المحلل السياسي أنيس بوقيدر لشرشال نيوز: استهداف الجزائر من أبواق مغرضة ثمن لمواقفها الثابتة تجاه فلسطين

في خضمّ ما يعيشه العالم العربي اليوم من أزمات سياسية وأمنية متشابكة، بثّت قناة “العربية” عبر صفحتها الرسمية ما وصفته بـ”تسريب” صوتي يُنسب إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، يزعم أنّ الجزائر لم تستجب للنداء العربي خلال الحرب العربية–الإسرائيلية. وقد أثار هذا الفيديو جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره كثيرون محاولة لإعادة كتابة التاريخ وتشويه الدور المحوري الذي اضطلعت به الجزائر في دعم ومساندة الجبهة العربية في حربها ضد الاحتلال الإسرائيلي.
هذا الجدل فتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول خلفيات نشر هذا التسريب المزعوم في هذا التوقيت بالذات، وحول الأهداف التي تسعى إليها بعض الجهات والأبواق الإعلامية من خلال محاولاتها التأثير في صورة الجزائر ومصداقيتها كمدافع راسخ عن القضايا العربية العادلة.
وفي هذا السياق، صرّح المحلل السياسي والأستاذ الجامعي المختص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور أنيس بوقيدر، لجريدة شرشال نيوز قائلاً: أن ما بثّته قناة “العربية” ليس مجرد مادة إعلامية عابرة، بل هو جزء من حملة ممنهجة تستهدف الجزائر ومواقفها الثابتة من القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. ويضيف: “إن إثارة موضوع يشكك في مشاركة الجزائر في دعم ومناصرة الكتلة العربية في حربها ضد إسرائيل ، واعتماد تسجيلات مشبوهة ومفبركة نُسبت زوراً إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، يكشف أن هناك من يسعى لإعادة صياغة الوعي الجمعي العربي، وتنظيف صورة بعض الأنظمة التي خانت القضية، عبر تشويه صورة الدول التي رفضت الانخراط في مسار الخيانة والتطبيع”.
ويتابع بوقيدر قائلاً: “نجاح الدبلوماسية الجزائرية مؤخراً في إعادة تسليط الضوء على القضية الفلسطينية داخل أروقة الأمم المتحدة، واستفزازها للكيان الصهيوني وحلفائه، كان كفيلاً بإطلاق هذه الحملات الإعلامية اليائسة. وقد عبّر مندوب الكيان لدى مجلس الأمن علناً عن امتعاضه من التأثير الجزائري، وهو ما يؤكد أن الجزائر أصبحت رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه”.
ويشدّد الدكتور بوقيدر على أن هذه الحملات تكشف حالة الارتباك التي تعيشها بعض الأنظمة العربية التي اختارت طريق التطبيع، قائلاً: “من فقد شرفه السياسي لا يطيق أن يرى دولة لا تزال ترفع راية الكرامة. ومن غرق في وحل الخيانة لا يريد أن يرى من يذكّره بأن الخيانة ليست قدراً محتوماً على الأمة. لهذا تحاول هذه الأبواق تشويه الجزائر، لأنها ببساطة كسرت قاعدة الصمت العربي ورفضت أن تكون شاهد زور على تصفية القضية الفلسطينية”.
مهدي الباز
