رئاسيات 7 سبتمبر… نجاح مسار هام من أجل جزائر منتصرة

اختارت الانتخابات الرئاسية للسابع من سبتمبر، والتي جاءت هذه المرة في ظرف مغاير وحساس، نظرا للأوضاع الإقليمية والدولية التي يشهدها العالم، الوقوف مع المنطق، بعد أن كشفت عن من سيقودها خلال السنوات الخمس القادمة، من خلال فوز الرئيس عبد المجيد تبون بعهدة ثانية مكملة للعهدة الأولى، من أجل مواصلة البناء والتشييد لتعزيز مكانة الجزائر اقليميا ودوليا، ومن أجل استكمال تجسيد التزاماته تجاه الشعب لتحقيق آماله وطموحاته تنسيه فترات الحكم السابقة التي أفضت إلى حراك شعبي سنة 2019، أطاح بمنظومة فساد استباحت المال العام وتصرفت فيه دون حسيب أو رقيب، أدت إلى ركود اقتصادي وعزوف سياسي من قبل الجزائريين آنذاك.

وجرت الإنتخابات هذه المرة في جو هادئ ساده الاستقرار انطلاقا من الحملة الانتخابية للمترشحين الثلاث لهذا الاستحقاق الهام الذي جاء كما ذُكر آنفا في ظرف جد حساس سواءً على الصعيد الدولي أو الإقليمي تطلب الحكمة وبعد النظر في تسيير المراحل القادمة بكل رشد ورزانة، فقد عكف المترشحون الثلاثة وعلى رأسهم الرئيس عبد المجيد تبون، خلال تنشيطهم للحملة الانتخابية على تقديم برامجهم بطريقة سلسة وموضوعية خالية من التهريج والتهويل والتراشق بالكلام، من خلال إستعراض مشاريعهم التي ركزت أساسا على الجوانب الاقتصادية من خلال، معالجة التحديات الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل، والاجتماعية من خلال تحسين الظروف المعيشية وتوفير فرص العمل والقضاء على البطالة، بالنظر لاهميتها لدى المواطنين، دون إغفال الجانب السياسي الذي أكد المترشحون على ضرورة العمل على تحقيق استقراره، من خلال تعزيز الديمقراطية والمشاركة السياسية، وجعل الشعب الجزائري يتطلع إلى إنتخابات تعكس مطالبهم التي نادوا بها خلال الحراك الشعبي سنة 2019.

ولعل ما يحسب لهذه الإنتخابات هو عودة جبهة القوى الاشتراكية الذي يعرف بمواقفه المعارضة، وبتمثيله لمنطقة القبائل، إلى الواجهة بمشاركته في هذه الرئاسيات واستقطاب الهيئة الناخبة بالمنطقة التي عرفت في السابق عزوفا عن الحياة السياسية بشكل عام، مفوتّة بذلك الفرصة على بعض الجهات التي كانت تحاول العبث بالمنطقة بصفة خاصة، وعلى من كان يظن أن الجزائر ستبقى غارقة في دوامة مظلمة لامخرج لها بصفة عامة.

الجيش الوطني الشعبي: ضامن فعّال في تأمين ونجاح الاستحقاق الرئاسي

ومن العوامل الرئيسية التي ساهمت في نجاح رئاسيات 7 سبتمبر هي مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، التي أكدت سابقا في إفتتاحية مجلة الجيش، أن الجيش الوطني الشعبي على أتم الجاهزية والاستعداد لتأمين كافة مراحل العملية الانتخابية وذلك من خلال السهر على توفير كل الظروف الأمنية الملائمة لإنجاح هذا الاستحقاق، وتمكين المواطنين من أداء واجبهم الانتخابي في جو يسوده الهدوء والسكينة.

وبالعودة إلى فوز الرئيس تبون، فإن هذا الأمر يعتبر من جهة أخرى نقطة إيجابية على الصعيد الخارجي، بعد أن استغلت الجزائر الصراع الروسي الاوكراني، من الناحية الاقتصادية واصبحت مصدرا طاقويا هاما وموثوقا لأوروبا، الأمر الذي بات يشكل ورقة ضغط ايجابية هامة للجزائر، ومن جهة أخرى فإن عدم الاستقرار في منطقة الساحل، يجعل الجزائر طرفا أساسيا لضمان الأمن في المنطقة، كما أن الجزائر من خلال عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي باتت صوتا مهما للدفاع عن القضايا العادلة وعلى رأسها القضيتين الفلسطينية والصحراوية، وهو الأمر الذي التزم به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.

وعلى الصعيد الداخلي، فيرى محللون سياسيون أن فوز الرئيس عبد المجيد تبون بعهدة جديدة، هو أمر مهم بالنظر لكونه الرجل الأنسب لاستكمال مسار البناء والتشييد، بعد الظروف التي تولى فيها الحكم خلال العهدة الأولى التي اتسمت بعدم الاستقرار خاصة فيما تعلق بجائحة كورونا التي أعاقت الانطلاقة، فضلا عن محاربة الفساد وجهوده التي قام بها للخروج من ارهاصات القوى التي استولت على الحكم قبل 2019، وإعادة الجزائر إلى السكة، بالإضافة إلى ذلك، المشاريع التي جاء بها فيما يتعلق بالأمن المائي بتشييد محطات لتحلية مياه البحر على مستوى عدة ولايات للتخلص من أزمة المياه، حيث تعدّ الجزائر الدولة الثانية بعد السعودية، من حيث الاستثمار في تحلية مياه البحر، إضافة إلى سياسته التي لاتزال جارية لتحقيق  لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة القمح ووقف استراده، وذلك من خلال توسيع المساحات المسقية إلى 120000 هكتار إضافي، إضافة إلى المشروع الضخم الا وهو مشروع غار جبيلات بتندوف، حيث تطمح الجزائر من خلاله إلى تطوير قطاعها المنجمي الوطني بهدف تسريع مسار تلبية احتياجاتها من حيث المواد الأولية الضرورية للإنتاج الوطني للحديد والصلب، وتحسين العائدات من العملة الصعبة بفضل تصدير المواد نصف المصنّعة والفائض من الإنتاج، وكذا تعزيز تنمية منطقة الجنوب الغربي الجزائري من خلال إنشاء البنى التحتية ودفع عجلة الصناعة واستحداث مناصب الشغل، ناهيك عن البرامج السكنية التي تم تشييدها وتوزيعها، بالإضافة إلى تخصيص منحة للبطالة لفائدة الشباب إلى غاية إيجاد منصب شغل.

وبعد كل ما تم ذكره، نجد أن المنطق قد فرض نفسه هذه المرة بفوز الرئيس عبد المجيد تبون بعهدة ثانية تكميلية لمسار تعهداته ومن أجل مواصلة تمتين مؤسسات الدولة بالحفاظ على استقرارها، من أجل جزائر منتصرة.

 

شرف الدين عبد النور 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى