الكاتبة المصرية سمر عبد العظيم لشرشال نيوز: “الجزائر بلد لها أهل أولو عزم ولكتّابها لغة بقوّة عزم أهلها”

في عالم الرواية والأدب، لا حدود للإبداع؛ طالما هناك قلم يكتب، وورق يحتضن الحروف، وأنامل من ذهب تسرد قصصاً من خيال أو واقع، فالإبداع مستمر. لكن وراء كل إبداع، هناك دافع خفي، يختلف من كاتب إلى آخر. لكل كاتب بصمته الخاصة؛ حرف ينبض بحب أو ألم، وحرف ينثر أملاً أو يعكس واقعاً مريراً، وحرف من نسج الخيال يأخذنا في رحلة إلى عوالم غير مألوفة.
وفي حوار لـ “شرشال نيوز”مع الدكتورة و الكاتبة المصرية سمر عبد العظيم، سننتقل إلى عالم آخر، عنوانه “رواية عابرون… عابرون”، رحلة أدبية خيالية تدور أحداثها على متن قطار، حيث تتلاقى الحكايات وتتشابك مصائر الشخصيات.
أولا مرحب بك دكتوره سمر عبد العظيم في هذا الحوار الخاص لـلجريدة الالكترونية شرشال نيوز، والذي من خلاله سنكتشف راوية “عابرون”. ولكن قبل الحديث عن الرواية و تفاصيلها، أود أن أسئلك حول بدايتك في عالم الكتابة وكيف كان انتقالك من عالم الطب الى عالم الأدب وهل مجال تخصصك انعكس بشكل أو أخر على كتباتك؟
أنا الحقيقة أكتب منذ الصغر ولي الكثير من المؤلفات الغير منشورة. هي هواية أجد فيها نفسي تماما كالتأمل والرياضة وغيرها. أحببت القراءة منذ نعومة أظافري وأجدت القراء والكتابة باللغتين العربية والإنجليزية على السواء. الكتابة والطب لم يفترقا بعد أن دخلت كلية الطب. بل تكاملا. هكذا أراهما دائما عالمين متكاملين يصنعان معا حياة مكتملة. أما عن تخصصي في الطب الشرعي فهو بالطبع له أثر كبير في كل كتاباتي. عالم الجريمة عالم غامض ومبهر في ذات الوقت. فيه شخصيات معقدة ومركبة وفهمها يتطلب ذكاءات خاصة. وجسد الإنسان كذلك ماهو الا رواية تبدأ بسؤال عن سبب الوفاة وتنكشف الحقائق حتى يصل الطبيب الشرعي الي جواب ينتظره. تماما كمثل الرواية الجيدة التي تفرد أحداثها بذكاء حتى تصل الى نقطة النهاية.
الطب الشرعي علم بحجم الحياة كلها ولا تخلو أعمالي من لمحات من هذا العلم الكبير دائما.
ثانيا- من بين الروايات التي أصبحت تجذب الجمهور العربي كثيرا في الآونة الأخيرة، نجد الروايات الخيالية “الرواية الفانتازية” ، وهو ما حدث في العديد من التظاهرة الثقافية الكبرى بالوطن العربي، كمعرض الكتاب الدولي بالجزائر في طبعته 27، أين شهدنا رواية “الخوف” للكاتب السعودي أسامة المسلم، صنعت الحدث، فهل يمكن أن نعرف من خلالك رواية “عابرون” أي تصنيف تأخذ؟
رواية عابرون رغم أنها لا تخلو من الفانتازيا الا أنها رواية واقعية جدا بها عنصر جريمة ولكن بها رحلة نفسية اجتماعية مكتملة لأبطالها حجمها بحجم الحياة كلها.
من الصعب تصنيف رواية عابرون لأنها تعبر عن رحلة تمثل الحياة بطولها وعرضها وكل ما فيها من حب وكره وخير وشر.
ثالثا – كم استغرقت في كتابة هذه الرواية وماهي أبرز التحديات التي واجهتك اثناء كتابتها؟
عابرون كتبت في حوالي سنة كاملة. وصعوبتها الحقيقة كانت في اقناع القارىء بالتطور الغير منطقي لعلاقات البشر علي القطار وأن يتقبل القارئ المعنى المركب لعنصر الوقت بالرواية. تطلب ذلك الكثير من التفكير والبناء السرمدي لبيئة الأحداث.
رابعا- لماذا اخترت القطار كمكان تدور فيه أحداث الرواية؟
القطار في الرواية له رمزية خاصة يعبر عن الحياة التي تسير بشكل ممنهج ومرسوم ومحكوم بقضبان في رحلة محكومة بالوقت. وجود الحزيمة على القطار هو تناول ليس بالجديد ولكن في رواية عابرون القطار ليس مجرد مكان للأحداث ولكنه بطل للأحداث نماما كأبطال الرواية.
خامسا – ما الرسالة التي أردت الدكتورة سمر عبد العظيم، تمريرها عبر “عابرون”؟
رواية عابرون تحكي حكاية الخوف الإنساني على اختلاف مسبباته. تتناول الرواية معاناة البشر ومخاوفهم المتعددة وطرف التعاطي مع هذا الخوف المختلفة. الرسالة من هذه الرواية ذكرت على لسان أحد أبطالها “ان أكثر ما يجب أن يخيفنا هو خوفنا نفسه”
سادسا- كسؤال أخير، الجزائر بلد غني بالكتاب و الأدباء المعروفين علي الساحة الأدبية العربية، مثل أحلام مستغانمي ووسيني الأعرج. برأيك، كيف يمكن للأدب الجزائري أن يسهم في تعزيز الحوار الثقافي بين الشعوب العربية؟ وهل هناك كاتب جزائري ألهمك أو أثر في مسارك الأدبي؟
أنا من محبي الملكة صاحبة “الأسود يليق بك” يمتعني حقيقة سرد الأستاذة أحلام مستغانمي و تطربني لغتها.
الجزائر بلد لها أهل أولو عزم ولكتابها لغة بقوة عزم أهلها.
الكتابة دون شك حين تكون ذات رسالة و تصبغها ألوان المجتمع الذي نشأت عنه فإنها دون شك تصبح رسالة تعارف تعبر الحدود المصطنعة بين البلدان وتقرب الثقافات.
حين قال أستاذ واسيني الأعرج
“عندما نكتب نتقاسم مع الناس بعض أوهامنا وهزائمنا”
لخّص فعل الكتابة في المشاركة وهكذا هي حقا ليست سوى مشاركة لمذاقات الحياة وروائح الثقافات.
حاورها: مهدي البارز