قوجيل: ”الجزائر ستبقى تتعامل مع فلسطين كمسألة جوهرية وجودية“

قال صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة، اليوم، في كلمته في منتدى الذاكرة من تنظيم “جمعية مشعل الشهيد” واليومية الوطنية “المجاهد”، ألقها نيابة عنه، فؤاد سبوتة، عضو مجلس الأمة والنائب الأول لرئيس البرلمان العربي، بمناسبة إحياء الذكرى 36 لإعلان قيام دولة فلسطين بالجزائر، والذكرى الـ20 لإستشهاد الرئيس ياسر عرفات، أن إعلان قيام دولة فلسطين من الجزائر، يؤكد ما قاله رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن فلسطين قضية وطنية بالنسبة إلى الجزائر.

وذكّر قوجيل في هذا الصدد، باحتضان الجزائر في الخامس عشر نوفمبر 1988 لمؤتمر وطني جسّد موقفا وطنيا وفق قيم ومبادئ وطنية نوفبرية، كما احتضنت في 13أكتوبر 2022-يضيف صالح قوجيل-توقيع اتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية الذي أشرف عليه رئيس الجمهورية، من أجل تكريس الوحدة ولم شمل الإخوة وتوحيد صفوفهم، وإنهاء الانقسام وترسيخ المصالحة وتركيز الجهود نحو هدف واحد هو الاستقلال.

كما شدّد رئيس مجلس الأمة في ذات السياق، على ضرورة الوحدة كونها قارب النجاة الرئيس من براثن الاستعمار، مبرزا أنها كانت الأساس الذي بنيت عليه الثورة الجزائرية بعد أن توحد الشعب الجزائري وتنازل طواعية عن كل انتماءاته إلا من انتمائه للوطن الواحد، مذكّرا بأن فلسطين هي قضية وطنية، بدليل تواجد الجزائر في كل محطاتها الثورية دعما وتضامنا وإلهاما.

وأكد قوجيل أن الجزائر لن تتوقف عن التعامل مع فلسطين كمسألة جوهرية وجودية تعني الجميع وتتطلب الالتزام تجاهها كما التزم الجزائريون بعزم وصبر وشجاعة وتضحيات وإقدام، تجاه سيادة واستقلال الجزائر.

شرف الدين عبد النور

النص الكامل لكلمة صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة بمناسبة إحياء الذكرى 36 لإعلان قيام دولة فلسطين بالجزائر والذكرى لـ 20 لإستشهاد الرئيس ياسر عرفات، في منتدى الذاكرة من تنظيم “جمعية مشعل الشهيد” واليومية الوطنية “المجاهد”

 

“أيتها السيدات، أيها السادة،

الحضور الكريم،

في منتدى الذاكرة، ينتعش التاريخ ويتصفح الوجدان كتاب الزمن، فنستعيد أياما جليلة وأحداثا جلل، ونعيش معها انتصاراتنا وانكساراتنا، ونحيي بها أمانينا طموحاتنا ونؤكد يقيننا في حتمية التاريخ، وإيماننا بأن دورة حياة الشعوب الحرة تبدأ بالنصر وتنتهي به..

أحيي جمعية مشعل الشهيد التي أبقت شعلة التاريخ متوهجة على مدار السنوات الماضية، وزادت من وهجها وبريقها في شهر نوفمبر الذي احتضن اندلاع ثورتنا التحريرية الخالدة، وأحيي هنا حرصها على التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق بإحياء مناسباته واستحضار أمجاده، رغم مأساوية الوضع الذي يعيشه اليوم، جراء حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال الصهيوني المجرم عليه في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.

منذ 36 سنة، احتضنت قلعة الثوار في الخامس عشر من شهر الثورة عام 1988إعلان قيام دولة فلسطين على أرض فلسطين من أرض الشهداء الطاهرة، وذلك بعد سنوات طويلة من النضال والكفاح ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم، فقد ناسب المكان الحدث تماما، وضمت الجزائر التي عانت ويلات الاستعمار وعبدت الطريق أمام الشعوب المستعمرة للانتصار عليه ومواجهة تعنته وجبروته بحجة الكلمة وقوة السلاح.. ضمت الإعلان التاريخي الذي أكد “الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب العربي الفلسطيني في وطنه فلسطين”، وأطر الدولة الفلسطينية وأرسى مؤسساتها وبنى معالمها السياسية والتنظيمية كعضو مكتمل الصفات ضمن فواعل المجتمع الدولي، وأبطل محاولات سحق الهوية وتغييب القضية واستبدال الشعب الفلسطيني العريق بكيان استيطاني هلامي يتغذى على الزيف والزور والعنصرية والإرهاب.

لقد شكل إعلان قيام دولة فلسطين في الجزائر، مرحلة مفصلية حاسمة في تاريخ القضية الفلسطينية، وكان إجراء عبقريا فرض وجود الموجود حقا، أمام الموجود غصبا، وأتاح للعالم الحر أن يتموقع في الاتجاه الصحيح فيعترف بدولة الحق فلسطين ويدعم مواصلة شعبها الصامد كفاحه المستميت من أجل استكمال استقلاله وسيادته على أرضه.. إعلان قيام دولة فلسطين جسد قرارات الشرعية الدولية التي عرقلتها سياسة الكيل بمكيالين وهمشها تحالف القوى الاستعمارية في العالم من أجل حماية مصالحها وضمان امتداد فكرها الاستيطاني البائد.

لقد صدرت “”وثيقة الاستقلال” عام 1988 في الشهر الذي صدر فيه بيان أول نوفمبر 1954، وأعادت إلى الذاكرة العالمية صدى النضال التحرري العظيم الذي خاضه الشعب الجزائري ضد الاستعمار، فكأن التاريخ يفتخر بنفسه ويعود إلى نفس الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء الأبرار ليصيغ وثيقة أخرى تؤكد حتميته المناهضة للظلم والاستبداد.. الانتصار يأتي دوما عبر وثيقة يصيغها أبطال بواسل بعد أن يتخذوا القرار المناسب في وقته ومكانه المناسبين.. ومثلما توالى الاعتراف بثورتنا الخالدة ومساندة مفجريها ودعم مشروعيتها ونبل هدفها، توالت الاعترافات بدولة فلسطين بعد إعلان قيامها في الجزائر، وانضمت بعضوية وفاعلية وشراكة كاملة في المؤسسات الإقليمية والدولية، وبدأ الشعب الفلسطيني مرحلة جديدة من النضال ضمن دولة مؤسسات وقيادات مخلصة للمشروع الوطني الفلسطيني، وفي المرحلة الشاهدة على الانجازات والانتصارات والمكاسب السياسية والدبلوماسية الكبيرة أولها منح دولة فلسطين منصب عضو مراقب في منظمة الأمم المتحدة..

إن إعلان قيام دولة فلسطين من الجزائر، يؤكد ما قاله رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أن فلسطين قضية وطنية بالنسبة إلى الجزائر،.. فبلادنا احتضنت في الخامس عشر نوفمبر 1988 مؤتمرا وطنيا جسد موقفا وطنيا وفق قيم ومبادئ وطنية نوفبرية، كما احتضنت في 13أكتوبر 2022 توقيع اتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية الذي أشرف عليه رئيس الجمهورية، من أجل تكريس الوحدة ولم شمل الإخوة وتوحيد صفوفهم، وإنهاء الانقسام وترسيخ المصالحة وتركيز الجهود نحو هدف واحد هو الاستقلال،. فالوحدة هي قارب النجاة الرئيس من براثن الاستعمار، وقد كانت الأساس الذي بنيت عليه ثورتنا المظفرة بعد أن توحد الشعب الجزائري وتنازل طواعية عن كل انتماءاته إلا من انتمائه للوطن الواحد.. فلسطين قضية وطنية، لذلك نجد الجزائر حاضرة في كل محطاتها الثورية دعما وتضامنا وإلهاما.. ولن نتوقف عن التعامل معها كمسألة جوهرية وجودية، تعنينا جميعا، وتتطلب منا الالتزام تجاهها كما التزمنا بعزم وصبر وشجاعة وتضحيات وإقدام، تجاه سيادة واستقلال الجزائر.

وفي هذه الذكرى، نستحضر مآثر الشهيد الزعيم الثائر، الذي تلا بقلبه قبل لسانه إعلان قيام دولة فلسطين… الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات،.. صوت القضية الفلسطينية التي وهبها حياته ودافع عنها حتى آخر رمق.. ستبقى ذكراه العطرة ملازمة لصوت الحق والنضال الإنساني الشريف ضد الاستعمار، وسيبقى رمزا للبطولة والشهامة والتضحية من أجل الوطن، وستتناقل الأجيال إرثه النضالي المشرف وأنه الثائر الذي لم يسقط غصن الزيتون من يده..

سيبقى الصمود هو عنوان القضية الفلسطينية العادلة رغم قساوة الوضع ومأساويته، ورغم الكارثة الإنسانية التي تدمي قلوبنا في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.. لقد توالت النكبات على الأشقاء، وعلى الضمير العالمي الذي قدمهم قربانا لكيان صهيوني سفاح، وطال التزوير الحقيقة، فتمادى التضليل حتى ظن الناس أن قضية فلسطين وليدة طوفان الأقصى، وهي في الواقع إجرام ممتد منذ 76 عاما..

ومن وحي ثورة نوفمبر دائما، نؤكد أن البطولة هي تحويل الانتكاسات إلى انتصارات، وأن الإبادة الجماعية التي عايشنا مثيلها في مجازر الثامن ماي 1945، هي من سيكتب نهاية الاحتلال الصهيوني ويحطم جبروته ويقمع دمويته وانتهاكاته… ومن أجل هذا، تواصل الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، نصرتها للقضية، ودعمها اللامشروط لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف،.. وسنواصل مطالبتنا بتمكين دولة فلسطين من حقها في عضوية كاملة بالأمم المتحدة، وبوقف الإبادة وتجريم المحتل ومعاقبته، ولن نكل من دفع مجلس الأمن والمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياتهم تجاه الشعوب المستعمرة،..

شكرا لكم على كرم الاستماع والسلام عليكم“

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى