ڨوجيل يدعو لوحدة الموقف العربي ودعم القضية الفلسطينية

دعا رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، اليوم، خلال أشغال المؤتمر الثامن والثلاثين للاتحاد البرلماني العربي، بالجزائر العاصمة، إلى وحدة الموقف العربي لمواجهة التحديات الراهنة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

هذا ورحّب ڨوجيل في كلمته التي القاها نيابة عنه، ساعد عروس، رئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي وعضو اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي، بالمشاركين في “أرض الشهداء”، مؤكداً اعتزاز الجزائر باستضافة هذا الحدث البرلماني العربي الهام، في سياق إقليمي ودولي بالغ الحساسية. وأعرب عن أسفه للتصعيد المتواصل ضد دول وشعوب المنطقة، مشيراً إلى تراجع الشرعية الدولية وهيمنة منطق القوة والازدواجية في المعايير.

وخصص رئيس مجلس الأمة حيزاً واسعاً من كلمته للحديث عن القضية الفلسطينية، التي وصفها بـ”القضية المركزية للأمة”، مؤكداً أنها تتعرض لمحاولات تصفية ممنهجة وفرض حلول مجحفة تتنافى مع مقررات الشرعية الدولية. وشدد على موقف الجزائر الثابت والدائم في دعم الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى الجهود التي تقودها الدبلوماسية الجزائرية تحت إشراف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لوقف العدوان ودعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

ودعا قوجيل إلى تفعيل اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي رعته الجزائر، مجدداً التأكيد على أن الوحدة هي السلاح الأنجع لمواجهة المؤامرات وتحديات المرحلة، مستلهماً من تجربة الثورة الجزائرية التي انتصرت على الاستعمار الفرنسي بوحدة الشعب والتفافه حول هدف الاستقلال.

كما أبرز أهمية العمل البرلماني العربي في حشد الدعم الدولي للقضايا العادلة، داعياً إلى استخدام أدوات الدبلوماسية البرلمانية لمواجهة “الخبث الناعم” ومحاولات تزييف الحقائق، رغم الطبيعة غير الملزمة لقرارات الاتحادات البرلمانية.

وفي ختام كلمته، أكد رئيس مجلس الأمة على ضرورة تحصين الأمن القومي العربي وتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني بين الدول العربية، مشيراً إلى النهضة الاقتصادية التي تشهدها الجزائر بقيادة الرئيس تبون، والتي تهدف إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي الكامل.

شرف الدين عبد النور

النص الكامل لكلمة صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة أمام المؤتمر الثامن والثلاثين للاتحاد البرلماني العربي (ألقاها نيابة عنه: ساعد عروس رئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي وعضو اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي)

“بسم الله والصلاة والسلام على اشرف المرسلين

السيد إبراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الوطني، رئيس الاتحاد البرلماني العربي

السادة رؤساء البرلمانات والمجالس النيابية العربية،

السيدات والسادة أعضاء البرلمانات العربية،

السيد الأمين العام للاتحاد البرلماني العربي،

السيدات والسادة ضيوفنا الاكارم،

الحضور الكريم،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السيدات و السادة الافاضل،

يشرفني المشاركة في المؤتمر الثامن والثلاثين للاتحاد البرلماني العربي، ممثلا للمجاهد السيد صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة.. أبلغكم تحياته وتمنياته لكم بالنجاح والتوفيق، وهو يتوجه إليكم بكلمة كلفني بتلاوتها نيابة عنه، هذا نصها:

“أود بداية أن أرحب برؤساء وأعضاء البرلمانات العربية الشقيقة، في الجزائر التي تعتز باحتضانها المؤتمر الـ 38 للاتحاد البرلماني العربي، وكل مبادرة من شأنها تعزيز التعاون العربي المشترك بكل أبعاده الرسمية والشعبية.. كما أعبر عن عميق الامتنان لاختيار أرض الشهداء وجهة للبرلمانيين العرب من أجل تباحث أمهات القضايا العربية، وذلك في ظرف إقليمي ودولي غاية في الخصوصية والتوتر والخطورة، تحفه التهديدات والانتهاكات ضد دول وشعوب المنطقة بشكل هستيري غير مسبوق..

 ينعقد المؤتمر السنوي للاتحاد البرلماني العربي وسط بيئة عالمية غريبة المعالم غزيرة المظالم، تتراجع فيها مواثيق الشرعية الدولية لصالح القوة وازدواجية المعايير، وتداس القوانين الإنسانية حتى عاثت القوى الاستعمارية إبادة وفسادا واستبدادا وخرقا لحقوق الإنسان والشعوب، وتزداد كل يوم تجرءا على إرث البشرية من قيم العدل والحرية والسلام، لاسيما في المنطقة العربية لكونها الحلقة الأكثر ضعفا وتشتتا وهشاشة ضمن المنظومة الدولية المريضة…

إنه لمن المؤسف أن نقر بخطورة المنعرج الذي تمر به الأمة العربية من خلال المحاولات المستميتة والممنهجة لتصفية قضيتها المركزية فلسطين، وفرض حلول إقصائية مجحفة، تقضي على ما تبقى من فرص حقيقية ومنصفة لإنهاء الصراع وهي تجسيد حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وفق ما تنص عليه قوانين الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية،.. ومن المحزن أن نشهد انتشارا مدروسا لتصورات أحادية وبدائل غير مسؤولة وأوهاما استيطانية للاحتلال الصهيوني وداعميه من ورثة المحتلين الأوائل، تسعى إلى تمييع المشروع الوطني الفلسطيني، والتراجع عن مبدأ الأرض مقابل السلام، واستبداله بوهم التوطين مقابل الوصاية،..

السيدات و السادة الافاضل،

هذه التحولات الدولية والإقليمية المتسارعة السائرة نحو إشاعة قانون الغاب، وتأجيج الصراعات والترويج لسيادة القوة واللاقانون، هي مرحلة تاريخية مخيفة، يتغذى صانعوها على الفتن والتفرقة وتشتت الرؤى والجهود، وعلى تباين المواقف والمصالح، وتهدد بعبثيتها ليس الأمن القومي العربي فحسب، بل وجود الأمة العربية في حد ذاته كهوية وأرض وحضارة وتاريخ…

لذلك لا نكل في الجزائر من الدعوة إلى وحدة الموقف العربي تجاه قضايا الأمة العربية، ووحدة العمل العربي من أجل خدمة مصالحها وحماية مكتسباتها، ووحدة التصور العربي للحلول في مواجهة هذا الكم الهائل من التحديات والتصدعات والأزمات… تقديسنا في الجزائر للوحدة كأداة محورية من أدوات النصر نابع من تجربتنا التاريخية التي تعرفونها جميعا،.. فقد انتصرنا على الاستعمار الاستيطاني الفرنسي بقوة الوحدة التي دعا إليها بيان أول نوفمبر 54.. التأم الشعب الجزائري خلف هدف واحد هو الاستقلال الكامل، وانصهرت كل انتماءاته السياسية والحزبية لتشكل انتماء واحدا للوطن..أحدثكم من واقع تجربة حقيقية عشتها شخصيا بصفتي مجاهد من الرعيل الأول.. لقد واجهنا كل المخططات الشيطانية للاستعمار الاستيطاني الفرنسي بقوة الوحدة والوعي الشعبي الكامل بخطط التفرقة التي انتهجتها سلطاته بخبث ناعم… وقد شكل هذا الوعي واحدا من أهم مسببات النصر الذي حققته ثورتنا المجيدة..

ومن هذا المنطلق، نرى من واجبنا الدائم تذكير أشقائنا وأصدقائنا بعصارة التجربة الثورية الجزائرية التي قامت على الوحدة واليقظة لكل الممارسات التي تستهدفها، ومنه أيضا رعت بلادي بإشراف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، اتفاق الوحدة والمصالحة الوطنية الفلسطينية، وطالما دعت إلى تفعيله وإعادة توجيه التركيز على الهدف الأوحد للنضال والكفاح من أجل الحرية والاستقلال، لاسيما بعد تصعيد العدوان الدموي الصهيوني في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وارتكابه لإبادة جماعية مريعة لم تفرق بين الفصائل، بل وحدت الجميع تحت القصف والردم والأنقاض..

السيدات و السادة الافاضل،

إن القضية الفلسطينية بالنسبة إلينا في الجزائر هي قضية وطنية، يسري عليها ما يرسي على وطننا الغالي الذي استعدناه بعد 130 عاما من المآسي.. دعمنا للشعب الفلسطيني ثابت ودائم وغير مشروط، وصوته هو صوت الدبلوماسية الوطنية في كل المنابر الإقليمية والدولية، وحقوقه المشروعة هي مطلبنا وركيزة مرافعاتنا، ودعم قضيته هو بوصلتنا في تحديد نوعية علاقاتنا، وحافزا لمواصلة المطالبة بإصلاح المنظومة الأممية حتى يستقيم مجلس الأمن الدولي ويعالج اختلالاته التي تعيق تحقيق الغاية منه، وتحوله إلى مجلس لتبرير الجريمة وإشاعة اللاأمن في العالم..

وفي هذا السياق، أحيي المساندة العربية للجهود التي بذلتها الدبلوماسية الجزائرية بتوجيه وإشراف من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، منذ تولي الجزائر عضوية مجلس الأمن الدولي، من أجل وقف نزيف الدم في فلسطين الجريحة، ودحض بدائل الحلول الصهيونية للقضية، ومن أجل تمكين فلسطين من عضوية كاملة في الأمم المتحدة…

علينا مواصلة التوافق والتعاون والتنسيق حتى بلوغ الغاية… وفي هذا، يبرز دور البرلمانيين العرب في حشد الدعم الدولي لنصرة القضية الفلسطينية وكل القضايا العادلة في المنطقة العربية،.. للبرلمانات هامش تحرك واسع يتيح لها استثمار آليات الدبلوماسية البرلمانية لكشف الحقائق وحث برلمانيي العالم للعمل برسالة البرلمانات النبيلة التي تؤيد حق الشعوب في الحرية والكرامة وتقرير المصير، وترفض المداهنة والانسياق خلف الانتهازية لتحقيق أرباح ومصالح على أشلاء الأبرياء… وفي هذا الإطار، أحيي العمل المنظم الذي يقوم به الاتحاد البرلماني العربي في الاتحادات البرلمانية الإقليمية والدولية من أجل القضية الفلسطينية وكل ما يخدم مصالح الأمة في كافة المجالات…

قد يبدو العمل البرلماني ضئيل الفاعلية بالنظر إلى طبيعة القرارات غير الملزمة للاتحادات البرلمانية، مما قد يحد من عزيمة البرلمانيين،.. لكن الأمر أعمق من ذلك.. فللعمل البرلماني تأثير يواجه الخبث الناعم ومؤامراته المدلسة للحقيقة… ستبقى القضايا العادلة حية مادام ممثلو الشعوب محافظين على شعلة الحق رافضين لتدنيس الاتحادات البرلمانية بعضوية المحتلين،.. البرلمانيون يشيرون مباشرة إلى الزيف ويعكسون اتساق الموقف مع التطورات الحاصلة ويجسدون التوافق الغائب المنشود، كما يطرحون مقاربات من رحم معاناة الشعوب فلا يمكن أن يكون تأثيرهم إلا نافعا ولو بعد حين…

السيدات و السادة الافاضل،

لقد طغت قضية فلسطين على اهتماماتنا وترأست أولوياتنا في كل اجتماعاتنا ومؤتمراتنا،.. فهي تحد عظيم نُختبر فيه جميعا، وسط تحديات سياسية واقتصادية وأمنية وتنموية وبيئية عديدة، نسعد بالتعاون العربي -العربي لمواجهتها ضمن أطر التعاون والتكتل القائمة… فتحصين اقتصاداتنا وتعزيز أمننا وتقوية اللحمة الداخلية في أوطاننا هو أداة أخرى لنصرة قضايانا دون ضغوطات ولا مساومة على شرف المواقف.. هذه مقاربتنا في الجزائر الجديدة المنتصرة على الضعف والتبعية والاستغلال، والمراكمة للانتصارات عبر سد كل الثغرات التي قد تتسلل منها الكولونيالية الجديدة… لقد باشرت الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون نهضة اقتصادية شاملة دون مديونية خارجية، وتستكمل بكل عزم تحولا اقتصاديا نوعيا بكفاءات وطنية، وذلك من أجل تحقيق استقلال اقتصادي كامل يليق باستقلالها السياسي، فيكمله بالسيادة ويجمله بالريادة وباستقلالية القرار وحرية الخيار…

إن كل الوسائل وأدوات صناعة النصر واجب علينا الاستعانة بها في مواجهة الخطر الوجودي الذي يداهم الأمة العربية بتاريخها العريق وأراضيها وهويتها ومقدراتها وثرواتها واتساق شعوبها.. أولى هذه الأدوات توحيد المواقف وتوحيد تشخيص العدو المشترك.. إنه خطر مفروض علينا وعلينا نحن أن نفرض طرق الخلاص بعيدا عن حسابات المصالح الضيقة،.. إنها معركة بقاء شعارها “نكون أو لا نكون”، ولن يُكتب لنا فيها النصر إلا بتقدير عمقها كأزمة وجودية شرسة تستهدف الجميع. . .

المجد و الخلود لشهدائنا الابرار و عاشت الامة العربية حرة ، ابية ،سيدة، سامقة و منتصرة. . .

“شكرا لكم على كرم الاصغاء”

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى