سي الهاشمي عصاد بمناسبة الذكرى 28 لإنشاء المحافظة السامية للأمازيغية: “العمل جاري لدمج الأمازيغية بانسجام في المشهد المدرسي الوطني”

قال اليوم الامين العام للمحافظة السامية للأمازيغية سي الهاشمي عصاد بمناسبة الإحتفاء بالذكرى 28 لإنشاء المحافظة السامية للأمازيغية، والتي اقيمت مراسيمها بجامعة أبو بكر بلقايد بتلمسان، أنه يتم العمل على دمج الأمازيغية بانسجام في المشهد المدرسي الوطني باعتبارها مادة تعليمية في الأطوار الثلاثة.
وأشار سي الهاشمي عصاد خلال كلمته أنه تم تحقيق وثبة كبيرة في قطاع التربية من خلال تزايد تعداد الاساتذة الذين يزاولون عملية التدريس، حيث بلغ عددهم 3744 أستاذ موزعين على 47 ولاية، في انتظار توسيع هذا التدريس الى الولايات المتبقية ابتداء من الدخول المدرسي المقبل 2023 /2024.
و أما في قطاع التعليم العالي و البحث العلمي فقد أشار الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، إلى تسجيل تواجد الأمازيغية في خمسة معاهد متخصصة في كل من جامعات تيزي وزو، بحاية، باتنة ، تامنغست و قسم لتكوين الأساتذة بالمدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة في انتظار توسيع هذه الأقسام الى ولايات الشلف، غرداية و ورقلة.
وفي سياق متصل قال عصاد، أنه تم تسجيل 3338 متحصل على شهادة جامعية في تخصص لغة و ثقافة أمازيغية، و 112 أستاذ من درجة أستاذ مساعد أ و ب الى أستاذ تعليم عالي مرورا بدرجة أستاذ محاضر أ و ب، وهذا خلال الدخول الجامعي 2022-2023. مشيرا إلى أن هذا التعداد سوف يرتفع نسبيا بعد القرار الأخير لرئيس الجمهورية المتضمن توظيف حاملي شهادات الماجستر و الدكتوراه.
و صرح سي الهاشمي عصاد، أن الأمازيغية حظيت في قطاع الإتصال بحضور لافت في 27 محطة إذاعية التي تبث بمختلف المتغيرات اللسانية حسب خصوصية كل منطقة.
كما أشار الأمين العام الى موافقة المديرية العامة للإذاعة على الطلب المتضمن أهمية إدراج اللغة الأمازيغية المحلية في اذاعة تلمسان و الذي من الممكن، حسبه، أن يتجسد هذا المسعى في غضون الأشهر القليلة المقبلة.
و أكد عصاد على حرص التلفزيون الجزائري عبر القناة الرابعة على خدمة اللغة و الثقافة الأمازيغية ، التي تُركز على بناء برامج ثقافية وتربوية تنمي الشعور بالإعتزاز بالموروث الوطني مع تسليط الضوء على مختلف المكاسب الكبيرة التي حققتها المحافظة السامية للأمازيغية. كما ذكر بالمحتوى المتنوع باللغة الأمازيغية الذي تحرص وكالة الانباء الجزائرية على نشره يوميا عبر موقعها الإلكتروني و اصفا إياه بالمكسب الذي يفتح الأبواب لمشروعٍ جديدٍ متمثلٍ في منبرٍ اعلاميٍ عمومي باللغة الأمازيغية.
و تطرق الأمين العام في كلمته خلال اللقاء إلى موضوع الأمن الهوياتي الذي يحظى حسبه، بالإهتمام الواسع لدى مؤسسات الدولة لما له من دور في تعزيز الوعي الوطني بين المواطنين، وتشجيعهم للحفاظ على قيم وتقاليد المجتمع الوطني، حيث اعتبره صمّام الأمان للوحدة الوطنية و السلامة الترابية.
كما أوضح الأمين العام أن الهوية الوطنية تتعرض لتهديدات خارجية متعددة، منها التأثيرات الثقافية والإجتماعية للدول الأخرى، والتي يمكن أن تقوض إستقرار الدولة و تؤثر على القيم والتقاليد والعادات في المجتمع، داعياً إلى لزومِ التحلي باليقظة و الاستباق لمحاربة أي مساس من شأنه خلق اللاستقرار.
و اعتبر سي الهاشمي عصاد، أن اللغة الأمازيغية هي أحد العناصر المهمة لتعزيز التماسك الاجتماعي في المجتمع ، وذلك من خلال مساهمتها في ترسيخ الإنتماء الوطني والثقافي للأمة الجزائرية.
ودعا عصاد، إلى محاربة كل الظواهر السلبية التي تؤثر على تناغم المجتمع وفق مقومات الأمة كاملة، أين خصّ بالذكر ما يسمى بالعنف اللفظي و خطاب الكراهية حيث قال أن هذا النوع من الخطاب يتم استخدامه لتحريض الناس ضد بعضهم البعض بسبب اختلافاتهم اللغوية ، الثقافية ، العرفية و المذهبية، مشيرا إلى أن محاربة خطاب الكراهية يتطلب جهودًا مشتركة من المجتمع و المؤسسات والإعلام و المنظمات الحقوقية، من خلال توعية المواطنين بأضرار هذا النوع من الخطاب وتعزيز القيم الإنسانية والتسامح والتعايش السلمي بين الأفراد.
من جهة آخرى، أكد عصاد أن رسالة المحافظة السامية للأمازيغية بمناسبة الذكرى 28 لتأسيسها هي تعزيز الشراكة مع الجامعة لإبراز أهمية التكفل بمثل هذه الإشكاليات التي لا يمكن أن تكون إلا في إطار تكاملي متعدد الأطراف من خلال جعل موضوع الأمن الهوياتي كأحد الوسائل الإستباقية باعتبارها ذا فعالية إزاء التثاقف الذي يتفاقم ويسري بأساليب متنوعة في عصر العولمة ووسائل التواصل الإجتماعي. مضيفا أن المسعى هو تقوية اللحمة الوطنية وتعزيز أواصر الجبهة الداخلية والحفاظ على مقومات الهوياتية للمجتمع الجزائري، في كنف جزائر واحدة موحدة .
كما شدّد على وضع الجزائر بكلّ مكوّناتها، على أنّها وحدة و كلّ متكامل، يكون في الوقت ذاته كلا جغرافيا، وكلا تاريخيا، و سياسيا وأنثروبولوجيا وثقافيا.
وقال الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية أن هذا النشاط يعتبر تجسيدا ملموسا لإحدى التزامات اتفاقية الشراكة والتعاون التي تم امضاءها شهر فيفري المنصرم بمناسبة فعاليات الإحتفال المزدوج باليوم الدولي للغة الأم و أسبوع اللغات الإفريقية بتلمسان، من خلال تنظيم أنشطة علمية و تعزيز أواصر التبادل في جانب التوثيق بالإضافة إلى العمل الميداني و الإصدارات العلمية المشتركة.
مشيرا إلى أن هذا اللقاء يحمل رمزية قوية من حيث أنه محطة لتقييم نشاط و مسار 28 سنة من عمل المحافظة السامية للأمازيغية كهيئة رئاسية تأسست بموجب مرسوم رئاسي 147-95 المؤرخ في يوم 27 ماي 1995.
كما اعتبر هذا النشاط مناسبة لتقديم حصري لإصدار جديد تم إنجازه بصيغة النشر المشترك مع جامعة أبوبكر بلقايد بتلمسان و يتعلق الأمر بأشغال الملتقى الأكاديمي الموسوم بـ : “الأمازيغية في ظل مقومات الأمة ، الأمن الهوياتي، السلامة الترابية و الوحدة “.
وأضاف سي الهاشمي عصاد، أن الاحتفال بهذه الذكرى الـ 28 لنشأة الهيئة هي فرصة لاستحضار المسار التطوري الذي عرفته اللغة الأمازيغية من مكاسب في عديد من المجالات على غرار التربية الوطنية، التعليم العالي و البحث العلمي، الثقافة و الفنون و الاتصال.
كما نوَّه في نفس السياق أنه تم في غضون ثلاثة عشريات، تصميم ترسانة قانونية وتنظيمية كاملة تشهد على مكانة اللغة الأمازيغية في الجزائر عبر عدة محطات زمانية بفضل نضالات ايجابية لرجال و نساء و وعي وطني كرسته مؤسسات الدولة بروح مسؤولية عالية وكذا ما حمله دستور نوفمبر 2020 الذي جسد المسعى المشرق و الواعد.
وصرّح الأمين العام ،خلال اللقاء أن هذه المناسبة تعتبر سانحة للتنويه بالمجهودات المبذولة من طرف هيئته في مجال النشر باللغة الأمازيغية بتصدرها الريادة في هذا المجال بأكثر من 325 عنوان و العشرات من الوسائط الرقمية و السمعية البصرية بالإضافة الى العديد من الملتقيات و المنتديات التكوينية التي تم تنظيمها في كل ربوع الوطن و كذا مختلف الإحتفالات المخلدة بالأعياد الوطنية كعيد الإستقلال و الشباب و عيد رأس السنة الأمازيغية يناير.
من جانب أخر، اكد عصاد ان الإقتراح المقدم من طرف الهيئة، تجسد بتأسيس جائزة امتياز تحت عنوان جائزة رئيس الجمهورية للأدب و اللغة الأمازيغية و هي أسمى تقليد في الدولة تُخصص للغة الأمازيغية في الجزائر و التي تسعى لتشجيع البحث و الإبداع بمردوده النوعي الهادف إلى إثراء اللغة الأمازيغية و الإسهام في نشرها و ترقيتها.
مشيرا أن الدولة الجزائرية لم تدخر أي جهد في سبيل ترقية وتطوير اللغة والثقافة الأمازيغية بتوفيرها للنصوص القانونية اللازمة لذلك، مضيفا أن دور النخبة من أهل الإختصاص قد حان للعمل من خلال النصوص القانونية السائرة المفعول لتجسيد سياسة لسانية وطنية مبنية على أسس علمية على أرض الواقع.
و أكد الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية سي الهاشمي عصاد في ختام كلمته ، أن تمازيغت هي لغة وطنية و رسمية تعمل الدولة على ترقيتها كما جاء في دستور نوفمبر 2020، من خلال اعتبارها جزءً لا يتجزأ من الهوية الوطنية، مشيرا لكونها بحاجة إلى إسهام كل مؤسسات الدولة، و وسائل الإعلام والكفاءات الوطنية وكذا النخبة و المجتمع المدني بغية تعزيز مكانتها، ترقيتها، وحمايتها من مختلف التلاعبات والتجاذبات السياسوية.
كما أعرب عن ثقته في أن المحطة القادمة ستكون بتعزيز مهام و صلاحيات المحافظة السامية الأمازيغية مع تكريس خارطة طريق جديدة كتتويج لتراكم التجارب و الإنجازات العلمية و الثقافية طوال ثلاثة عقود من العمل الدئوب ،متفائلا بفتح أفاق واعدة من خلال تفعيل أحكام الدستور.
و يجدر بالذكر أن فعاليات الإحتفاء بالذكرى 28 لإنشاء المحافظة السامية للأمازيغية و التي أقيمت بجامعة أبو بكر بلقايد بولاية تلمسان عرفت حضور كل من والي ولاية تلمسان مروري أمامون، و رئيس المجلس الشعبي الولائي، نواب البرلمان،بالإضافة إلى أعضاء اللجنة الأمنية، العسكرية و القضائية وكذا المدراء التنفيذيين للولاية و مدير جامعة أبوبكر بلقايد، و مدراء المعاهد و الأساتذة وممثلي التنظيمات الطلابية، إضافة إلى الطلبة الجامعيين و الأسرة الاعلامية.
كما أصدرت المحافظة السامية للأمازيغية بالاشتراك مع جامعة أبوبكر بلقايد بتلمسان، بهذه المناسبة، كتابا يضمّ مداخلات أشغال الملتقى “الأمازيغية في ظل مقوّمات الأمة والأمن الهوياتي والسلامة الترابية والوحدة الوطنية” الذي كان قد انعقد شهر فبراير الماضي بمناسبة احياء اليوم الدولي للغة الأم وأسبوع اللغات الإفرقية، الذي احتضنته تلمسان.
شرف الدين عبد النور