عميد جامع الجزائر: رقمنة العربية مدخل لصون الهوية وترسيخ السيادة الثقافية
مهدي الباز

أكّد عميد جامع الجزائر، محمّد المأمون القاسمي الحسني، أنّ الرقمنة تشكّل معركة حضارية مهمة، ولا ينبغي النظر إليها كخيار تقني فحسب. وأوضح أنّ هذه المعركة تقتضي دعم حضور اللغة العربية في الفضاء الرقمي وتمكينها من أدوات العصر، لضمان عدم بقائها خارج حركة المعرفة الجديدة.
وجاء ذلك خلال مشاركته، اليوم الأحد، في ملتقى وطني نظّمته جامعة محمد خيضر ببسكرة تحت عنوان: “اللغة العربية في الجزائر إبان فترة الاحتلال الفرنسي: صراع الهوية ومقاومة الهيمنة”.
وحضر الملتقى والي الولاية، الأخضر سداس، ورئيس المجلس الأعلى للغة العربية، صالح بلعيد، والأستاذ عبد الحليم قابة، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، إلى جانب ممثلين عن هيئات ومنظمات وطنية ودولية، وعدد كبير من طلبة الجامعة.
وأشار العميد، في محاضرته، إلى أنّ مواجهة تحديات العولمة الثقافية وصعود نماذج معرفية دخيلة تتطلب تجديد أدوات اللغة العربية، ورقمنة معاجمها، ومواكبتها للعلوم الحديثة، لتظل لغة قادرة على إنتاج المعرفة وليس مجرد وعاء لتراث الماضي.
وأضاف أنّ جامع الجزائر مستعدّ لاحتضان مشاريع بحثية ورقمية تُسهم في ترقية العربية وإدماجها في التطبيقات التكنولوجية.
وانتقل الشيخ القاسمي في كلمته إلى قراءة تاريخية، مشيرًا إلى أنّ الاحتلال الفرنسي أدرك مبكرًا أنّ ضرب العربية هو ضرب لروح الأمة، فاستهدف المدرسة والمسجد والزوايا. وأشاد بالدور الريادي للزوايا العلمية التي حافظت على القرآن واللغة والعقيدة في أحلك الظروف، كما بيّن أنّ جمعية العلماء المسلمين كانت امتدادًا لهذا الجهد، فحوّلت العربية إلى أداة وعي ومقاومة وبناء.
وفي حديثه عن الحاضر، دعا العميد إلى تعزيز حضور العربية في الجامعة والإعلام والإدارة، معتبرًا أنّ الدفاع عن اللغة هو دفاع عن السيادة والوحدة الوطنية، مؤكّدًا أنّ الجزائر تمتلك الرصيد الروحي والعلمي الذي يجعلها قادرة على قيادة مشروع لغوي حضاري رائد.
وختم محاضرته بالتأكيد أنّ جامع الجزائر، برسالته الدينية والعلمية، سيظل حاضنًا لكل المبادرات الوطنية التي تخدم العربية وتعلي من شأنها.
وفي ختام الجلسة، كرّمت جامعة محمد خيضر ببسكرة العميد تقديرًا لإسهامه الفكري في إنجاح الملتقى، وتثمينًا لجهوده في صون اللغة العربية والدفاع عن مرجعية الجزائر الدينية والعلمية.
