ياسين وليد يدعو إلى نقاش جاد لتطوير منظومة التكوين المهني في الجزائر لتتوافق مع احتياجات سوق العمل
قال ياسين وليد، وزير التكوين والتعليم المهنيين، اليوم السبت، في كلمته خلال افتتاح الجلسات الوطنية لإصلاح التكوين المهني، بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، أن منظومة التكوين المهني في الجزائر هي ركيزة أساسية لدعم سوق العمل، حيث تضم أكثر من 1,200 مؤسسة تكوينية وأكثر من 700 مؤسسة خاصة، تستقبل سنوياً أكثر من 600 ألف متدرب ومتدربة.
وأكد الوزير في ذات السياق، أنه وبالرغم هذه الأرقام، مازال التحدي الأكبر يكمن في تحسين نسب الإدماج المهني، التي لا تتجاوز 40% في بعض التخصصات، داعيا إلى ضرورة عقد نقاش جاد حول كيفية تطوير هذه المنظومة، لتكون أكثر توافقاً مع احتياجات سوق العمل المحلي والعالمي.
شرف الدين عبد النور
النص الكامل لكلمة ياسين وليد، وزير التكوين والتعليم المهنيين في افتتاح الجلسات الوطنية لإصلاح التكوين المهني
“السيدات والسادة الحضور الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أرحب بكم جميعاً في هذا الحدث الإستثنائي، الذي يجمعنا اليوم تحت عنوان “الجلسات الوطنية لإصلاح التكوين المهني”، تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون.
اليوم، نلتقي من أجل الحوار، لنسلط الضوء على التحديات التي يواجهها قطاع التكوين المهني في الجزائر، ولنتعاون على إيجاد حلول فعالة تساهم في تطوير هذا القطاع الحيوي، و تأتي هذه الجلسات بعد قرابة 20 سنة من تنظيم ٱخر جلسات لإصلاح التكوين المهني.
منظومة التكوين المهني في الجزائر هي ركيزة أساسية لدعم سوق العمل، حيث تضم أكثر من 1,200 مؤسسة تكوينية و أكثر من 700 مؤسسة خاصة، تستقبل سنوياً أكثر من 600 ألف متدرب ومتدربة. ورغم هذه الأرقام، ما زال التحدي الأكبر يكمن في تحسين نسب الإدماج المهني، التي لا تتجاوز 40% في بعض التخصصات. لذا، نحتاج اليوم إلى نقاش جاد حول كيفية تطوير هذه المنظومة، لتكون أكثر توافقاً مع احتياجات السوق المحلي والعالمي.
السيدات والسادة
نعيش في وقت يشهد فيه سوق العمل تحولات كبيرة بفعل التقدم التكنولوجي المتسارع. الوظائف تتغير، والمهارات المطلوبة تتطور بسرعة. في ظل هذه التغيرات، لا يكفي أن نعلم شبابنا المهارات التقليدية، بل يجب أن نواكب التوجهات الجديدة في عالم الشغل. وفقاً لتقرير منظمة العمل الدولية، فإن 60% من الوظائف المستقبلية في العالم ستتطلب مهارات تكنولوجية ومهنية جديدة، وهو ما يتطلب تطوير وتحديث أنظمة التكوين المهني في جميع الدول.
على المستوى العالمي، نرى أن الدول التي استثمرت في التكوين المهني سجلت معدلات بطالة منخفضة، وحققت استقراراً اقتصادياً أكبر. في ألمانيا مثلاً، يُعتبر التكوين المهني أحد أعمدة النظام الاقتصادي، حيث يساهم في خفض نسب البطالة إلى أقل من 5%. وفي دول آسيوية مثل كوريا الجنوبية، ساعد التركيز على التكوين في مجالات التكنولوجيا والصناعات المتقدمة على تحقيق نسب إدماج عالية جدا.
في الجزائر كما في العديد من الدول، يتعين علينا مواجهة هذه التحديات العالمية وتحويلها إلى فرص من خلال تحسين نظام التكوين المهني ليتماشى مع احتياجات سوق العمل المعاصر. ومن أجل ضمان النجاح في هذه التحولات، أصبح من الضروري الاعتماد على البيانات والتحليل الإحصائي في اتخاذ القرارات ووضع السياسات العامة. في عصر المعلومات، أصبحت القرارات المدعومة بالبيانات (data-driven decisions) هي الأكثر فاعلية، حيث تساهم في توجيه الموارد إلى المجالات الأكثر احتياجاً، وتساهم في تحسين فعالية السياسات العامة. من خلال الاعتماد على البيانات، يمكننا تحديد فجوات المهارات بشكل دقيق، وتوجيه البرامج التكوينية بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل الفعلي
السيدات والسادة
نحن اليوم أمام تحديات تتطلب منا إعادة التفكير في منظومتنا التكوينية لمواكبة المتغيرات السريعة. وسنعمل خلال هذا الملتقى على مناقشة هذه التحديات من خلال ثماني ورشات عمل محورية:
الورشة الأولى ستبحث كيفية مواءمة التكوين المهني مع احتياجات سوق العمل وتحسين قابلية التوظيف. فالتقارير تشير إلى وجود نقص في المهارات في أكثر من 50% من الوظائف في السوق المحلية.
الورشة الثانية ستتناول تحسين جودة التكوين والهندسة البيداغوجية، حيث نطمح إلى توحيد المعايير الوطنية بما يضمن جودة مخرجات التكوين.
الورشة الثالثة ستناقش تعزيز ريادة الأعمال وتشجيع العمل الحر، في ظل توجه الجزائر أكثر من أي وقت مضى نحو تشجيع المبادرة الفردية، و ريادة الأعمال، و التوظيف الذاتي.
الورشة الرابعة ستُخصص لبحث التحول الرقمي في قطاع التكوين المهني، حيث نعتزم تحقيق التحول الرقمي، و أحد أول الأهداف التي سطرناها هي أن يكون الدخول التكويني لشهر فيفري بدون ورق.
الورشة الخامسة ستناقش إصلاح الإطار القانوني والتنظيمي، لضمان حكامة أفضل وإجراءات أكثر مرونة.
الورشة السادسة ستركز على تحسين ظروف التكوين ووضع معايير جودة للمؤسسات التكوينية.
الورشة السابعة ستبحث إمكانية إدماج البكالوريا المهنية في النظام التربوي، لتقديم خيارات تعليمية أكثر تنوعاً لشبابنا.
وأخيراً، الورشة الثامنة ستتطرق إلى تشجيع المؤسسات الخاصة للتكوين، و ترقية التكوين المتواصل ، حيث أن أقل من 10% من القوى العاملة تستفيد حالياً من فرص التكوين المستمر .
السيدات والسادة،
نحن أمام فرصة حقيقية لتحويل قطاع التكوين المهني ليصبح محركاً أساسياً للاقتصاد الوطني. التحديات كبيرة، لكن إذا عملنا معاً، ووضعنا الخطط الاستراتيجية الصحيحة، نستطيع أن نخلق فرصاً أفضل لشبابنا، وندعم النمو المستدام لاقتصادنا.
شكراً لكل من ساهم في تنظيم هذا الحدث، وأتطلع إلى نقاشات مثمرة وتوصيات بنّاءة من ورشات العمل التي ستعقد. دعونا نستغل هذا الملتقى للبحث عن حلول مبتكرة تساهم في بناء مستقبل أفضل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.