الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان يُشيد بالنقاشات البناءة التي ميّزت القمة الثانية “إفريقيا – الولايات المتحدة الأمريكية” (وثيقة)

أشاد الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان في كلمته خلال أشغال القمة الثانية “إفريقيا – الولايات المتحدة الأمريكية” بالنقاشات البناءة التي ميزت مختلف المواضيع التي تطرقت اليها القمة وثمّن نتائجها الأولية، وأكّد على ضرورة صياغة الحلول وفق مقاربة تعاونية وتشاركية من أجل تحقيق أهداف السلم والاستقرار والتنمية في إفريقيا، وبما يسمح بتعزيز التفاهم المتبادل والتنسيق والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك والتحديات التي تواجه عالمنا اليوم.
وفيما يلي الكلمة الكاملة التي ألقاها الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان خلال أشغال القمة الثانية “إفريقيا – الولايات المتحدة الأمريكية” المنعقدة بواشنطن من 13 – 15 ديسمبر 2022:
فخامة الرئيس جو بايدن،
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
السيدات والسادة،
أود في مستهل كلمتي أن أنقل إليكم تحيات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الذي كلفني بتمثيله في هذه القمة، التي يتابعها ببالغ الاهتمام ويتمنى لأشغالها كل النجاح والتوفيق.
كما أود أن أجزل الشكر لكم، فخامة الرئيس، ومن خلالكم إلى الإدارة الأمريكية، على مبادرتكم بتنظيم هذه القمة الهامة، وتسخير كافة الظروف الملائمة لإنجاحها، في سبيل تكريس وتعزيز التعاون بين إفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية.
السيد الرئيس،
السيدات والسادة،
لقد عرفت الشراكة الإفريقية-الأمريكية نقلة نوعية منذ القمة الأولى التي استضافها الولايات المتحدة الأمريكية، في أوت 2014، والتي تمحورت حول مواضيع هامة على غرار التجارة والاستثمار، والسلم والأمن والحوكمة.
وفي ذات الإطار، يتعين الإشادة بعديد المبادرات الأمريكية القيمة الموجهة أساسا إلى إفريقيا في مجالات التغذية والطاقة والتعليم العالي، بالإضافة إلى قانون النمو والفرص الإفريقية AGOA الذي مكن من تكثيف التبادل التجاري مع دول إفريقيا جنوب صحراء.
وعلى الصعيد السياسي، فإننا نسجل بارتياح الإرادة التي أبدتها السلطات الأمريكية في تكثيف التشاور السياسي مع الدول الإفريقية حول أبرز القضايا والمسائل الجهوية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
فخامة الرئيس،
السيدات والسادة،
نجتمع اليوم والعالم يواجه مخاطر وتحديات أمنية ومناخية وصحية واقتصادية، تهدد استقرار منظومة العلاقات الدولية وتستدعي التعاون والتشاور، ليس فقط على المستوى الثنائي، بل على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وفي هذا الصدد، يتعين أكثر من أي وقت مضى، أن نعمل سويا من أجل صياغة حلول حقيقية واستحداث آليات جديدة من شأنها اتقاء الأزمات الكامنة، وتسوية النزاعات، على أسس الشرعية الدولية، وفي إطار التوافق وتعددية الأطراف، بما يضمن حقوق ومصالح الجميع. ومن هذا المنطلق، فإن قمتنا هذه تمثل إطارا مناسبا لبحث السبل والآليات الكفيلة بمواجهة التحديات الراهنة.
أود أن أشير هنا، إلى أن القارة الإفريقية لا تزال تعاني من العديد من المخاطر، وعلى رأسها الإرهاب والتطرف العنيف وتأثيرات التغيرات المناخية التي ألحقت بالشعوب الإفريقية خسائر بشرية، وفقرا مدقعا وأزمات غذائية وصحية وملايين المهاجرين قسرا. إن هذا الوضع المقلق للغاية والذي يخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، يفرض علينا أن نظهر التزاما أكبر وتعاونا وثيقا لمواجهة هذه التحديات بشكل فعال.
ومن هذا المنطلق، تسعى الدول الأعضاء في الإتحاد الإفريقي، إلى ترقية التعاون والخطط القارية لمواجهة هذه التحديات والمخاطر.
ففيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وفضلا عن الصكوك القارية ذات الصلة، أنشأ الاتحاد الإفريقي آليات أمنية على غرار جهاز التعاون الشرطي AFRIPOL والمركز الإفريقي للدراسات والبحث حول الإرهاب CAERT اللتين تحتضنهما الجزائر.
وفي هذا الصدد، أغتنم هذه الفرصة لأبلغكم أن الجزائر، بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ستحتضن في الربيع المقبل ندوة حول مكافحة الإرهاب في إفريقيا.
أما بالنسبة للمجال المناخي، فإن مؤتمر المناخ السابع والعشرين للأمم المتحدة COP27 سمح بتسليط الضوء على المخاطر الجسيمة والدائمة التي يشكلها تغير المناخ على إفريقيا، على وجه الخصوص، حيث تم إبراز أهمية مساندة الدول الإفريقية من خلال بحث طرق أكثر ابتكارا لرفع الإستثمارات وتوفير الدعم المالي والفني للدول الأكثر تضررا حتى يتسنى لها الإسهام في الجهود الدولية في هذا الإطار.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تُعاني الدول الإفريقية من مشاكل تنموية معقدة، تُضاعفها مشكلة الديون المترتبة عليها، والتي تشكل عائقا لجهودها التنموية، بما يحملنا على التفكير سويا في سبل تخطي هذه الإشكالية وتحرير الاقتصادات الإفريقية من قيود المديونية.
وهنا، يمكن أن نضع على رأس أولوياتنا المشتركة دعم الدول الإفريقية عن طريق ضخ استثمارات فعالة وناجعة تتماشى وخططها التنموية الوطنية، لاسيما في مجالات المنشآت القاعدية، والفلاحة والطاقة والمناجم، والصناعات التحويلية، مع مواءمة الجهود المسخرة في هذه الميادين مع أهداف الاندماج القاري، وتطلعات أجندة الاتحاد الإفريقي 2063.
كما يتعين أيضا التركيز على نقل الخبرة والتكنولوجيا بما يُسهم في إرساء بيئة اقتصادية جديدة ملائمة للابتكار وخلق الثروة ومناصب الشغل لامتصاص البطالة التي تعرف معدلاتها في الدول الإفريقية مستويات مقلقة.
وهنا، أود أن أشيد بعديد المبادرات التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن، في كلمته أمام منتدى الأعمال الإفريقي الأمريكي، والتي يتعين العمل على تجسيدها وفقا لرزنامة محددة.
فخامة الرئيس،
السيدات والسادة،
إن الجزائر، الفخورة بانتمائها الإفريقي، طالما وضعت مصالح القارة الإفريقية ودولها والإتحاد الإفريقي ضمن أبرز أولوياتها. ومن هذا المنطلق، وعلاوة على تضامنها الفعال مع الدول الإفريقية، إنخرطت الجزائر وساهمت في تجسيد كل المبادرات الرامية إلى تعزيز الإندماج القاري، وتسعى بمعية أشقائها على تشجيع عوامل التكامل الإقتصادي والتنمية المندمجة بغية تحقيق الرخاء المشترك وبلوغ أهداف التنمية المستدامة وتعزيز دعائم السلم والأمن في إفريقيا.
كما أن الجزائر، قناعة منها بالمصير المشترك الذي يربطها بأشقاءها الأفارقة، تتصور مشاريعها الوطنية وخططها التنموية وفق رؤية اندماجية، على غرار الطريق العابر للصحراء ومشروع الألياف البصرية وأنبوب الغاز، وهي منشآت تربط الجزائر بنيجيريا، وتتفرع إلى دول الجوار، فضلا عن مشروع طريق بين الجزائر وموريتانيا، يصل الجزائر بغرب إفريقيا، بما يعزز التكامل والاندماج في المنطقة، ويسهم في تعزيز حركية التنمية ويقلل من وطأة مخاطر الفقر ويحد من الهجرة غير الشرعية.
كما تساهم الجزائر في جهود التنمية في إفريقيا على الصعيد الثنائي، لاسيما من خلال تكوين رأس المال البشري في شتى المجالات، والعديد من المبادرات التضامنية وأشكال التعاون المثمر مع الدول الإفريقية وبالأخص دول الجوار.
فخامة الرئيس،
السيدات والسادة،
إن الجزائر تشيد بالأهمية التي تم إيلاؤها خلال قمتنا هذه لعديد المسائل الجوهرية، لاسيما أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 وتحدي الأمن الغذائي.
حيث أحرزت بلادي تقدما كبيرا في تجسيد هذه الأجندة على الصعيد الوطني، وهو ما يعكسه التقييم العالِي الذي تلى تقديم التقريرَيْن الوطنيَيْن الأول والثاني، واللذَيْن سمحا بإبراز ما نفذته الجزائر من تدابير وطنية هامة في سبيل المساهمة في تجسيد الأجندة القارية.
وفيما يخص تحدي الأمن الغذائي الذي يشكل أولوية وطنية، فقد أشادت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بالتقدم الذي أحرزته الجزائر، لاسيما من خلال تطوير وتكثيف الإنتاج وتحسين نوعيته، وترشيد الأنماط الاستهلاكية وتسيير فعال ومستدام للموارد، وذلك بالرغم من السياق السلبي الذي فرضته تداعيات جائحة كورونا.
وفي الأخير، أود أن شيد بالنقاشات البناءة التي ميزت مختلف المواضيع التي تطرقت اليها قمتنا هذه وأن أثمن نتائجها الأولية، بما يضع بين أيدينا رؤية صائبة حول الحلول التي ينبغي علينا صياغتها وفق مقاربة تعاونية وتشاركية من أجل تحقيق أهداف السلم والاستقرار والتنمية في إفريقيا، وبما يسمح لنا بتعزيز التفاهم المتبادل والتنسيق والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك والتحديات التي تواجه عالمنا اليوم.
أشكركم على حسن الإصغاء.