آخر الأخبار

المحلّل السياسي رابح لعروسي لشرشال نيوز: استحداث ولايات جديدة خطوة استراتيجية لتعزيز التنمية واللامركزية في البلاد

مهدي الباز

شرشال نيوز – أصدرت الجزائر مؤخرًا قرارًا تاريخيًا يعكس استراتيجية الدولة لتعزيز التنمية واللامركزية، حيث وافق الرئيس عبد المجيد تبون على ترقية 11 مقاطعة إدارية في الهضاب العليا والجنوب إلى ولايات كاملة الصلاحية. ويأتي هذا القرار ضمن برنامج الرئيس الرامي إلى تقريب الإدارة من المواطنين، وتحسين جودة الخدمات، وتعزيز الحوكمة المحلية، ويعكس حرص الدولة على توازن التنمية بين مختلف المناطق وتفعيل دور المواطن في صناعة القرار المحلي.

التحوّلات التاريخية للتقسيم الإداري في الجزائر

عرفت الجزائر منذ استقلالها سلسلة من التحوّلات الكبرى في مجال التقسيم الإداري، فقد بدأت البلاد بعد الاستقلال بـ 15 ولاية، وشهدت سنة 1965 إعادة تنظيم شملت الدوائر والبلديات. وفي سنة 1974 ارتفع عدد الولايات إلى 31 ولاية، ثم إلى 48 ولاية عام 1984 ضمن القانون رقم 84‑09، مع زيادة عدد البلديات إلى 1,541 بلدية، في إطار تحسين البنية الإدارية وتوسيع الخدمات العامة.

خطوات الجزائر الجديدة لتعزيز التنمية الإدارية

وخلال عهدة الرئيس عبد المجيد تبون، تمّ ترقية 10 ولايات منتدبة في الجنوب إلى ولايات كاملة الصلاحية، مثل برج باجي مختار وعين صالح وجانت، وتوسيع التمثيل الإداري في المناطق النائية لضمان التوازن الجهوي وتحفيز التنمية المحلية.

الرئيس تبون يأمر بترقية 11 مقاطعة إلى ولايات كاملة الصلاحية

مؤخّرًا، أصدر الرئيس تبون أمرًا بترقية 11 مقاطعة إدارية في الهضاب العليا والجنوب، شملت آفلو، بريكة، قصر الشلالة، مسعد، عين وسارة، بوسعادة، الأبيض سيدي الشيخ، القنطرة، بئر العاتر، قصر البخاري والعريشة، مع توجيه استكمال الإجراءات الإدارية فورًا بالتنسيق مع غرفتي البرلمان. ويهدف هذا القرار إلى تقريب الإدارة من المواطن وتحسين جودة الخدمات وتعزيز الحوكمة المحلية.

خلفيات القرار …عوامل تاريخية وجغرافية وسياسية واقتصادية

وفي مداخلة خاصة لصحيفة شرشال نيوز، أوضح المحلّل السياسي رابح لعروسي أنّ القرار الأخير يجب فهمه في سياق متعدّد الأبعاد. وأكّد لعروسي أن الخلفيات التاريخية تشمل التطور الإداري الذي عرفته الجزائر منذ الاستقلال، مع الحرص على الحفاظ على التوازنات الاجتماعية والجهوية. أما العوامل الجغرافية فتلعب دورًا مهمًا، فالمسافات الشاسعة بين الولايات والإدارة المركزية، وتنوّع التضاريس بين مناطق جبلية وصحراوية وسهول، واختلاف الكثافة السكانية، استدعت اعتماد إدارة متخصّصة وتقسيم إداري يسهّل التسيير ويقرّب الخدمات من المواطنين.

كما أشار لعروسي إلى البعد السياسي للقرار، موضحًا أنه يساهم في تعزيز اللامركزية ودعم الحوكمة المحلية وتمكين المواطنين من المشاركة في صنع القرار المحلي، والحدّ من التهميش الذي شهدته بعض الولايات سابقًا. وأكّد أنّ القرار يحمل بعدًا اقتصاديًا وتنمويًا من خلال توزيع المشاريع التنموية بشكل عادل وتنظيم الاستثمارات وفق خصائص كل منطقة، ما يعزّز الديناميكية المحلية ويفتح آفاقًا جديدة لخلق فرص عمل وتحسين جودة الخدمات التعليمية والصحية والأمنية، مع احترام التنوع الثقافي واللغوي وحفظ التماسك الاجتماعي.

الأهداف المرجوة من استحداث الولايات الجديدة

وأكّد لعروسي أن الأهداف من استحداث الولايات الجديدة تتمثّل في تنفيذ الالتزام الانتخابي للرئيس تبون، وتحسين الحوكمة الإدارية، وتقريب الإدارة من المواطن، وتقليل الضغط على الإدارات المركزية، وجعل صناعة القرار أكثر ديناميكية وفعالية. كما يوفّر القرار لكل ولاية فرصة لتطوير مواردها الخاصة، وتحفيز الاستثمارات وخلق فرص عمل، مع تنظيم وتنسيق أفضل بين مصالح الحماية المدنية لضمان استجابة أسرع في المناطق البعيدة.

واختتم المحلّل السياسي مداخلته بالإشارة إلى أنّ هذا التقسيم الإداري ليس مجرّد إجراء شكلي، بل أداة استراتيجية لتعزيز التنمية المتوازنة، واللامركزية، والمشاركة الشعبية، وتقوية حضور الدولة على المستوى المحلي، بما يمهّد للمرحلة القادمة من الانتخابات المحلية والتشريعية بالتزامن مع القانون الجديد للانتخابات، ويعكس رؤية شاملة لتحقيق الاستقرار والتنمية الشاملة في الجزائر.

مهدي الباز

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى