آخر الأخبار

الرئيس تبون يدعو لإصلاح الجامعة العربية ويشدد على مركزية القضية الفلسطينية

وجّه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اليوم، خلال القمة العربية التي تحتضنها جمهورية العراق، رسالة تلاها نيابة عنه وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، دعا فيها إلى ضرورة إصلاح جامعة الدول العربية وتكييفها مع التحولات الدولية المتسارعة، مجدداً التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية ومكانتها في صلب الاهتمام العربي.

وأكد الرئيس تبون أن العالم العربي يمر بمرحلة فارقة تزداد فيها التحديات، مشيراً إلى أن الجامعة العربية، التي احتفلت مؤخرًا بثمانين عامًا على تأسيسها، مطالبة اليوم بإعادة النظر في أدوارها وآليات عملها لمواكبة المستجدات الإقليمية والدولية. وقال، “نحن أمام مرحلة مفصلية ومصيرية، مرحلة لن يكون لنا فيها أي قول فصل ما لم نُعِد الاعتبار لما يجمعنا تحت قبة منظمتنا هذه”.

وشدد الرئيس على أن الجامعة “تأسست في سياق مختلف تمامًا عن واقعنا الحالي، ما يجعل من الضروري تكييفها مع الرهانات الجديدة”.

وبخصوص القضية الفلسطينية، عبّر الرئيس تبون عن قلقه العميق من محاولات تصفيتها، متهماً الاحتلال الإسرائيلي بالسعي لفرض “رؤيته العبثية لسلامٍ يقوم على أنقاض القضية الفلسطينية”، مؤكداً أن الدفاع عن فلسطين ليس “جوداً أو تكرماً” بل “وفاءً لأمانة تاريخية ومسؤولية قانونية وأخلاقية”.

وفي سياق آخر، دعا الرئيس تبون إلى تعزيز التضامن العربي مع كل من لبنان وسوريا، مؤكداً أن أمن واستقرار هذين البلدين جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.

كما شدد على ضرورة تفعيل الجهود لحل الأزمات في السودان، ليبيا، اليمن، والصومال، مشيرًا إلى أن غياب الدور العربي في هذه الملفات فسح المجال أمام التدخلات الأجنبية التي قوضت سيادة هذه الدول وعرقلت مسارات الاستقرار.

واختتم رئيس الجمهورية رسالته بالتأكيد على التزام الجزائر بمسؤولياتها خلال عهدتها في مجلس الأمن الدولي، معرباً عن أمله في أن تكون الجزائر قد وفقت في نقل تطلعات الأمة العربية والدفاع عنها بصدق وإخلاص.

شرف الدين عبد النور

النصّ الكامل لكلمة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اليوم، خلال القمة العربية بالعراق، تلاها نيابة عنه وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف

 

“شكراً السيد رئيس القمة. يشرفني أن أتلو عليكم نص الرسالة التي يوجهها أخوكم الرئيس عبد المجيد تبون، إلى أشغال هذه القمة الموقرة. بداية نص الرسالة الرئاسية:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على نبيه الصادق الأمين

منذ بِضْعِ أيامٍ خلت، أطفأت جامعتُنا العربية شَمْعَةَ العَقْدِ الثامن من عُمرها وعالمُنا العربي يُكابد تحدياتٍ متعاظمة لم يسبق لها مثيل في تاريخه المعاصر:

فقضيتُنا المركزية تشهد مخططاتِ التصفية تنهالُ عليها، وَسَطَ إصرار الاحتلال الإسرائيلي على فرض رؤيتِه العبثية لسلامٍ لا يمكنُ أن يتصوره إلا على مقاسه، وتماهياً مع أهوائه، وإشباعاً لأطماعه: سلامٌ يقوم على أنقاض القضية الفلسطينية، وسلامٌ تُحْرَمُ فيه دولُ الجوار من أبسط مقومات أمنِها وطمأنينتِها واستقرارِها، وسلامٌ يضمنُ له هيمنةً مطلقة دون حسيب أو رقيب أو منازع.

والأوضاعُ في العديد من أقطارنا العربية تتدهور هي الأخرى بشكل متسارع، أمنياً وسياسياً واقتصادياً، وَسَطَ تَكَالُبِ التدخلات الخارجية عليها لِبَثِّ الشقاق والفُرقة والتناحر بين أبناء الوطن الواحد والأمة الموحدة.

وأكثر من هذا وذاك، هناك مناخٌ دولي جديد يتهدد الجميع دون استثناء، في خضم التوجه نحو طمس معالم أركان منظومة العلاقات الدولية المعاصرة، وتكريس منطقِ الغَلَبَةِ للقوة، ومنطقِ الحق مع القوة، ومنطقِ الاحتكامِ والتسليمِ والإذعانِ للقوة.

إننا بالفعل أمام مرحلة مفصلية ومصيرية، مرحلةٌ لن يكون لنا فيها أَيُّ قَوْلٍ فَصْلْ مَا لَمْ نُعِد الاعتبارَ لما يجمعُنا تحت قبة منظمتِنا هذه من قواعدَ ومبادئَ وطموحاتْ نتقاسمُ بها وفيها حاضرَنا ومستقبلَنا.

وإننا في الجزائر نعتقد أن مثل هذا الوضع لا بد وأن يعيد إلى واجهة أولوياتِنا المشتركة حتميةَ إصلاح جامعتِنا العربية، وهي التي تأسست في زمنٍ غيرِ زماننا هذا، وفي سياقٍ غيرِ سياقنا هذا، وفي محيطٍ غيرِ محيطنا هذا. وهو ما يؤكد ضرورةَ تكييفِها مع ما يفرضه عصرُنا من تحدياتٍ جديدة وتطورات متسارعة ورهاناتٍ غير مسبوقة.

على ضوء هذه الحتمية، نحن مطالبون اليوم بتعزيزِ التفافِنا حول قضيتنا المركزية، لأن دفاعَنا عن هذه القضية ليس جُوداً أو تَكَرُّماً مِنَّا، بقدرِ ما هو وفاءٌ تُجاهَ أمانةٍ تاريخية تحملُها الأمةُ العربية في أعناقها، وتُجَاهَ مسؤوليةٍ قانونية وأخلاقية وحضارية تتحملها الإنسانيةُ جمعاء.

ونحن مطالبون اليوم بقدرٍ أكبر من التضامن مع أشقائنا في لبنان وفي سوريا، لأن وحدةَ وسيادةَ وسلامةَ هذين البلدين تظل جزءاً لا يتجزأ من مسألة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط برمتها.

ونحن مطالبون اليوم باستدراك ما فاتنا من جهودٍ ومساعٍ ومبادرات لحل الأزمات المُسْتَعِرَةِ في السودان، وفي ليبيا، وفي اليمن، وفي الصومال، لأن غياب الدور العربي هو من فتح المجالَ واسعاً أمام التدخلات الخارجية التي رهنت، دون وجهِ حق، حاضرَ ومستقبلَ هذه الأقطار العربية الجريحة.

تلكم هي الركائز التي استندت إليها الجزائر في اضطلاعها بعهدتها العربية في مجلس الأمن الأممي. ونحن نواصل الوفاء بهذه العهدة في عامها الثاني والأخير، فإننا نتمنى أن نكونَ قد وُفِّقنا في طرح هموم وشواغل أُمتِنا، وفي الدفاع عن تطلعاتِها وطموحاتِها بكل تفانٍ وأمانةٍ وإخلاص.

انتهى نص الرسالة الرئاسية. شكراً على كرم الإصغاء، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى