طوفان الأقصى وأسطورة الجيش الذي لا يقهر… واقع المقاومة و خيال الكيان المحتل
كان تاريخ السابع من أكتوبر وسيبقى ذكرى تاريخية في مسار نضال المقاومة الفلسطينية، والفلسطينيين بشكل عام، أين تم دحض الاسطورة و الرواية الصهيونة بشأن جيشهم الذي لايقهر، و باعتراف منهم قالت صحيفة عبرية، ”شنّت حماس هجوماً مباغتاً فعالاً، فاجأ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تماماً وأدى إلى انهيار منظومتها على حدود قطاع غزة بشكل كامل”،مضيفة” في نهاية الحرب، لا بد من إجراء تحقيق عميق في الفشل الاستخباراتي والسياسي الذي أدّى إلى الفخ القاتل”.
و بعد شعورهم بالهلع و الارتباك إستنجد (الجيش الذي لا يقهر حسب مزاعمهم)، بالقوى الغربية و على رأسها الأمريكان، لحراسة و تدعيم حصنهم الهش هشاشة بيت العنكبوت، و كذا استعمال و تمويل القنوات الغربية و الأمريكية منها لنشر الأكاذيب و الدجل حول المقاومة الفلسطينية التي أحدثت ضررا كبيرا للاحتلال الصهيوني على جميع المستويات، بلغ لحد انقسام الرأي العام داخل الكيان المحتل، و أبرز مثال على كذب الأجندة الصهيونية و خدامها من الاعلام الغربي و خاصة الأمريكي هو مسرحية مقتل نحو 40 طفلا، قُطعت رؤوس بعضهم، وهو الدجل الذي صدر حسب مصادر اعلامية من مراسلة قناة “آي24” الإسرائيلية الناطقة بعدة لغات بينها العربية والإنجليزية والفرنسية، حيث خرجت مراسلة القناة الكاذبة “بتأثر” للحديث باللغة الإنجليزية عما أسمتها “مشاهد الرعب في كيبوتس (كفار عزة) حيث هاجمت حماس وقتلت عشرات الإسرائيليين في منازلهم”.
وعندما سُئلت مراسلة الصهاينة المأجورة عن صحة هذا الرقم وما إذا كان يتعلق بالفعل بـ40 طفلا ميتا، قالت المراسلة أن “هذا ما قاله لي أحد القادة العسكريين”، وأن العدد الإجمالي للوفيات لم يُحدد بعد، ما يعيد للأذهان مسرحية “شاهد ماشافش حاجة”.
أغلبية ساحقة داخل الكيان المحتل تُحمّل نتنياهو مسؤولية الاخفاق أمام طوفان الاقصى
كشفت إحدى صحف الكيان الصهيوني، أن 80% من المستوطنين يُحمّلون رئيس وزراء الاحتلال مسؤولية أحداث السابع من أكتوبر، بل وصل الأمر إلى اعتراف مسؤولين نافذين داخل الكيان الصهيوني بتحملهم مسؤولية الإخفاق الأمني في الوقوف في وجه المقاومة الفلسطينية خلال طوفان الأقصى و أبرزهم وزير دفاع الكيان المحتل.
كما قال وزير وزراء الاحتلال أن يوم السابع من أكتوبر سيبقى يوما أسود في تاريخ الشعوب، والأفظع للشعب اليهودي منذ المحرقة النازية.
مواقف غربية تسير عكس تيار الكيان الصهيوني
لا شك في أن الكيان الصهيوني يحظى بدعم غربي لامثيل له على كافة الأصعدة، و لكن بعض المواقف الغربية سارت عكس التيار، وأعلنت بوضوح رفضها للمجزرة التي يقوم بها الصهاينة في غزة وأهلها، و مؤيدة لحق الفلسطينيين في العيش بسلام داخل أراضيهم.
حيث وصل الأمر إلى استقالات من داخل الداعم الأول للمحتل الصهيوني و هي الولايات المتحدة الأمريكية، أين قدّمت المسؤولة في وزارة الخارجية الأميركية، لارا فريدمان، إستقالتها، احتجاجا على تعامل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مع العدوان الصهيوني على قطاع غزة، لتنضم إلى مدير الشؤون العامة والكونغرس في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بالوزارة جوش بول، الذي استقال في وقت سابق للسبب ذاته.
وتُعتبر فريدمان وهي رئيسة مؤسسة السلام في الشرق الأوسط، مرجعا في السياسة الخارجية الأميركية المتعلقة بالصراع “الإسرائيلي – العربي الفلسطيني”.
وكان جوش بول قد أعلن في وقت سابق أنه لا يستطيع دعم المزيد من المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، واصفا رد الإدارة الأميركية بأنه “فعل متهور قائم على الإفلاس الفكري”.
وفي معرض تقديمه خطاب استقالته على موقع لينكد إن كتب بول: “أبلغت زملائي اليوم بأنني استقلت من وزارة الخارجية، بسبب خلاف سياسي بشأن مساعدتنا الفتاكة المستمرة لإسرائيل، ولمزيد من التوضيح لمبرراتي للقيام بذلك كتبت المذكرة المرفقة”.
وأضاف: “خلال 11 عاما قدمت تنازلات أخلاقية أكثر مما أتذكر، سأغادر اليوم لأنني أعتقد أنه في مسارنا الحالي فيما يتعلق بتزويد إسرائيل المستمر -بل الموسع والسريع- بالأسلحة الفتاكة، وصلت إلى نهاية هذه الصفقة، لا أستطيع قبول الاستمرار في وظيفة تسهم في مقتل مدنيين فلسطينيين”.
و كان لدى النرويج رأي مخالف تماما، فقد حذّر رئيس الوزراء النرويجي يوناس ستوره من تدهور الأوضاع في غزة، وصولا إلى ما وصفها بـ”كارثة إنسانية”، حيث أدان الحصار على قطاع غزة والإجراءات التي تستهدف المدنيين في القطاع.
كما أعلنت وزيرة الخارجية النرويجية، أنيكن هويتفيلدت رفضها حصار غزة، ورصدت مبالغ مالية جديدة لدعم المدنيين في القطاع.
و في أيرلندا، إنتقد النائب الأيرلندي ريتشارد بويد باريت في كلمة أمام البرلمان الأيرلندي سياسة الاحتلال الصهيوني تجاه غزة، واصفا الكيان الصهيوني بـ”الدولة الإرهابية”، مؤكدا “نحن أمام جريمة حرب متكاملة، وفق اتفاقية جنيف”.
أما في إسبانيا، فقد أدانت وزيرة الحقوق الاجتماعية الإسبانية، إيوني بيلارا، ما يفعله الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة من أفعال قالت، إنه يمكن أن نعدّها “جريمة حرب وإبادة جماعية مبرمجة”، مؤكدة بأنه يعدّ عقابا جماعيا ينتهك بشكل خطير القانون الدولي الإنساني، ويمكن أن نعدّه جريمة حرب.
واتهمت بيلارا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية بتشجيع الكيان المحتل على ممارسة سياسة التفرقة والعنصرية والعدوان التي تنتهك حقوق الإنسان بصورة خطيرة، مطالبة الاتحاد الأوروبي بتطبيق عقوبات اقتصادية كما حدث مع روسيا ضد المسؤولين سياسيا عن هذه الإبادة الجماعية، خاصة رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، وبقية القادة السياسيين.
كما اندلعت مظاهرات حاشدة في مختلف مدن العالم تنديدا بما يقوم به الاحتلال الصهيوني من جرائم ضد الإنسانية بقطاع غزة و مدن مختلفة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، و هو الأمر الذي كشف لسلطات الاحتلال عن وعي الشعوب العالمية بحقيقة بشاعة الاستعمار الذي تعاني منه دولة فلسطين، خاصة و أنه لايوجد شيء يمكن إخفاءه في ظل وجود تكنولوجيات الاتصال الحديثة التي أصبحت تكشف كل صغيرة وكبيرة عن الواقع المر الذي يعيشه الشعب الفلسطيني على أراضيه، و التي أوصلت صرخات المستضعفين، في ظل صمت المجتمع الدولي.
شرف الدين عبد النور