داعش، القاعدة، المدخلية أساس فكري واحد بتطبيقات مختلفة
قد يتساءل القراء الكرام لماذا جمعت التيارات الثلاث في عنوان واحد في حين أنها تختلف فيما بينها و يبدع بعضها بعضا بل و يصل الخلاف إلى حد الاقتتال و الاغتيال المتبادل.
الواقع أن الأساس الفكري لهذه الجماعات واحد فبإمكان أي شخص أن ينشأ على فكر القاعدة ثم يصبح مدخليا، أو مدخليا ثم يصبح داعشيا أو داعشيا يتوب عن القتل و المجازر كي يدخل ثلاجة المدخلية و هلم جرا.
و إليكم أعزائي القراء نقاط التشابه ما بين هذه التيارات.
• تبني منظور ضيق لما يسمونه اعتقاد السلف القائم على عدم تأويل صفات الله عز وجل، يجعل من تبديع أو تكفير الأشاعرة و الماتريدية و الصوفية أي غالبية الأمة الإسلامية أمرا لا مفر منه.
• رفض قاعدة الخلاف الفقهي مع من يجيز العمل الحزبي السياسي و تشكيل الجمعيات و العمل السياسي السلمي و التظاهر و حق تشكيل النقابات، و معنى رفض الخلاف الفقهي هو اعتبار من يجيز ما سبق ذكره من العلماء مثل القرضاوي أو الددو من موريطاينا ما هو الا ابتداع في الدين و اتباع لطريق المشركين.
• رفض العمل في المؤسسات الأمنية و القضائية و الجمركية و الجيش على اعتبار أنها مؤسسات تشيع الكفر و العمل بغير ما أنزل الله.
• التضييق على المخالفين بالعنف و الحديد و النار، فالقاعدة تقتل مخالفيها من الإخوان المسلمين إذا ما عارضوا نهجها في مواقع الصراع مثل اغتيال الزعيم الأفغاني أحمد شاه مسعود في عام 2000 قبل تفجيرات سبتمبر في نيو يورك، و داعش تقتل كل من خالفها مطلقا، أما المدخلية فتجيز قتل المخالفين بالوكالة من خلال الانظمة العربية القائمة التي تظهر الولاء المطلق لها على حساب مطالب الشعوب المسحوقة.
• تعتمد الاتجاهات الثلاثة على نفس المدارس الدينية السلفية التي نشأت بعد اتفاقيات سايكس بيكو عام1915 و ميزة هذه الاتجاهات أنها مخالفة لكل ما هو نهضوي وحدوي للأمة باسم الدين و لاحظ معي أخي القارئ أنه كلما مرت هذه التنظيمات على دولة أو إقليم عم الدمار و الخراب و التخلف و العداء ما بين أبناء البلد الواحد بالإضافة إلى التضييق العجيب في مفهوم سماحة الإسلام و تآخي أبناءه فيما بينهم.
• تحتج بنفس العلماء و الشخصيات الدينية و خاصة من الحجاز و هيئة كبار العلماء في السعودية.
• عداء شديد للفلسطينيين و حركة حماس بالذات بل و تشابه نقدها لحماس لنقد الإسرائيليين لها.
• و تختص القاعدة و داعش بعدم إطلاق رصاصة واحدة أو توجيه صاروخ واحد تجاه دولة الصهاينة.
• فيما تختص المدخلية بتبديع حركة حماس و التنظيمات الجهادية داخل الأرض المحتلة و العجب أن حملات المدخلية على حماس و غيرها تتزامن في التوقيت مع خلافات أنظمة عربية بعينها مع حماس و الجهاد الإسلامي و غيرهما.
• معادات الوطنية و توحيد أبناء البلد الواحد بناء على قاعدة أن المبتدع يجب تبديعه و التحذير منه علنا، علما أن المشكلة في رفضهم للحوار مع المخالفين علنا و إلا فإن منظورهم للتبديع خاطئ و مهدد بسبب جهله لوحدة الوطن و تماسك أراضيه و مساواة مواطنيه و هذا معارض لوجوب حماية الوطن أو البيضة بالتعبير الفقهي.
• من حمل السلاح منهم قاتل أمته و وطنه، و من لم يحمل السلاح انعزل في أحياء خاصة و جماعات بعينها، ترفض العمل في مؤسسات الدولة و لا تتزاوج إلا فيما بينها و تعادى من خالفها.
و يتبع نقاط التشابه هذه، سؤال مهم، كيف يتحول المدخلي إلى حامل إرهابي أو مسلح؟
المدخلية تنظيم سلفي رجعي موال ولاء مطلقا للسلطات الحاكمة و مستعد لحمل السلاح ضد شعبه دفاعا عنها مثل حمل المدخلية السلاح في ليبيا مع العقيد حفتر في مواجهة الحكومة في طرابلس.
هل هناك من هؤلاء في الجزائر؟
الجماعات المسلحة في الجزائر تلونت ما بين الانتماء للقاعدة مثل حسن حطاب في بداية الألفية الحالية إلى دروكدال في العشرية الثانية من الألفية الحالية إلى داعش لدى بعض الأفراد شمالا و جنوبا أقصى الصحراء الكبرى.
أما المدخلية فزعيمها الروحي هو الشيخ فركوس الذي يعادي الحراك الحالي للشعب الجزائري بحجة أنه بدعة و ليس من أخلاق المسلمين الذين لا يجدر بهم الاعتماد على مبدأ الغاية لا تبرر الوسيلة، كأن المطالبة بالحق الشعبي في اختيار من يمثله و معاقبة الفاسدين و السراق و ناهبي المال العام ليست من صلب فقه و دين الإسلام.
و على كل حال فإن الشيخ فركوس عارض الخروج على بوتفليقة، فعارضه رئيس هيئة الأركان الفريق قايد صالح و أجبر بوتفليقة على الاستقالة، كما عارض القضاة فركوس و افتكوا استقلايتهم، و عارض القضاء العسكري فركوس و سجن سعيد بوتفليقة و توفيق و غيرهما مع أن السعيد هو شقيق الرئيس و بوتفليقة هو الحاكم الذي يجب أن يطاع بشكل مطلق حسب المفهوم الفقهي الفركوسي المدخلي.
فإذا كان فركوس شجاعا بما يكفي فلماذا لا يبدع القايد صالح الذي أجبر قائده الأعلى على الاستقالة، و مدح الشعب الجزائري على مظاهارته السلمية؟ بل لماذا سكت فركوس و لم يدع الشعب الجزائري إلى التعقل و التوقف عن التظاهر؟
أخيرا هناك من يقول بأن أيام التيار المدخلي معدودة في الجزائر بعد سجن اللوائين توفيق و طرطاق على اعتبار أنهما كانا يرعيان هذا التيار رعاية تامة اعتمادا على معارضته الشديدة للتيار السلفي الآخر الذي تمثله الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، و لكي يستعمل أحيانا على طريقة توفيق في التفريق و بث الفتنة بين أبناء البلد الواحد كما فعل في 2014 في غرداية ثم و بعد أن هدأت الأوضاع في غرداية خرج المدخلي بفتوى تبدع كل من خالف نهجه بمن فيهم الإباضية و الإخوان المسلمين و الوطنيين في توقيت مريب غاية في الريبة.
و أخيرا فإني أدعوك يا فركوس السلفي المدخلي البربري صاحب الأنفة الأشم كن شجاعا و قل رأيك للشعب الجزائري جهارا نهارا، أليس السكوت عن بيان الحق وقت الحاجة غير جائز شرعا؟
هيثم رباني
كاتب و محلل سياسي و اقتصادي