من لشبونة إلى موسكو.. مخزن المغرب يتداوى بأبواق تنفخ في الريح

ألقت زيارة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى البرتغال بشوكة أخرى في حلق المخزن، فأصيب إعلامه بالبكم، غير أنّه راح يستبق الزيارة المرتقبة إلى موسكو ليطلع بقراءات تَنمّ عن تخوّف عميق في مسار الجزائر الدولي وعلاقاتها بدول العالم الجديد متعدّد الأقطاب.
وحاولت بعض المصادر الإعلامية للمخزن أن تفسّر دعوة فلاديمير بوتين الرئيس عبد المجيد تبون لزيارة موسكو بسعي الرئيس الروسي إلى “فكّ عزلته الدولية”، بينما تناست أنّ بوتين استقبل قبل أقل من شهرين الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي قام بزيارة دولة ذات أبعاد استراتيجية دامت 3 أيام، وأربكت الغرب خوفا من هذا التقارب الذي يشكّل نظره جديدة على مستقبل العلاقات الدولية والتوازنات الجيوسياسية.
وإن كانت زيارة الرئيس تبون إلى موسكو تندرج ضمن العلاقات التقليدية بين الجزائر وروسيا منذ عهد الاتحاد السوفياتي، إنّما هي أيضا تعزيز لهذه العلاقة في مرحلة حساسة يشهد فيها العالم حركية غير مسبوقة، ويُعاد ترتيب أوراقه من طرف قوى لم تساهم في الخراب والتدمير الذي طال بلدان عديدة، وتُعدّ الجزائر من ضمن هذه القوى التي ستلعب دورا هاما.
وأطبق إعلام المخزن على زيارة الرئيس تبون إلى البرتغال التي تفاجأ بها، كخطوة ديبلوماسية تُعيد الحسابات لجنوب غرب أوروبا بعد قطيعة الجزائر مع اسبانيا بسبب إخلال الأخيرة بالتزاماتها التاريخية مع مستعمرة سابقة تُشكّل بؤرة للتوتّر في الضفة الجنوبية الغربية للمتوسط لسماحها باستبدال استعمار باستعمار آخر لقهر شعب مضطهد ونهب ثرواته بتواطؤ دولي مبني على مصالح ضيّقة.
واستنجدت بعض وسائل إعلام المخزن بجامعيين مأجورين ذهب أحدهم يقدّم نفسه على أنّه خبير دولي في العلاقات الدولية إلى القول بخصوص زيارة رئيس الجمهورية المرتقبة إلى روسيا الاتحادية “الزيارة تأكيد على فشل الحملة الإعلامية التي تبنّتها الجزائر ضد المغرب، حيث تسعى الجزائر من خلال كل هذه الخطوات للتشويش أو الضغط على المغرب، خاصة في ملف قضية الوحدة الترابية”.
تصريح غريب يَنمّ عن وضع صعب للغاية يعيشه المخزن، حيث أصبح يستمدّ وجوده من التحرّك الجزائري على الصعيد الدولي، تماما كما يحاول أن يستنشق بعض جرعات الأكسجين من أيّ مشكل اجتماعي داخل الجزائر، حتى ولو كان ازدحام في طابور بسوق شعبي ببلدية نائية في أعماق الجزائر.
ليس الأهم هنا الردّ بالقراءات المسبقة للزيارة المرتقبة للرئيس تبون إلى روسيا، فالبّلَدان سيّدان والرئيسان سيّدان حتى وإن كان الغرض منها هو تناول فنجان قهوة في إحدى مقاهي ساحات موسكو، فاهتمام صحافة المخزن مُلفتة بشكل يدعو إلى تأكيد فشل الديبلوماسية المغربية بعد غياب الملك عن أيّ نشاط دولي منذ فترة طويلة، طبعها غيابه عن الدورة 31 و32 لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة بالجزائر العاصمة وجدّة على التوالي، واقتصر النشاط على الصفعات التي يتلقاها تباعا وزير خارجية المخزن بوريطة والفضائح المتتالية التي تُعرّي ممارساته غير الأخلاقية في العديد من المحافل والهيئات الإقليمية والدولية.
كما وضعت الأحداث المؤلمة التي عرفتها الأراضي المحتلة في فلسطين مؤخّرا، وتمادي الاحتلال الصهيوني في وحشيته، خصوصا أحداث المسجد الأقصى، العرش العلوي في ورطة بين هاته الأحداث ورئاسة ملكه الموسوم بـ”أمير المؤمنين” لجنة القدس، التي لم يتمكّن من رفع صوته سوى ببيان تملّق يدعو الاحتلال إلى تسوية سلمية، ما زاد المغرب ازدراءً لدى الشعوب العربية، وخصوصا لدى “شعبه العزيز” الذي أصبح يجني الشوك من سياسة التطبيع التي انتهجها المخزن، والتي لم تَزد “الشعب العزيز” إلا فقرا يتجلّى يوميا من خلال الاحتجاجات التي تفاقمت على كلّ أقاليم المغرب، بلغت في شرقه إلى محاولات تنظيم هجرات جماعية نحو الحدود الجزائرية بحثا عن رغيف خبز في حين تعكف الأبواق الإعلامية على التعتيم بصرف انتباهه عن بطنه وتوجيهه نحو كلّ ما هو “جزائر”.
حسان خروبي