عطاف يستعرض بالنمسا إصلاحات رئيس الجمهورية للنهوض بالاقتصاد الوطني

إستعرض وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، اليوم، خلال لقائه برجال الأعمال النمساويين، بالعاصمة فيينا، الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهوري، عبد المجيد تبون، للنهوض بالاقتصاد الوطني.
و قال عطاف، في كلمته، في ذات السياق، أنّ الجزائر تشهد تحوّلات عميقة جرّاء الإصلاحات الاقتصادية المختلفة التي بادر بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، والتي أدّت، حسب الوزير، إلى فتح الإمكانات الهائلة للاقتصاد الجزائري، الذي سجّل مؤشرات إيجابية تمّ إبرازها في أحدث التقريرين الصادرين مؤخرا عن كلا من صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي.
و كشف أحمد عطاف، أن الجزائر تظل حاليا ثالث أكبر اقتصاد على المستوى القارة الإفريقية، حيث بلغ معدّل النموّ الاقتصادي الوطني 4,2 % عام 2023، وشهد نمو القطاعات خارج المحروقات وتيرة متسارعة مسجّلا نسبة 4,9 % عام 2023.
كما أبرز وزير الشؤون الخارجية، أن قيمة الناتج الخام الدّاخلي، بلغت 260 مليار دولار أمريكي عام 2023، مشيرا إلى أنه من المنتظر أن ترتفع إلى 277مليار دولار أمريكي مع نهاية 2024.
و كشف الوزير عطاف، أنه تمّ تخفيف معدّل التضخم إلى 5 % عند نهاية الثلاثي الأول من العام الجاري، بعدما كان في حدود %9,3 عام 2023، مشيرا إلى ارتفاع احتياطات الصرف إلى 70 مليار دولار أمريكي عام 2023.
و سجّلت الصادرات خارج المحروقات، حسب ذات المتحدث، ارتفاعا محسوسا من 5 مليار دولار أمريكي عام 2021، إلى 7 مليار دولار أمريكي عام 2023، مضيفا أنه من المتوقّع أن تصل إلى 11 مليار دولار أمريكي عند نهاية السنة الجارية.
هذا و قال الوزير أحمد عطاف، أن الجزائر تحوز على الربط بشبكة الكهرباء بمعدّل 99%، وبالغاز في حدود 75%، وكذا بشبكات المياه بنسبة 98%، الأمر الذي أهّلها، حسبه، للمحافظة على مرتبتها ضمن الدّول الثلاث التي تحتل الصدارة إفريقياّ في تصنيف برنامج الأمم المتحدة للتنمية حول مؤشّر التنمية البشريّة.
كما اعتبر الوزير، هذه الأرقام شاهدا على المتانة والصحّة الاقتصادية والمالية للجزائر، والتي كانت نتاجًا للإصلاحات الهامّة التي باشرتها الحكومة الجزائرية لتشييد بيئة ملائمة للأعمال تتماشى مع تطلّعات المستثمرين الأجانب.
و أوضح وزير الشؤون الخارجية و الجالية الوطنية بالخارج، أن استصدار قانون الاستثمار لـ 2022، والقانون النقدي والمصرفي لـ2023، وذلك المتعلّق بالعقار الاقتصادي لنفس السنة، وكذا الإصلاحات المُنتهجَة مُؤخّرا حول إصلاح البنوك المملوكة للدّولة، تهدف كلّها إلى تعزيز الاستثمار الخاصّ من خلال عصرنة الجمارك و الأنظمة الجبائية والمالية، مع اتباع طرق جديدة للتّسيير قائمة على الشفافية والرقمنة وتسهيل الإجراءات، مضيفا في ذات السياق، أن هذه الإصلاحات أضفت مرونة على قاعدة 51/49 التي تحكم الاستثمار الأجنبي والتي أصبحت تقتصر حاليا على القطاعات الاستراتيجية، مشيرا إلى أنها وضعت إطارا قانونيا أكثر ليونة وتناسقا، والذي من شأنه أن يكفل بصفة أحسن تنظيم “فعل الاستثمار” وتقديم تحفيزات أكثر للمستثمرين وكذا ضمان حقوقهم.
كما تطرّق عطاف، في كلمته، في إطار قانون الاستثمار الجديد، إلى إنشاء شبّاك وحيد على مستوى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار (AAPI)، مخصّص بصفة حصرية للمشاريع الكبرى والاستثمارات الأجنبية، مبرزا الأمور الجديدة التي جاء بها، والمتمثلة في استحداث المنصة الرقمية للمستثمر، للقيام من خلالها بكافة الإجراءات المتعلّقة بالاستثمار
ونوّه وزير الشؤون الخارجية، بالمزايا العديدة التي يُقدّمها هذا القانون، و التي تخصّ الإعفاءات الجبائية والجمركيّة، وذلك حسب طبيعة المشروع، “وبصفة مختصرة، كلّما كان موقع المشروع في الجنوب وكلّما أنشأ مناصب شغل، كلّما استفاد من مزايا ضريبية”، يضيف الوزير.
ويكمن أحد مؤشّرات نجاح هذه الإصلاحات الاقتصادية، حسب أحمد عطاف، في العدد غير المسبوق لمشاريع الاستثمار في الجزائر التي صرّحت بها شركات أجنبية من مختلف ربوع العالم، مضيفا أنه منذ اعتماد القانون الجديد للاستثمار، أعلنت العشرات من كبرى الشركات الدّولية عن نيّتها في إقامة نشاطات في الجزائر.
و أشار الوزير أحمد عطاف، إلى أن الجزائر تتمتّع في المنطقة بمزايا مقارنة فريدة، من خلال موقعها الجغرافي الذي يؤهّلها لتكون قطبا واعدا للتجارة والاستثمار، باعتبارها بوابة للسوق الإفريقية بإمكاناتها الواسعة، كما تعدّ في الوقت ذاته-يقول الوزير- جسرا نحو أوروبا الذي يعتبر الفاعل الاقتصادي الرئيسي، مؤكدا أن هذا المنفذ المزدوج من شأنه أن يُقدّم فرصا فريدة للأعمال في الجزائر، حيث عُزّز هذا الموقع أيضا، حسب الوزير عطاف، بالاتفاقيات التجارية الحرّة التي سبق وأن أبرمتها الجزائر مع إفريقيا والاتحاد الأوروبي و العالم العربي.
كما أبرز أحمد عطاف، قيام الجزائر بتشييد موانئ جديدة سيتمّ ربطها مع دول إفريقية أخرى عبر طرق، بما في ذلك الطريق السريع العابر للصحراء، علاوة على النقل بالسكك الحديدية، مضيفا أن الجزائر تعمل جاهدة على زيادة المواصلات الجويّة مع الدّول الإفريقية والأوروبية قصد جعل التجارة أكثر انسيابيّة.
كما كشف وزير الشؤون الخارجية، أم الجزائر عكفت جديّا على تنويع اقتصادها، سعيا منها إلى تخفيض تبعيّتها للمحروقات، من خلال إطلاق مشاريع كبرى، مؤكدا أنّ الجزائر لا تقتصر فقط على البترول والغاز، بل تعمل على تنويع اقتصادها الذي من شأنه أن يخلق ثروة من فرص الأعمال، والتي دعا أحمد عطاف رجال الأعمال النمساويين إلى اغتنامها.
شرف الدين عبد النور
النص الكامل لكلمة وزير الشؤون الخارجية و الجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، خلال لقائه بالمدراء التنفيذيين وممثلو الشركات النمساوية وممثلو الغرفة النمساوية-العربية للتجارة والغرفة الفيدرالية الاقتصادية وكذا فيدرالية الصناعات النمساوية، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها إلى جمهورية النمسا الفيدرالية بتكليف من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون.
“السادة المدراء التنفيذيون وممثلو الشركات النمساوية،
السادة ممثلو الغرفة النمساوية-العربية للتجارة والغرفة الفيدرالية الاقتصادية وكذا فيدرالية الصناعات النمساوية،
السادة والسيّدات،
اسمحوا لي، في البداية، أن أرحّب بكم بحفاوة وأن أشكركم جزيل الشكر على تلبية دعوتنا.
إنّني على يقين بأنّ حضوركم المكثّف معنا اليوم لدليل على ثقتكم في الآفاق الواعدة للشراكة الاقتصادية الجزائرية-النمساوية، وهو ما يؤكّد حرصكم على معرفة المزيد، حول مختلف فرص الأعمال التي تزخر بها الجزائر. وآمل أن يساعدكم هذا اللقاء في الحصول على كافة المعطيات والتوضيحات التي تحتاجون إليها.
وقبل المضي في كلمتي هذه، أستسمحكم أن أحدّثكم قليلا بخصوص زيارتي إلى النّمسا والتي شرعتُ فيها منذ يومين.
وبكلّ صراحة، إنّني على أتمّ اليقين بأنّ هنالك مساحة واسعة لتحسين علاقاتنا الثنائية، حيث تعدّ الجزائر حاليا ثالث أكبر شريك تجاري في إفريقيا بالنسبة للنمسا، بمبادلات بلغت حجمها 400 مليون يورو. كما تستقطب السوق الجزائرية حوالي 500 شركة نمساوية معظمها في مجال التجارة، في حين أنّ الاستثمار النمساوي في الجزائر يكاد يكون غير موجود.
وأقلّ ما يمكن قوله، فإنّ هذين الرقمين لا يعكسان حقيقةً الإمكانات الضخمة للشراكة و التعاون الموجودة بين بلدينا الصديقين. لا يعكسان ذلك، لاسيّما أنّ الجزائر تشهد تحوّلات عميقة جرّاء الإصلاحات الاقتصادية المختلفة التي بادر بها السيّد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون والتي أدّت بالفعل إلى فتح الإمكانات الهائلة للاقتصاد الجزائري الذي سجّل مؤشرات إيجابية تمّ إبرازها في أحدث التقريرين الصادرين مؤخرا عن كلا من صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي.
وبناءً على هذه التقريرين، اسمحوا لي أن أعرض عليكم بلغة الأرقام صورة عن الجزائر الجديدة:
تظل الجزائر حاليا ثالث أكبر اقتصاد على المستوى القارة الإفريقية،
بلغ معدّل النموّ الاقتصادي الوطني 4,2 % عام 2023،
شهد نمو القطاعات خارج المحروقات وتيرة متسارعة مسجّلا نسبة 4,9 % عام 2023،
تمثّل قيمة الناتج الخام الدّاخلي 260مليار دولار أمريكي عام 2023 ومن المنتظر أن ترتفع إلى 277مليار دولار أمريكي مع نهاية 2024،
تمّ تخفيف معدّل التضخم إلى 5 % عند نهاية الثلاثي الأول من العام الجاري بعدما كان في حدود %9,3 عام 2023،
ارتفعت احتياطات الصرف إلى 70 مليار دولار أمريكي عام 2023،
سجّلت الصادرات خارج المحروقات ارتفاعا محسوسا من 5 مليار دولار أمريكي عام 2021 إلى 7 مليار دولار أمريكي عام 2023. ومن المتوقّع أن تصل إلى 11 مليار دولار أمريكي عند نهاية السنة الجارية،
وأخيرا، تحوز الجزائر على الربط بشبكة الكهرباء بمعدّل 99 % و بالغاز في حدود 75 % وكذا بشبكات المياه بنسبة 98%، الأمر الذي أهّلها للمحافظة على مرتبتها ضمن الدّول الثلاث التي تحتل الصدارة إفريقياّ في تصنيف برنامج الأمم المتحدة للتنمية حول مؤشّر التنمية البشريّة.
وتعتبر هذه الأرقام شاهدا على المتانة والصحّة الاقتصادية والمالية للجزائر والتي كانت نتاجًا للإصلاحات الهامّة التي باشرتها الحكومة الجزائرية لتشييد بيئة ملائمة للأعمال تتماشى مع تطلّعات المستثمرين الأجانب.
وفي هذا المضمار، فإنّ استصدار قانون الاستثمار لـ 2022 والقانون النقدي والمصرفي لـ 2023 وذلك المتعلّق بالعقار الاقتصادي لـنفس السنة وكذا الإصلاحات المُنتهجَة مُؤخّرا حول إصلاح البنوك المملوكة للدّولة تهدف كلّها إلى تعزيز الاستثمار الخاصّ من خلال عصرنة الجمارك و الأنظمة الجبائية والمالية، مع اتباع طرق جديدة للتّسيير قائمة على الشفافية والرقمنة وتسهيل الإجراءات.
وقد أضفت هذه الإصلاحات مرونة على قاعدة 51/49 التي تحكم الاستثمار الأجنبي والتي أصبحت تقتصر حاليا على القطاعات الاستراتيجية. كما وضعت إطارا قانونيا أكثر ليونة وتناسقا والذي من شأنه أن يكفل بصفة أحسن تنظيم “فعل الاستثمار” وتقديم تحفيزات أكثر للمستثمرين وكذا ضمان حقوقهم.
وقد تمّ، في ظلّ قانون الاستثمار الجديد، إنشاء شبّاك وحيد على مستوى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار (AAPI)، مخصّص بصفة حصرية للمشاريع الكبرى والاستثمارات الأجنبية. ومن الأمور الجديدة التي جاء بها كذلك هي استحداث المنصة الرقمية للمستثمر، للقيام من خلالها بكافة الإجراءات المتعلّقة بالاستثمار. كما يقدّم هذا القانون العديد من المزايا تخصّ الإعفاءات الجبائية والجمركيّة، وذلك حسب طبيعة المشروع. وبصفة مختصرة، كلّما كان موقع المشروع في الجنوب وكلّما أنشأ مناصب شغل، كلّما استفاد من مزايا ضريبية.
ويكمن أحد مؤشّرات نجاح هذه الإصلاحات الاقتصادية في العدد غير المسبوق لمشاريع الاستثمار في الجزائر التي صرّحت بها شركات أجنبية من مختلف ربوع العالم. فمنذ اعتماد القانون الجديد للاستثمار، أعلنت العشرات من كبرى الشركات الدّولية عن نيّتها في إقامة نشاطات في الجزائر.
علاوة عن هذه الإصلاحات، تتمتّع الجزائر في المنطقة بمزايا مقارنة فريدة. فموقعها الجغرافي يؤهّلها لتكون قطبا واعدا للتجارة والاستثمار. وهي بوابة للسوق الإفريقية بإمكاناتها الواسعة. كما تعدّ في الوقت ذاته، جسرا نحو أوروبا، الفاعل الاقتصادي الرئيسي.
هذا المنفذ المزدوج من شأنه أن يُقدّم فرصا فريدة للأعمال في الجزائر. وقد عُزّز هذا الموقع أيضا بالاتفاقيات التجارية الحرّة التي سبق وأن أبرمتها بلادنا مع إفريقيا والاتحاد الأوروبي و العالم العربي.
وتدعيمًا لهذا المكسب، عَمدت الجزائر إلى تشييد موانئ جديدة التي سيتمّ ربطها مع دول إفريقية أخرى عبر طرق، بما في ذلك الطريق السريع العابر للصحراء، علاوة على النقل بالسكك الحديدية. وعلى نفس المنوال، نعمل جاهدين على زيادة المواصلات الجويّة مع الدّول الإفريقية والأوروبية قصد جعل التجارة أكثر انسيابيّة.
وانطلاقا من كلّ هذه المزايا، عكفت الجزائر جديّا على تنويع اقتصادها، سعيا منها إلى تخفيض تبعيّتها للمحروقات، حيث تمّ إطلاق مشاريع كبرى و التي تقودني لأن أؤكّد بكلّ ثقة بأنّ الجزائر لا تقتصر فقط على البترول والغاز، فهي بالفعل تعمل على تنويع اقتصادها الذي من شأنه أن يخلق ثروة من فرص الأعمال والتي أدعوكم إلى اغتنامها.
وفي هذا الصدد، يطيب لي ان أعرّج على بعض المجالات التي تعدّ أولويّة وطنية والتي قد تشكّل، في اعتقادي، محل اهتمام خاصّ من قبل الشركات النمساوية.
ويتمثّل المجال الأول ذو الأولوية في تطوير الطاقات المتجدّدة
حيث تزخر الجزائر بإحدى أكبر الموارد الشمسية في العالم بسطوع شمسي يزيد عن 3000 ساعة في اليوم في بعض المناطق. وتتدعّم هذه الإمكانية بوجود شبكة كهربائية مترابطة، شجّعت السلطات العمومية على وضع برنامج وطني لتطوير الطاقات المتجدّدة الذي يهدف إلى إنتاج 15000 ميغاواط بحلول 2035، بنسبة تقدّر بـ 1000 ميغاواط سنويّا. وقد تمّ الشروع حاليا في إنجاز 2000 ميغاواط. ومن المتوقّع أن تصل المداخيل التي سيتمّ اقتصادها عند بلوغ 15000 ميغاواط، ما قد يفوق 3,6 مليار دولار أمريكي سنويا. وهو الربح الذي من شأنه تعزيز حصّة الطاقات المتجدّدة في المزيج الطاقوي الوطني.
وعلاوة على هذا، أقدمت الجزائر مؤخّرا على اعتماد خارطة طريق لتطوير الهيدروجين، والتي تهدف إلى جعل الجزائر دولة رائدة على المستويين الإقليمي والدّولي في إنتاج وتسويق هذه الطاقة الجديدة. ونسعى لتزويد السوق الأوروبية بما يقارب %10 من احتياجاتها بحلول عام 2040. وفي هذا الصّدد، أودّ بصفة خاصّة أن أرحّب بالاهتمام الشديد الذي أبداه مجمّع نمساوي رائد، لمشروع الممر الجنوبي للهيدروجين (SoutH2 Corridor) والذي بادرت به الجزائر والنمسا وألمانيا وإيطاليا.
يتعلق المجال الثاني ذو الأولوية بفتح طاقات الموارد المعدنية
تهدف الجزائر، في إطار مخطّط عملها للفترة 2020ـ2024، إلى تطوير قطاع المناجم الذي ظلّ قليل الاستغلال لعشرات السنين.
وفي هذا الصدد، قامت السلطات الجزائرية بإطلاق ثلاثة مشاريع هيكلية كبرى يتمثّل الأول في مشروع الفوسفات المدمج الكبير بتبسّة، شرق البلاد، الذي يهدف إلى إنتاج ما يزيد عن 10 مليون طن من الفوسفات سنويّا.
يتعلّق المشروع الثاني بمنجم الحديد بتندوف، جنوب غرب البلاد، والذي يعتبر واحد من بين أهمّ حقول الحديد في العالم باحتياط يقدّر بأكثر من 2 مليار طن.
كما يخصّ المشروع الثالث والأخير منجم الزنك ببجاية، شمال شرق البلاد، والذي يعدّ أيضا من بين أكبر حقول الزنك في العالم بقدرة إنتاجية تصل إلى 2 مليون طن سنويّا.
وبخصوص المجال الثالث ذو الأولوية، فهو ذو صلة بتوسعة وعصرنة قطاع السكك الحديدية
وتتمثّل إحدى فوائد المشاريع المنجميّة التي أَشرتُ إليها آنفا في توسعة شبكة قطاع السكك الحديدية وعصرنتها ، حيث تقرّر ربط كافّة مواقع تلك المشاريع بالشبكة الوطنية للسكك الحديدية، وهو الحال خصوصا بالنسبة لمشروع إنجاز الخط المنجمي للسكك الحديدية الجديد بشارـ تندوف ـ غارجبيلات على مسافة تفوق 950 كم. وهو الشأن ذاته بالنسبة لمشروع آخر موجّه لنقل الفوسفات من تبسّة، شرق البلاد، مرورا بأربع مدنٍ غربا وعلى مسافة تزيد عن 448 كم.
وبالنظر إلى التعاون الدائم و المتين بين بلدينا في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة، أودّ تشجيع الشركات النمساوية لاغتنام فرص الأعمال العديدة التي تتيحها هذه المشاريع. وقد خصّصت الحكومة الجزائريّة في الآونة الأخيرة غلافا ماليّا قدره حوالي 15 مليار دولار أمريكي قصد إنجاز 6000 كلم من السكك الحديدية عبر الوطن.
يتمثّل المجال الخامس ذو الأولويّة في توليد الموارد المائية
لقد سطّرت الجزائر برنامجا طموحا حول تحلية مياه البحر، تمّ بموجبه تشييد اثنتي عشرة (12) محطة تحلية المياه على طول الشريط الساحلي. وقد سمح دخول هذه المحطات حيّز الخدمة بإنتاج ما يربو عن 2 مليون م3 من المياه المحلّاة يوميّا، وهو ما يصل إلى %18 من احتياجات السكّان. وهدفنا أن نبلغ %42 عند نهاية السنة الجارية و%60 بحلول 2030، ولهذا قامت الحكومة الجزائرية ببرمجة إنجاز خمس محطات إضافية لتحلية مياه البحر.
علاوة على هذا، شرعت الجزائر بوضع برنامج هام لبناء عدّة محطات لمعالجة المياه المستعملة. وستُوجّه هذه المياه المعالجَة إلى إعادة استعمالها في مختلف قطاعات النشاط، لاسيّما الزراعة.
ويصل بي المقام هاهنا للحديث عن المجال الخامس و الأخير ذي الأولوية والذي يخصّ تطوير القطاع الزراعي
حيث يمنح القطاع الزراعي للمستثمرين الأجانب فرصا لاتزال غير مستغلّة، خاصّة في جنوب البلاد أين يكمن الهدف في جعل ثلاثة ملايين هكتار جاهزة للاستثمار على نطاق واسع.
وقد أثمرت الجهود التي بذلتها الحكومة الجزائرية، خلال السنوات الأربع الأخيرة من إيلائها الأولوية لهذا المجال، عن نتائج أوليّة إذ يساهم القطاع الزراعي حاليا بما يقارب 15 % من الناتج الداخلي الخام. كما يشغّل آنيا %20 من اليد العاملة الوطنية، وقصد الإسراع في التقدّم الجاري إحرازه في هذا الميدان، فإني أعتقد إعتقادا راسخا أنّ الجزائر ستشهدُ ثورة زراعية قادمة وبالأخصّ في جنوب البلاد.
فهدفنا يكمن في تطوير الشعب الغذائية الإستراتيجية على غرار الحبوب والحليب وكذا اللحوم الحمراء والبيضاء، من خلال الرفع من المساحات المسقية والاستمرار في ربط المستثمرات الفلاحية بشبكة الكهرباء وزيادة قدرات التخزين ودعم أسعار الأسمدة.
وهناك أوليات أخرى قد تشكّل في اعتقادي محل اهتمام خاص للشركات النمساوية بالنظر إلى تاريخ علاقاتنا الثنائية. ومجالات أخرى كالمؤسّسات الناشئة والصناعة الصيدلانية وتكنولوجيات الاتصال والإعلام والسياحة والتي تملك جميعها إمكانات ضخمة تنتظر فقط استغلالها.
وفي الختام، أودّ أن أدعوكم إلى اغتنام فرص الأعمال الكثيرة والهائلة التي تزخر بها الجزائر كما أشجّعكم أن تكونوا القاطرة التي ستقود الشراكة الاقتصادية الواعدة بين بلدينا الصديقين.
وأؤكّد مجدّدا على أنّه لايوجد وقت أفضل من الآن للقيام بذلك، باعتبار أنّ الجزائر بصدد إطلاق العنان لإمكاناتها الكاملة كشريك يمكن الوثوق به والاعتماد عليه في العالم الاقتصادي.
فالاستثمار في الجزائر يعني أن تراهن بصفة آمنة على أرض تعجّ بالفرص والوعود.
أشكركم على كرم الإصغاء”.