آخر الأخبار

مداخلة رئيس جمعية الصحفيين الجزائريين المساندين للشعب الصحراوي في الندوة الدولية حول “القضية الصحراوية في الإعلام الناطق بالعربية: أسباب الغياب و سبل الحضور”

مداخلة رئيس جمعية الصحفيين الجزائريين المساندين للشعب الصحراوي، أيت موهوب مصطفى، خلال الندوة الدولية المقامة يوم الأحد في مخيمات الصحراويين بتندوف حول “القضية الصحراوية في الاعلام الناطق بالعربية: أسباب الغياب و سبل الحضور”

السلام عليكم
أزول فلاون،

أشكر جزيل الشكر الحكومة الصحراوية على استضافة هذا اللقاء الذي يتناول إشكالية هامة، تدخل في صميم صراع الشعب الصحراوي لفرض حقه في الوجود.
ويعتبر توقيت طرح موضوع البحث عن أسباب تغييب القضية الصحراوية أو تواجدها المتواضع في الإعلام الناطق بالعربية صائبا بحيث ان القضية الصحراوية انتقلت منذ ما يقارب السنة من وضعية الجمود الى وضعية جديدة بعد اعتداء “الكركرات”.
من الوهلة الأولى، يجب الاعتراف بضآلة المساحة المخصصة لتناول القضية الصحراوية في الصحافة الناطقة بالعربية، وهو ما يتناسب تماما مع ضآلة المساحة المخصصة لقضايا الحرية و المواطنة و قضايا التحرر في هذه الفضاءات الإعلامية.
وهنا، يجب أن نقف قليلا أمام تجربة الإعلام الناطق بالعربية والقضية الصحراوية لنميز منذ البداية بين فضائين:

1-فضاء للإعلام العربي.
2-فضاء للإعلام الغربي الناطق بالعربية.
كل فضاء من الفضائين يتعامل بمنطقه و بوسائله مع هذه المسألة.

– إن القضية الصحراوية تكاد أن تكون منعدمة في المنظومة الإعلامية العربية، عدا بعض الكتابات القليلة والتي لا يمكن أن ترتقي إلى العمل الإعلامي المتكامل حول القضية.
وهنا يجب الإشارة إلى وجود بعض القنوات التليفزيونية الخليجية الموجهة و التي كانت ولا زالت حاملة لمشروع ما يسمى” بالربيع العربي” أو ” الفوضى العقيمة” المنجز في مخابر الغرب، في حين تغاضت الطرف ولا زالت تستمر في فعل ذلك عن الأحداث التي سبقت هذا المسمى “بالربيع العربي”، وأعني هنا على وجه الخصوص أحداث ” كديم أزيك” و التعاطي مع القضية الصحراوية من طرف هذه الوسائل الإعلامية العربية المسيطرة و المؤثرة حينها على الرأي العام العربي. وهذا ما يفضح مسعاها الذي يتعارض مع حريات الشعوب التي تتقاسم البعد الثقافي العربي وسيادتها ومصالحها.

و فيما يخص القضية الصحراوية، نكاد نجزم أنها تأتمر لنفس رئيس التحرير و لنفس الآمر و الموجه. فنراها اما تغيب المسألة الصحراوية أو تتعامل معها كقضية ثانوية أو حدث بسيط لا يرتقي إلى صدارة الأخبار، وبمنظور لا يخدش مشاعر الطرف المستعمر، أي المغرب.

– أما فيما يخص الإعلام الناطق بالعربية أي الممول من حكومات و اطراف غربية، فإننا نجد أنفسنا أمام حالة استثنائية وذلك لكون هذا الإعلام الذي يطغى على المنظومة العالمية للاتصال يلجأ إلى معايير ك”الموضوعية و المهنية و الحيادية”.

هذا الإعلام الذي يأتمر عموما لسلطة المال، أكد انحيازه في قضايا عدَة ومنها القضية الفلسطينية و القضية الصحراوية، بالرغم من الاستثناءات التي تتخلله.
إن اللجوء الى المعايير المرتبطة بالموضوعية في التعاطي مع القضية الصحراوية، يعطي الانطباع بأن الدفاع عن مصالح الشعب الصحراوي قد يعتبر انحيازا وينطلق من معايير ذاتية.
و ادعائها التمسك بالحيادية، يجعلها كذلك تبرر تغاضيها أو تغييبها للمآسي التي يعيشها الشعب الصحراوي و كذا واقع الاستعمار.

في حين أن تعامل هذا الإعلام منحاز في العمق وهو مسخر للترويج لمسألة واحدة وتتمثل في مقترح الاستقلالية الذي تطرحه المغرب ك”مقترح موضوعي ومعقول” مقابل قرارات الأمم المتحدة التي تدعو في مجملها الى تنظيم استفتاء تقرير المصير.

وما يغيبه هذا الإعلام عن الرأي العام هو ان لقضية الصحراوية هي قضية تصفية استعمار وهي مسجلة بهذا المحتوى في الأمم المتحدة منذ ستينيات القرن الماضي، وأن ذلك ما يجعلها ترتقي لقضايا التحرر التي يجب أن يطبق عليها قرار 14/15 الذي ينص على حق الشعوب المستعمرة في تقرير مصيرها.
وهذا بالضبط ما يتجاهله هذا الإعلام الذي يغيب مسألة مهمة تكمن في كون الطرف الصحراوي قبل بمقترح استفتاء تقرير المصير الذي بموجبه يتم مساءلة الشعب الصحراوي فيما اذا كان يريد الاستقلال عن المغرب أو الانضمام اليه أو القبول بالمقترح المغربي الداعي الى الاستقلالية (الحكم الذاتي).

وبعدما عاشت القضية الصحراوية تغييبا يكاد إن يكون تاما من هذه الوسائط الإعلامية وذلك بدواعي ان المسألة لا ترتقي لكي تكون حدثا يستدعي التناول الإعلامي, نرى هذا الإعلام خصوصا السمعي البصري منه (قنوات تلفزيونية) ، “يتقدم قليلا” بتوجيه الدعوات للصحراويين للمشاركة في النقاشات، بعدما كانت تقتصر ذلك على متدخلين جزائريين و مغربيين لإيهام الرأي العام بأن المشكل ثنائي بين المغرب والجزائر.
لكن الحضور الصحراوي اصبح مشروطا بحضور صوت صحراوي “معارض”، وذلك لعزل صوت البوليساريو، وهو الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الصحراوي والعترف به بهذه الصفة من المنتظم الدولي.

إن “الحيادية” التي يقتضيها العمل الصحفي المحترف، يعني نقل الواقع كما هو وعدم الاكتفاء بتوزيع الكلمة على الأطراف المتصارعة. ف”الحيادية” نسبية و هو ما يقتضي تطابقها مع الأخلاق التي تمنع المهني من إدارة ظهره لمعاناة شعب. وهو الوضع الذي نعيشه في حالة الإعلام الناطق بالعربية الذي لا يعطي الحيز الكافي للضحية للتعبير عن المآسي التي تعيشها و آثار السياسات الاستعمارية المسلطة ضدَه.
أن السكان الصحراويين في المدن المحتلة يعيشون أوضاعا مأساوية في ظل انحصار المساحات المخصصة له في الاعلام الدولي الذي لا يجد أي سبيل للولوج الى الاراضي المحتلة من طرف المغرب والتي تعيش حالة من الغلق والحصار.

وحالة القمع الشديد المسلط ضد الشعب الصحراوي لا يجد صدى في هذه الوسائل، كما نرى هذا الإعلام يلتزم الصمت أمام منع وصول الإعلاميين و ممثلين المنظمات غير الحكومية إلى هذه المناطق.
و اللافت للانتباه أنه منذ وقف إطلاق النار في سبتمبر 1991 الى غاية 11 نوفمبر 2020 تجنبت هذه الوسائط الاعلامية زيارة المخيمات بالرغم أنها كانت مفتوحة أمامها وهذا باستثناء بعض الزيارات التي لم يكن لها صدى كبير.

إن هذا الواقع هو الذي دفع مجموعة من الصحفيين الجزائريين إلى المبادرة بإنشاء هذه الشبكة والتي كان لها دور فعال في تواجد القضية في الوسائل الإعلام الجزائرية خصوصا بعد أحداث الكركرات.
وهنا يجب أن ننوه بالدور الذي قام به الإعلام الصحراوي وتواجده المكثف على الشبكة العنكبوتية ووسائط التواصل الاجتماعي، التي أضحت مصدرا لا يستهان به لتسليط الضوء عما يحدث في المدن و المناطق المحتلة و التي تسلط الضوء كذلك على نشاط المناضلين الحقوقيين عبر العالم للتعريف بالقضية الصحراوية.

وللسعي لتغيير هذا الواقع و المساهمة في تحسيس الاعلاميين الذين يشتغلون باللغة العربية على الأقل في الفضاء القريب من الشعب الصحراوي نقترح الشروع في توسيع نشاط شبكة الصحفيين الجزائريين لتشمل صحفيين من بلدان شمال إفريقيا، وذلك من خلال انشاء مرصد صحفيي شمال إفريقيا المساندين للشعب الصحراوي.
وسيكون هذا المرصد بوابة للولوج الى الاعلام الافريقي وشحذ المساندة لكفاح الشعب الصحراوي في اوساط الإعلاميين الافارقة.
شكرا على حسن اصغائكم

رئيس جمعية الصحفيين الجزائريين المساندين للشعب الصحراوي
أيت موهوب مصطفي

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى