فيما تُعدُّ الجزائر أكبر مساهم في البنك الإسلامي للتنمية بشمال إفريقيا: كيف يُمكِن للاقتصاد الجزائري أن يحقّق استفادة ملموسة تتماشى ومكانته في البنك؟

يُعدّ احتضان الجزائر للاجتماعات السنوية للبنك الإسلامي للتنمية (BID) من 19 إلى 22 ماي الجاري تأكيدا على مكانة الجزائر في مشهد التمويل الإسلامي العالمي.
إلى جانب الرمزية والعائدات، يجدر التذكير بأن الجزائر تُعدّ من بين الأعضاء المؤسسين لهذه المؤسسة المالية متعددة الأطراف، التي يبلغ رأسمالها 70 مليار دولار.
كعضو نشط في هذه المؤسسة، تحتل الجزائر المرتبة الأولى في شمال إفريقيا والمرتبة الثانية عشر من حيث المشاركة في رأس مال البنك الإسلامي للتنمية، وذلك من بين إجمالي 57 دولة عضو.
ليست هذه المرة الأولى التي تستضيف فيها الجزائر أعمال الاجتماعات السنوية للبنك الإسلامي للتنمية. فقد احتضنت العاصمة الجزائر هذه الأعمال بنجاح في عامي 1990 و2001.
اليوم، مع إعادة الهيكلة الاقتصادية الجديدة والعميقة للبلاد التي بدأت تتجلّى ملامحها، خاصة بعد إصدار قانون الاستثمار الجديد، والانفتاح على الاستغلال المنجمي، والمشاريع الكبرى للسكك الحديدية والزراعة في الجنوب الكبير، فإن الفرصة أمام الاقتصاد الجزائري للاستفادة من مساهمته في البنك الإسلامي للتنمية قد تأخذ بعداً عملياً ملموساً.
من الجدير معرفة أن البنك الإسلامي للتنمية يقدّم فرصا لا ينبغي تفويتها، وتتمثّل في ترقية صادرات المواد المصنّعة في الدول الأعضاء، بشرط تجاوز معدل الإدماج نسبة 40%.
هذه إحدى مهام البنك الإسلامي للتنمية التي يمكن أن تثير اهتمام المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين، خاصة العاملين في مجال الأجهزة الكهرومنزلية، أو الصناعات الغذائية، أو الصناعة الصيدلانية، التي أصبحت ذات مرجعيات معتمدة دولياً.
بعبارة أخرى، فإن المزايا التي يقدّمها البنك الإسلامي للتنمية في هذا الجانب تتماشى تماماً مع أهداف الجزائر في الترقية السريعة للصادرات خارج المحروقات.
كما أنّ الدّعم المالي المدروس للمشاريع الكبرى للاستغلال المنجمي أو شبكة السكك الحديدية التي أُطلقت في الجزائر، لا يجب تفويت الفرصة دون لفت انتباه مسؤولي البنك الإسلامي للتنمية.
خصوصاً وأن البنك يعمل بشكل فعّال في تمويل المشاريع التنموية الكبرى وتحسين ظروف المعيشة في الدول الإسلامية.
لقد حان الوقت لكي تبرز الجزائر مزاياها وتدرج مشاريعها في السجلات المالية لهذا البنك الذي يُعتبر نظير البنك الدولي بالنسبة للدول الإسلامية.
حتى الآن، من المدهش حقاً تسجيل أن الجزائر رغم مشاركتها الفعالة في هذا البنك، غير أنّ الاقتصاد الجزائري لم يتمكن من المطالبة بـ”حصته” من التمويلات أو الترقية.
على عكس العديد من الدول ذات المشاركة الأقل أو المساهمة المتواضعة التي استفادت من دعم مباشر لتنفيذ مشاريع كبرى، مثل السدود أو غيرها من البنى التحتية.
إنّ ثقة البنك الإسلامي للتنمية ووزنه معترف بهما عالمياً. بتصنيف ائتماني عالي من درجة (AAA)، احتل البنك مكانة مرموقة في رقعة التمويل العالمية.
أخيراً، يبقى الأمل أن تعزّز الجزائر موقعها بشكل آخر عبر انتزاع مكانة متميّزة قد تؤهلها لتصبح مركزاً رئيسياً مستقبلياً للبنك الإسلامي للتنمية.
أن يتناسب تمثيلها مع طموحتها…
عبد الكريم علّام
لقراءة المقال الأصلي: اضغط هنا