آخر الأخبار

أرقام قوية ورهانات كبرى… جلسة علنية لعرض مشروع مالية 2026 أمام مجلس الأمة

شرف الدين عبد النور

شهد مجلس الأمة اليوم الاثنين، جلسة علنية ترأسها عزوز ناصري رئيس المجلس، خُصصت لعرض ومناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، في ظرف اقتصادي وطني ودولي يطغى عليه طابع التحولات الكبرى. واستحوذت المؤشرات المالية الجديدة، إلى جانب التوجهات الاجتماعية التي أعلنها رئيس الجمهورية، على صدارة النقاش، بعدما أكد الحضور الحكومي أن المشروع يعكس مسارًا متصاعدًا في مسعى تعزيز النمو وتقليص العجز وضمان استمرارية الطابع الاجتماعي للدولة.

وافتتح ناصري الجلسة بالتأكيد على اعتزاز الجزائر بدورها في نصرة قضايا القارة الإفريقية، مستشهدًا بالمؤتمر الدولي حول تجريم الاستعمار في إفريقيا المنظم تحت رعاية رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. وأشاد في السياق ذاته بالقرارات الاجتماعية الهامة التي اتخذها الرئيس، خصوصًا الزيادات المقررة في الأجور ومنحة البطالة، معتبرًا إياها خطوات تاريخية لترسيخ العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة المواطنين.

وقدّم عبد الكريم بوالزرد، وزير المالية وممثل الحكومة، عرضًا مفصلًا أبرز فيه أن مشروع مالية 2026 واصل تدعيم البعد الاجتماعي للدولة بتخصيص نحو 6000 مليار دينار للتحويلات الاجتماعية، منها 420 مليار دينار لمنحة البطالة، و424 مليار دينار لدعم صندوق المعاشات، و656 مليار دينار لدعم أسعار المواد الأساسية. وأوضح أن المؤسسات العمومية التعليمية والصحية ستستفيد بدورها من جزء معتبر من هذه التحويلات في إطار تحسين الخدمات.

وأكد ممثل الحكومة أن الاقتصاد الوطني سجل خلال السنة الجارية منحنى تصاعديًا واضحًا، إذ بلغ الناتج الداخلي الخام في الثلاثي الأول 10047 مليار دينار مقابل 9300 مليار دينار العام الماضي بزيادة وصلت إلى 8 بالمائة. كما سجلت الإيرادات خلال السداسي الأول 5600 مليار دينار بارتفاع بلغ 1450 مليار دينار على أساس سنوي. وأوضح أن العجز المالي المتوقع نهاية 2025 سينخفض إلى حدود 4000 مليار دينار بدل 9200 مليار دينار، وهو ما اعتبره تحسنًا جوهريًا يعكس التحكم في النفقات وترشيد التسيير.

وتطرق الوزير إلى آفاق النمو، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الوطني سيحافظ خلال السنوات الثلاث المقبلة على منحنى يفوق المعدل العالمي بمعدل نمو يبلغ 4.1 بالمائة في 2026 و4.4 بالمائة في 2027 و4.5 بالمائة في 2028، مع نمو لافت خارج قطاع المحروقات يصل إلى 5 بالمائة بفعل أداء قطاعات الصناعة والفلاحة والبناء والخدمات. كما توقع أن تتجاوز إيرادات 2026 عتبة 8000 مليار دينار، في ظل معدلات نمو معتبرة للجباية خارج المحروقات.

واستعرض بوالزرد التدابير التشريعية الجديدة التي حملها المشروع، والتي شملت إجراءات تحفيزية للمؤسسات، وتخفيضات ضريبية موجهة للأسر، وتسهيلات لفائدة المؤسسات الناشئة وحاضنات الأعمال، فضلًا عن تشجيع القطاعات الإنتاجية مثل الصيد البحري وتربية المائيات والنقل. كما أشار إلى تعزيز الرقمنة في تسيير الإيرادات الجبائية، وتكثيف آليات مكافحة الفساد والتهرب الضريبي، انسجامًا مع الالتزامات الدولية للجزائر.

وعقب العرض، تلا حبيب نور الدين مقرر لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية التقرير التمهيدي للجنة، مؤكدًا أن المشروع يستجيب للرؤية الاقتصادية الشاملة للدولة رغم الإكراهات الدولية، ويقوم على توجيه الموارد نحو الأولويات التنموية وتحسين فعالية الإنفاق العمومي.

وبعد ذلك، عبّر أعضاء المجلس عن انشغالاتهم التي انصبت على تحسين القدرة الشرائية للمواطن، وتخفيض العجز، وتعزيز التحويلات الاجتماعية، وتطوير القطاعات المنتجة خارج المحروقات، وتشجيع الاستثمار، ومحاربة السوق الموازية للعملة، وتعزيز الرقمنة خاصة في قطاع المالية، واستكمال المشاريع المتوقفة، ورفع وتيرة الصادرات خارج المحروقات. كما طرحوا أسئلة حول نجاعة التدابير الجبائية والجمركية المدرجة في قانون المالية.

ومن المقرر أن يواصل مجلس الأمة مناقشة المشروع غدًا الثلاثاء قبل الاستماع إلى مواقف المجموعات البرلمانية الخمس، على أن يتم التصويت النهائي على نص القانون خلال الجلسة العلنية المقررة يوم الخميس 4 ديسمبر 2025.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى