معرض IATF 2025 بالجزائر: حصيلة قياسية وصفقات استراتيجية ترسم ملامح اقتصاد إفريقي جديد

اختتمت بالجزائر فعاليات الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية IATF 2025، الذي جرى من 4 إلى 10 سبتمبر الجاري، مسجّلاً رقماً قياسياً في حجم الصفقات المبرمة بقيمة 48.3 مليار دولار، منها 11.4 مليار دولار للجزائر وحدها. وعكس المعرض الدور القيادي للجزائر في تعزيز التكامل الاقتصادي القاري، كونها حلقة وصل استراتيجية بين شمال إفريقيا وعمقها الجنوبي، ومساهماً أساسياً في الدفع بعجلة الاقتصاد الإفريقي نحو مزيد من الاستدامة والتنوع.
وركز المعرض على تجاوز الاعتماد التقليدي على قطاع المحروقات والانفتاح على قطاعات جديدة تشمل الصناعة التحويلية، الفلاحة، الطاقات المتجددة، والخدمات، ما يعكس توجه الجزائر نحو اقتصاد متنوع يسهم في تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية ويشكل نموذجاً يحتذى به في مسار التكامل الإفريقي.
أهمية المعرض للجزائر وإفريقيا
شكل هذا الحدث منصة استراتيجية سمحت للجزائر بتأكيد دورها كقوة اقتصادية رائدة ومرجعية في مجال التكامل القاري. وأتاح للدول المشاركة، وعددها 49 دولة، فرصة حقيقية لتوسيع المبادلات التجارية وتفعيل منطقة التجارة الحرة الإفريقية. كما استقطب المعرض 2148 عارضاً و60,650 زائراً، ما يعكس الإقبال الكبير على هذه المبادرة الاقتصادية القارية.
كما ساهمت الجزائر في تعزيز التكامل الاقتصادي القاري من خلال تيسير الحوار بين الدول الإفريقية وترويج مبادرات مشتركة في مجالات الصناعة والخدمات والبنية التحتية، ما يعكس التزامها بإنجاح مسار التكامل الاقتصادي الإفريقي ودعم إقامة شراكات متينة تعود بالنفع على كافة الدول المشاركة.
أما إفريقيا، فقد استفادت من المعرض كفضاء لإطلاق مشاريع مشتركة في مجالات الطاقة، الزراعة، والصناعة، بما يعزز استقلاليتها الاقتصادية ويقلل من تبعيتها للأسواق الخارجية، مترجماً إرادة سياسية واضحة لإرساء اقتصاد قائم على التكامل والتضامن بين الشعوب الإفريقية.
انعكاسات اقتصادية واستراتيجية
وسمح المعرض للجزائر بإبراز قدراتها الصناعية واللوجستية واستعدادها لتصدير منتجاتها نحو الأسواق الإفريقية، وفتح آفاق واسعة لخلق مناصب عمل جديدة، دعم الابتكار، وتعزيز تنافسية المنتجات الجزائرية. وعلى المستوى القاري، عزز المعرض روح التعاون الاقتصادي ووضع أسساً لشراكات استراتيجية قادرة على مواجهة التحديات العالمية.
إطلاق صندوق دعم المؤسسات الناشئة
بقرار من الرئيس عبد المجيد تبون، جرى خلال المعرض الإعلان عن الإطلاق الرسمي لصندوق تمويل المؤسسات الناشئة والشباب المبتكر على المستوى الإفريقي، بهدف مرافقة 30 مؤسسة مشاركة ودعم مشاريعها الابتكارية، في خطوة ترسخ التزام الجزائر بتشجيع الابتكار وتمكين الشباب من لعب دور قيادي في التنمية القارية.
توجه جديد واستراتيجية شاملة
وعكست فعاليات المعرض توجه الجزائر نحو قيادة مسار التحول الاقتصادي في إفريقيا من خلال رؤية شاملة تجمع بين دعم الصناعات الوطنية، تمكين المؤسسات الناشئة، وتعزيز الأمن الغذائي والطاقة، بما يسهم في ترسيخ نموذج اقتصادي مستدام وأكثر استقلالية وانفتاحاً على آفاق التنمية المستقبلية.
في المحصلة، لم يكن معرض التجارة البينية الإفريقية مجرد حدث اقتصادي عابر، بل محطة مفصلية جسدت الإرادة المشتركة لبناء اقتصاد إفريقي متكامل. وأثبتت الجزائر من خلال استضافتها الناجحة للطبعة الرابعة أنها في قلب التحول الاقتصادي للقارة، مما يمنح إفريقيا دفعة قوية نحو مستقبل أكثر ازدهاراً وتكاملاً.
شرف الدين عبد النور
