فيما ألغى الملك محمد السادس شعيرة ذبح أضحية العيد: إجماع الطبقة السياسية المغربية على النكسة الاجتماعية والاقتصادية لفئات واسعة من الشعب

أصدرت معظم الأحزاب المغربية بيانات “تُثمّن” فيها قرار الملك محمد السادس، القاضي بعدم إقامة شعيرة ذبح أضحية العيد هذه السنة، واعتبرت بعضها هذا القرار نابع من “حرص أمير المؤمنين على توفير كل ما يلزم شعبه الوفي للقيام بشروط الدين وفرائضه ‏وسننه وعباداته ومعاملاته”.

وإن عرّجت الأحزاب المغربية في بياناتها على تبرير هذا القرار بالجفاف الذي أصاب المغرب لسنوات متتالية، مثلما جاء في رسالة الملك محمد السادس، التي قرأها نيابة عنه وزير الأوقاف أحمد التوفيق. إلا أنّ الأزمة الاقتصادية وتدهور المستوى المعيشي للشعب المغربي، كان السبب الأقوى لاتّخاذ مثل هذا القرار الذي يمسّ بالحقّ في ممارسة العبادات في وقت فُتحت الأبواب على مصراعيها لليهودية في المغرب.

وأشار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في بلاغ له، إلى أن “القرار الملكي يتجاوب بعمق مع تطلعات فئات واسعة من الشعب المغربي التي قابلته بامتنان رفيع، لما يشكله هذا القرار من عناية ملكية معهودة في كل اللحظات الصعبة التي يعيشها شعبه الوفي، خاصة أن القيام بشعيرة الأضحية الدينية في الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبه، لاسيما ذوي الدخل المحدود”.

يتّضح من هذا الموقف أنّ الظروف الصعبة التي ستلحق الضرّر المحقّق بفئات كبيرة من الشعب المغربي، هي السبب الرئيس لهذا القرار الوقائي، أو بالأحرى الردعي للغضب الشعبي الذي قد ينجم عن عدم قدرة فئات عريضة وواسعة لاقتناء أضحية العيد، فالحفاظ على الثروة الحيوانية لا يمكنه أن يكون سببا، لو كانت للسلطات المغربية القدرة على استيراد الماشية من جهات عديدة وبأثمان أقلّ بكثير من ثمن الماشية المحلية، ومع ذلك فلن تكون في متناول فئات شعبية واسعة أصبحت تعيش الحرمان الاجتماعي في أبشع صوّره.

أما الأمانة العامة لحزب الحركة الشعبية، فقالت إن القرار يأتي “مراعاة من الملك للقدرة الشرائية لغالبية المغاربة”، واعتبرت القرار “تفهّم المؤسسة الملكية المواطنة العميق للظروف المعيشية لغالبية شرائح الشعب”.

وكان ملك المغرب محمد السادس، الخاضع للتأهيل الحركي بعد عملية جراحية أجراها على مستوى الكتف، قد وجّه رسالة إلى الشعب المغربي حول موضوع عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد، مؤكّدا أنّ ” القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود.” حسب ما جاء في الرسالة.

وإن حاولت وسائل الإعلام المُقرّبة من المخزن، أن تُروّج للرسالة على أنها تيسير ملكي في إقامة الشعائر الدينية، نابعة من تفاني الملك في خدمة “شعبه العزيز”، إلا أنّ جوهرها يحمل في طيّاته اعلانا رسميا للنكسة الاجتماعية والاقتصادية التي آل إليها الشعب المغربي، وعدم قدرة حكومته على توفير أدنى الحلول اللائقة بمناسبات دينية مُقدّسة، فاستبقت إلى امتصاص الغضب بتعميمه على كلّ فئات الشعب المغربي، إلا أنّ أثاره ستكون أكثر وطأ على فئات لم تَعُد تمانع من أكل لحوم الحمير والكلاب، بعد أن ثبت أنّها أصبحت ظاهرة في المغرب، حيث تمّ العثور على كميات كبيرة للحوم الكلاب والحمير مجمدة ومعدة للبيع في أسواق ومحلات بيع اللحوم غير صالحة للاستهلاك البشري بمدن، مراكش، الدار البيضاء والجديدة، وغيرها، وقد أكّدت ذلك الجمعية المغربية لحماية المستهلك والدفاع عن حقوقهم، حيث نشرت تقارير إعلامية تصريحات لرئيس الجمعية يؤكّد فيها أنّ الظاهرة ليست جديدة، لكنها تفاقمت في السنوات الأخيرة بسبب غلاء اللحوم وقلتها.

وبحرمان الملك محمد السادس، الشعب المغربي من أداء هذه الشعيرة الدينية والسنّة النبوية المؤكّدة، يكون قد أقرّ رسميا النكسة التي بلغها المغرب، ويُعدّ اعترافا بعدم القدرة على إيجاد الحلول المناسبة للمُعضلات الكبرى التي تواجه الشعب المغربي، الذي لن يتلقّها بصدر رحب وإن إُلزِم على السكوت إلى بعد حين…

 وليد بحري

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى