ملك المغرب محمد السادس ينبطح أمام الكيان الصهـ ـيوني لإنقاذ العرش العلوي

باعتراف الملك محمد السادس بدولة الكيان الصهـ ـيوني ، واستعداده لإقامة علاقات دبلوماسية معه، كشف النظام الملكي بالمغرب عن بلوغه مرحلة الاحتضار، وعدم قدرته على مجابهة الحركية الاجتماعية للشعب المغربي، والوعي المتنامي للتخلّص من النظام الملكي البالي، فراح يبحث عن جرعة أكسجين جديدة لإطالة عمره المنقضي، فكانت الحقنة بأنامل خشنة من الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته.
إن المقايضة الخسيسة التي قام بها محمد السادس، لم ترهن القضية الفلسطينية مقابل اعتراف أمريكا بأحقيته على الصحراء الغربية مخالفةً للقانون الدولي فحسب إنما بِرَهن تطلعات الشعب المغربي بالاستمرار في قيادته بنَفَس أمريكو-الصهـ ـيوني جديد سيصبّ في رئة المغاربة كما فيروس كورونا وغيرها من الفيروسات الفتاكة. فالويلات الاجتماعية التي يتكبّدها المغاربة من الممارسات القمعية والقهر الاجتماعي للمخزن، ستزداد بمباركة الصهاينة الذين سيجدون هم أيضا في المغرب متنّفسا جديدا لممارسات هتك تقاليد وأخلاق الشعب المغربي بتنفيذ مخططاتهم ضد كلّ ما هو إسلامي وعربي.
ترامب يضمن صفقة القرن بأبخس الأثمان

الصحراء الغربية لا تشكّل اهتماما بالنسبة لأمريكا، سواء كانت مستقلة أم تابعة لدولة أخرى، فهي قادرة على ضمان حصّتها من المصالح والفرص المتوفّرة بهذه الأراضي، لذا فاعتراف ترامب لا يشكّل حدثا كبيرا بالنسبة لأمريكا، كما يمكن التراجع عنه بعد مغادرة ترامب للبيت الأبيض، فمباشرة بعد الإعلان عنه تعالت أصوات الرفض لهذا القرار من داخل أمريكا نفسها، حيث اعتبر عدد من السيناتورات الأمريكان أنّ الرئيس المنتهية ولايته داس على الشرعية الدولية التي تقرّ بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
غير أنّ مسعى الإعتراف العربي بالكيان الصهـ ـيوني وإقامة الدول العربية لعلاقات ديبلوماسية مع الكيان، يعدّ هدفا أساسيا لأمريكا في المرحلة الحالية تنفيذا لخطة صفقة القرن التي هرول نحوها عدد من الدول العربية المشرقية، وبتحقيق هذه الصفقة في المغرب العربي، تكون أمريكا قد حقّقت نصرا مُبينا لصالح الكيان الصهـ ـيوني ، مستغلة حالة الضعف التي يعيشها النظام الملكي في المغرب، الذي بلغ إلى حدّ خرق اتفاقية وقف إطلاق النار الموقّعة مع جبهة البليزاريو سنة 1991، من أجل استدارة الرأي العام المغربي وكذا إلهاء وإنهاك الجيش المغربي بعيدا عن القضايا المصيرية للشعب التي يعبث بها نظام المخزن وِفق أهواء لا تمتّ بصلة لكلّ أنظمة تسيير الدول الحديثة.
هرولة الإعلام المغربي نحو مباركة الخيانة

ولم يبخل الإعلام المغربي للهرولة لمباركة خيانة الملك للقضية الفلسطينية، بإدارة ظهره نحو الجنوب، لتثمين “النصر” الذي منحه إياهم الرئيس الأمريكي، حيث شنّت الصحف المغربية حملة ترويج كبيرة لهذا الحدث، وكأنها تكتشف القضية لأول مرة، للتغطية عن خيانة القضية الفلسطينية، في حين اعتبرت بعضها أنّ التطبيع مع الكيان الصهـ ـيوني هو عرفانا باليهود المغاربة البالغ عددهم أكثر من 700 ألف، الذين لم يقطعوا علاقتهم بوطنهم الأم “المغرب”، ويعدّ هذا التبرير الذي ذهبت إليه بعض وسائل الإعلام المغربية في منتهى الخطورة، بل هو تأشيرة مجانية لغزو يهودي جديد على المغرب، قد يمنح هؤلاء حتى الحق في استرجاع ممتلكات أسلافهم، والمساس بالنسيج الاجتماعي المغربي.
سبتة ومليلية شوكة في حلق العرش الملكي

لا يزال فريق كبير من النشطاء بالمغرب يطالبون دون هوادة بتحرير سبتة ومليلية والثغور المحتلة من الاستعمار الاسباني. كما أنّ الشعب المغربي برمّته لم يتنازل عن هذا الجزء المتوسطي من أراضيه، إلا أنّ القصر الملكي يظلّ جبانا عن الالتفات إلى هذا التراب المغربي الخالص، في وقت يتمسّك به بالصحراء التي استرجعها مواطنوها من قبضة الاستعمار في وقت كانت المملكة تنعم بالاستقلال الممنوح في حدود لم تكن تضمّ هذا الجزء من الصحراء، لتستفيق بعد أن هبّ الصحراويون لبناء دولتهم المستقلة، في محاولة لضمّها إلى أراضيها بشتّى الطرق، أدّت بنظام العرش وهو في آخر نَفَسه إلى خيانة القضية الفلسطينية لخدمة هذا الهدف واستدراك ذاته بحقنة أمريكية ستَغرِس في الجسد المغربي آفة الصهـ ـيونية وما ينجرّ عنها من انبطاح على كل المستويات.
الجزائر … السيادة ورهانات المستقبل

بالنسبة للجزائر فالأمر لن يكون سهلا، رغم وضوح موقفها الداعم للشرعية الدولية، إلا أنّ هذه الشرعية ستصير أكثر تعقيدا جرّاء الموقف الأمريكي، الذي سيضع منظمة الأمم المتحدة أول ضحية لهذا الموقف المخالف لقراراتها حول قضية الصحراء الغربية. والجزائر لا يمكنها التنازل عن مواقفها الدولية ومساندتها لقضايا التحرّر في العالم وتصفية الاستعمار، إلا أنّ اصطفاف دول الخليج المُطبّعة مع الكيان الصهـ ـيوني إلى جنب أمريكا في المغرب سيفرض على الجزائر العودة إلى ما كانت عليه في سبيعنيات وثمنينيات القرن الماضي، غير أن المُتعب حاليا أنّ الحدود الشرقية والجنوبية ليست مثلما كانت عليه آنذاك.. كما أنّ التطبيع المغربي الصهـ ـيوني ، يضع الجزائر كقوة إقليمية وحيدة لم تدخل بيت الطاعة وتسعى للحفاظ على سيادتها، ما سيجعلها وِجهة دائمة للبرامج التخريبية للدوائر الغربية.
وكانت الجزائر قد أفصحت عن إدراكها لهذه التحديات من خلال افتتاحية مجلة الجيش في عددها الأخير لشهر ديسمبر، حيث كشف الجيش الوطني الشعبي عن قيام بعض الأطراف بتهديد أمن المنطقة، وهي تهديدات تعني الجزائر ولو بصورة غير مباشرة، ويتحتم عليها مواجهتها نظرا للالتزامات الإقليمية التي يفرضها دورها المحوري، ليكشف الملك المغربي محمد السادس أنّه الأكثر تهديدا لأمن المنطقة بمواقف جعلت الشعب المغربي ينحني ليس لتقبيل يدَه وإنما خجلا من مواقف ملك يستنجد بالكيان الصهـ ـيوني ليدافع عن نظام حكم يعود للقرون الوسطى…
حسان خروبي
