الخبرة القضائية محور نقاش وطني بجامعة الجزائر 3 لتعزيز الشفافية الاقتصادية

احتضنت كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير بجامعة الجزائر 3، يوم الثلاثاء 3 جوان الجاري، فعاليات الملتقى الوطني الموسوم بـ“الخبرة القضائية كأداة لتسوية النزاعات في المجال الاقتصادي”، والذي نُظم بصيغة حضورية وعن بعد.
وجاء هذا الملتقى بمبادرة من مخبر رأس المال البشري والأداء، بالتعاون مع مخبر أعمال المؤسسات الاقتصادية المستدامة بجامعة الوادي، والمصف الوطني للخبراء المحاسبين، والاتحاد الوطني للخبراء القضائيين.
وشهد الافتتاح حضور بوعلام بلقاسم، نائب عميد الكلية المكلف بالبيداغوجيا، الذي ألقى الكلمة الافتتاحية نيابة عن عميد الكلية. كما كانت فاطمة الزهراء سكر، رئيسة مخبر رأس المال البشري والأداء، من بين الوجوه العلمية البارزة إلى جانب آمال بن يخلف، رئيسة الملتقى. وتميزت الجلسات العلمية بمشاركة نوعية لخبراء وأساتذة مختصين في المجالين القضائي والمحاسبي، على غرار عبد الكريم بوحوش، رئيس المصف الوطني للخبراء المحاسبين، وفوفة حميد، رئيس المكتب الولائي بالبليدة للاتحاد الوطني للخبراء القضائيين وممثل رئيس الاتحاد الوطني، وعليان مالك، أستاذ التعليم العالي ومحام وأستاذ القانون بجامعة الجزائر 3.
كما شارك في الملتقى فوزي زيتوني، خبير محاسبي وخبير قضائي، وصخراوي الطيب، محام وأستاذ القانون بجامعة الجزائر 3، ومراد البسغي، خبير قضائي ومحافظ حسابات، إضافة إلى هوارية حنان مختارية، أستاذة القانون الخاص بالمدرسة الوطنية المتعددة التقنيات بوهران، التي قدمت مداخلتها عن بعد. وقد عرف اللقاء أيضًا حضورًا نوعيًا لثلة من الأساتذة الباحثين والمتخصصين والطلبة.
وسعى الملتقى إلى تحقيق جملة من الأهداف العلمية والمهنية، تمثلت في التعريف بالخبرة القضائية وأهميتها في دعم النظام القضائي الجزائري، والاطلاع على المستجدات القانونية المرتبطة بهذا المجال، فضلًا عن توفير مرجع علمي للباحثين والطلبة، وإبراز دور التنظيمات المهنية المختصة في تحقيق العدالة والشفافية.
وتوزعت المداخلات العلمية على أربع محاور رئيسية، تناولت الإطار المفاهيمي للخبرة القضائية، والقواعد القانونية المؤطرة لها، والدور الإيجابي للقاضي في إجراءات ونتائج الخبرة، إلى جانب الجانب الإجرائي وما تبذله السلطة القضائية من جهود في هذا السياق.
وقد اختُتمت فعاليات الملتقى بجلسة نقاش مفتوحة أثمرت عن صياغة مجموعة من التوصيات الهامة، من بينها ضرورة مراجعة وتحيين الإطار القانوني والتنظيمي الذي ينظم الخبرة القضائية، إلى جانب تعزيز التكوين المتخصص والدوري للخبراء القضائيين عبر برامج أكاديمية ومهنية، مع إعداد دليل وطني موحد للإجراءات المرتبطة بالخبرة. كما دعت التوصيات إلى ترسيخ مبادئ الحياد والاستقلالية والموضوعية في أداء الخبراء القضائيين من خلال مدونة سلوك مهنية ملزمة.
وشدد المشاركون على أهمية تفعيل دور الخبرة القضائية كآلية وقائية في النزاعات، وليس فقط وسيلة لحلها، من خلال إشراك الخبراء في المراحل السابقة للتقاضي، خاصة في قضايا الإفلاس وتسوية أوضاع المؤسسات المتعثرة. وتم التأكيد على ضرورة تشجيع البحث العلمي في مجال الخبرة القضائية والنزاعات الاقتصادية، وتوسيع إنشاء وحدات ومخابر بحث جامعية متخصصة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين الجامعات والمجالس المهنية. واقترح المتدخلون إنشاء هيئة وطنية مستقلة تعنى بتنظيم مهنة الخبرة القضائية، تتولى ضبط المعايير المهنية والشخصية، ومتابعة الأداء المهني والرقابة على جودة العمل داخل مكاتب الخبراء، إلى جانب الدعوة إلى إعداد مرجع وطني موحد لاحتساب التعويضات وتقييم الخسائر في المجال الاقتصادي، بما يشمل منهجية واضحة لتقدير الضرر المعنوي.
وشكل هذا الملتقى مناسبة علمية متميزة لتقريب وجهات النظر بين مختلف الفاعلين في المجالين الأكاديمي والمهني، وإبراز أهمية الخبرة القضائية كأداة فعالة في تسوية النزاعات ذات الطابع الاقتصادي، ما يعزز دورها كعنصر أساسي في مسار إصلاح العدالة وتعزيز الشفافية الاقتصادية.
شرف الدين عبد النور

