عرقاب يكشف التحديات الكبرى لقطاع المناجم ومسار الانتقال نحو صناعة منجمية متكاملة
شرف الدين عبد النور

استمعت لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية والصناعة والتجارة والتخطيط بالمجلس الشعبي الوطني، اليوم الخميس، إلى عرض مفصل قدّمه وزير الدولة وزير المحروقات والمناجم محمد عرقاب حول الرهانات والتحديات التي يواجهها قطاع المناجم، وذلك خلال جلسة ترأستها سميرة برهوم وبحضور كاتبة الدولة المكلفة بالمناجم كريمة بكير طافر ورئيس الوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية مراد حنيفي وإطارات من الوزارة.
وأكد الوزير في مستهل مداخلته حسب ما أورده بيان وزارة المحروقات، أن هذه الجلسة تندرج في إطار التوجه الاستراتيجي الذي أرسى دعائمه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من أجل جعل قطاع المناجم قاطرة حقيقية للتنمية الوطنية وركيزة محورية في مسار تنويع الاقتصاد خارج المحروقات، من خلال تحويل الثروات الطبيعية إلى قيمة مضافة تسهم في دعم الاقتصاد الوطني.
وأوضح الوزير أن التشخيص الدقيق لواقع القطاع أبرز وجود قدرات منجمية هائلة وثروات كامنة يقابلها ضعف ملحوظ في المساهمة في الناتج الداخلي الخام، بسبب تحديات تراكمت عبر الزمن، أبرزها ضعف الاستثمار في البحث والاستكشاف، ونقص البيانات الجيولوجية الحديثة، واستمرار استيراد مواد متوفرة محليًا مثل مركز الحديد والباريت والبنتونيت وكربونات الكالسيوم والرخام والغرانيت، وهو ما يمثّل نزيفًا للعملة الصعبة. كما أشار إلى قصور الإطار القانوني السابق وعدم مواكبته متطلبات الاستثمار، إضافة إلى نقص البنى التحتية والتحديات المتعلقة بالتمويل ونقل التكنولوجيا وتكوين المورد البشري.
وبيّن الوزير أن القطاع دخل مرحلة جديدة عنوانها الإصلاح والتحرر الاقتصادي بعد صدور القانون الجديد المنظم للنشاطات المنجمية الذي نشر في أوت الماضي، والذي جاء نتيجة مشاورات واسعة تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية. وأكد أن هذا القانون يمثل نقطة تحول جوهرية، إذ يكرس تبسيط الإجراءات وتقليص آجال منح السندات المنجمية وإرساء الشباك الوحيد الفعلي، مع السماح بالاستثمار في مرحلة الاستكشاف دون إلزامية التأسيس كشخص معنوي. كما استحدث القانون لأول مرة إمكانية التنازل عن السندات أو تأجيرها أو رهنها للتمويل، إلى جانب تعزيز دور الوكالات المتخصصة.
وفي عرضه للرهانات الكبرى، أكد الوزير أن الهدف هو الانتقال من مجرد استخراج أولي للمعادن إلى بناء صناعة منجمية متكاملة، مستعرضًا المشاريع المهيكلة الكبرى، وفي مقدمتها مشروع غارا جبيلات للحديد بتندوف، ومشروع الفوسفات المدمج بشرق البلاد، ومشروع الزنك والرصاص بوادي أمزور – تالة حمزة، باعتبارها مشاريع استراتيجية ستساهم في تلبية احتياجات الاقتصاد الوطني وتوجيه الفائض نحو التصدير.
وشدد الوزير على أهمية تنويع القاعدة المنجمية عبر برامج بحث واستكشاف طموحة وتطوير شعب المعادن الصناعية غير الحديدية بهدف الإحلال الكامل للواردات، مع فرض المحتوى المحلي ونقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة داخل الجزائر باعتبار ذلك رهانًا سياديًا لحماية الثروة الوطنية.
وتناول الوزير تحدي البنى التحتية موضحًا أنه تم تجاوز جزء منه في المشاريع الكبرى، لاسيما بعد إنجاز خط السكة الحديدية الرابط بين غارا جبيلات وبشار المزمع تدشينه في جانفي 2026، إلى جانب خط تبسة – سوق أهراس – عنابة المخصص لمشروع الفوسفات المدمج، والتوسعة التي يشهدها ميناء عنابة المنجمي. كما أكد حرص الوزارة على تعزيز الشراكات الدولية بالتعاون مع مجمع سونارام لجلب رؤوس الأموال والتكنولوجيات الحديثة وتطوير المورد البشري.
وفي ختام عرضه، شدد الوزير على أن الاستراتيجية الوطنية الجديدة المدعومة بالقانون المنجمي الجديد تمثل الإطار العملي لتحويل قطاع المناجم إلى أحد أعمدة الاقتصاد الوطني ومصدرًا مستدامًا للثروة ومناصب الشغل، مع تأكيده استعداد الوزارة للتفاعل مع انشغالات أعضاء اللجنة والرد على مختلف تساؤلاتهم.
