في الذكرى الثالثة/ تمخّضت عن الحراك المبارك.. انتخابات 12 ديسمبر ..طوق النجاة الذي أنقذ البلاد
*الجيش الوطني الشعبي.. صمام الامان
لم تكن سنة 2019 سنة ككل السنوات في تاريخ الجزائر ، سنة خلدتها الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري، مظاهرات سلمية تطالب بالتغيير رافقها الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير، لتنتهي مسيرة النضال السلمي ضد الزمرة التي استحوذت على مفاصل الحكم بتنظيم رئاسيات شهر ديسمبر، كان الفائز فيها عبد المجيد تبون، انتخابات جاءت في لحظة زمنية فارقة انتفض فيها الشعب ضد عهدة خامسة بالتزامن مع أزمة اقتصادية نتيجة تهاوي أسعار النفط ، علما النفط الشريان الأول للاقتصاد الوطني.
غير ان تلك “الثورة السلمية ” انتهت بسلام باجراء انتخابات رئاسية ونأت بالبلاد عن أزمة كانت تحوم بخبث مهدّدة الوحدة الوطنية، خاصة بوجود أعداء للوطن في الداخل والخارج عملوا بكل جهد على زرع كل الاختلافات والانشقاقات بغية إسقاط البلاد في “دوامة عنف جديدة” غير ان مسعاهم خاب باجراء الانتخابات التي أعادت البلاد إلى الطريق الانتخابي والدستوري .
ان الشارع الذي عبّر عن غضبه من الممارسات السابقة التي طغى عليها النهب والفساد طيلة 11 شهرا، بدأ يستكين الى الهدوء ويسكن للراحة عندما لمس رغبة حقيقية في التغيير وبدأ يستشعر الانتقال الديموقراطي و الإصلاحات التي أعلنت الحرب بلاهوادة ضد الفساد والمفسدين ومحاسبة كل من كانت له يد في نهب أموال الشعب و تهريبها الى الخارج، فبدأت بشائر عودة الثقة بين الشعب والأجهزة الحاكمة.
من هنا يتبيّن أن رئاسيات 12 ديسمبر كانت استثنائية وجاءت في لحظة زمنية فارقة ومنعرج حاسم في تاريخ البلاد ، ونأت بالجزائر عن أزمة كانت تلوح في الافق خاصة بوجود جهات كانت تسعى لاشعال نيران الفتنة .
ان الأزمة التي كانت تطلّ برأسها على الجزائر، وقف لها الجيش الوطني الشعبي كسد منيع، حينما رافق الحراك الى غاية الوصول الى محطة استحقاق 12 ديسمبر، مستندا في ذلك إلى أن “التمسك بالدستور هو عنوان أساسي للحفاظ على كيان الدولة واستمراريتها”.
وفي خضم تلك ” الحركية التي كانت موجودة ” لا يمكن أن نتجاوز حدث مثل استحداث هيئة وطنية للوساطة و الحوار، كلفت بقيادة جولات من الحوار مع الطبقة السياسية و فعاليات المجتمع المدني و الشخصيات الوطنية و وجوه من الحراك الشعبي، وكانت أول الثمار مراجعة القانون المنظم للانتخابات و التأسيس لسلطة وطنية مستقلة للانتخابات، تتولى تسيير العملية الانتخابية.
لقد أسقط إنشاء السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات و تعديل قانون الانتخابات حينها ورقة التزوير التي كان يلوح بها الرافضون للانتخابات وشهدت على مصداقية الصناديق.
وبعد منافسة رئاسية، اعتلى الرئيس عبد المجيد تبون قصر المرادية، ليبدأ فور انتخابه مباشرة عمله في معالجة الوضع المتأزم، بداية بمدّ يده للحراك الشعبي من أجل حوار جاد، وإجراء تغييرات على الدستور، وتعهده بحرب لا هوادة فيها ضد الفساد و المتورطين فيه مع التشديد على أن العفو الرئاسي لن يشمل هؤلاء. تعهدات أطلقها شملت الـ54 نقطة هامة، تجسّد منها الكثير في فترة 3 سنوات وهناك ما انطلق قطار انجازه ولكن لم يصل إلى محطته النهائية بعد ، لكن من المؤكد أن ملامح جزائر جديدة بدأت تظهر للعيان بكل وضوح.
فايزة سايح