وقد حاول كل هؤلاء، إلصاق تهمة معاداة السامية للجزائر ورئيسها، لأنهما رفضا الإملاءات الصهيونية والإبادة الجماعية للأطفال والنساء وكبار السن الفلسطينيين في قطاع غزة.

ولم تتوقف الجزائر منذ بداية هذه الإبادة الجماعية في أكتوبر 2023، مناشدة ضمير الإنسانية إزاء ما يحدث في غزة على مرأى ومسمع من العالم، مما جعلها في مواجهة غضب مجرمي الكيان الصهيوني المدعومين من الغرب وأدواته الدعائية وآلة الصناعة العسكرية، وقبل كل شيء صمت المجتمع الدولي.

ومن خلال هذه الرسالة، تسعى الجزائر إلى وضع حد لهذا الخلط والزيف الذي تُمارسه بعض المخابر الموالية للصهيونية والتي تُحول الفاعلين والأفعال المعادية للصهيونية إلى أفعال معادية للسامية.

جدير بالذكر، أنه بالسماح للمغني الفرنسي باتريك برويل بزيارة مسقط رأسه، تلمسان، فإن الجزائر بعيدة كل البعد عن كونها دولة معادية للسامية، كما تزعم بعض الجهات الصهيونية والاستعمارية الجديدة. إلا أن المغني الفرنسي لم يرتقِ إلى مستوى هذه البادرة الجزائرية، واستغل هذه الزيارة “الإنسانية” للانخراط في السياسة، بزيارة وهران والجزائر العاصمة، وإجراء مقابلة مع صحيفة فرنسية، حيث لم يتردد في تأكيد تأييده ودعمه لنظام الفصل العنصري الصهيوني.

على عكس روجر حنين، الذي دُفن في فبراير 2015 في الجزائر العاصمة، مسقط رأسه. وحمل هذا الأخير الجزائر في قلبه، على عكس إنريكو ماسياس، المعروف بغاستون غريناسيا، والمعروف بدوره المحوري في مجازر الجزائريين في قسنطينة خلال ثورة الفاتح نوفمبر 1954 المجيدة، والذي يُضاف إلى مشاركته كجندي في الجيش الصهيوني في حرب 1973.

واليوم، ومن خلال إبادة الفلسطينيين، نجح العالم في التمييز بين الصهيونية ومعاداة السامية. فمهاجمة الصهيونية أبعد ما تكون عن كونها عملاً معادياً للسامية. كما لا يُمكن اعتبار جزائر القديس أوغسطين والأمير عبد القادر وشهداء ثورة نوفمبر المباركة بأنها معادية للسامية.

في الختام، الإنسانية مدعوة أكثر من أي وقت مضى، إلى التحرر من أكاذيب الصهيونية لبناء عالم يسوده السلام، قائم على العدالة والتقدم والتسامح والعيش المشترك. والحديث قياس.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى