الجزائر و الهند.. شراكة استراتيجية قوية تعزّز مصالح البلدين

تعكس التوجهات الجديدة للجزائر اليوم رغبة القيادة العليا للبلاد وعلى رأسها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في رد الجزائر الى مصاف الدول الأكثر فعالية على مستوى العلاقات الدولية، وهو المستوى الذي يجعل الجزائر لاعب مهم ومحوري في كل التفاعلات الحاصلة على مستوى النظام الاقليمي والدولي، فالجزائر ليس فقط من الناحية الجغرافيا هي مفتاح افريقيا بل حتى من الناحية الجيوبوليتيكية والجيوستراتيجية هي بوابة افريقيا ومن يريد الولوج الى افريقيا لابد ان يلجأ اولا الى الجزائر،

ومن بين الدول اليوم التي تسعى لتعزيز نفوذها في القارة الإفريقية، نجد الهند الى جانب العديد من الدول وابرزها الصين خاصة بعد تراجع الدور الفرنسي وفقدان نفوذه في القارة، وهي فرصة سانحة تجعل الهند أحد أشرس المنافسين للصين في المنطقة. هذا التقارب الهندي الإفريقي يحمل فرصًا واعدة للدول الافريقية وأبرزها الجزائر، خاصة في مجالات التعاون العسكري والصناعات الدفاعية، حيث يمكن أن يساهم في تنويع شراكاتها الاستراتيجية وتعزيز قدراتها الدفاعية.
الصناعة الدفاعية الهندية في تطور مستمر.

شهدت الهند في السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في صناعاتها الدفاعية، مدعومة بتكنولوجيا متقدمة، خاصة من الولايات المتحدة. يأتي هذا التطور في إطار سياسة أمريكية تهدف إلى تحقيق توازن استراتيجي في مواجهة النفوذ الصيني المتنامي في العديد من المحاور خاصة في إقليم جنوب شرق أسيا و افريقيا. وفي هذا السياق، تبرز الجزائر كدولة يمكنها الاستفادة من هذا التحول لتعزيز قدراتها الدفاعية.

الجزائر: الرابح الأكبر من هذه الشراكة

تشكل الجزائر أحد أبرز المستفيدين من التعاون الهندي الإفريقي، حيث يمنحها هذا التقارب فرصة لتنويع مصادر تسليحها، بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على شريك واحد او مجموعة من الشركاء ينتمون عسكريا الى منظومة عسكرية واحدة (ناتو) وبالتالي هذا التوجّه في تنويع مصادر الأسلحة واقامة علاقات تعاون عسكري مع مختلف القوى الفاعلة يتيح للجزائر امكانية امتلاك أنظمة تسليح متطورة تكنولوجيًا، فالشريك الهندي سيساهم حتما في منح الجزائر أسلحة عسكرية متقدمة تكنولوجيا وبالتالي سينعكس بالاجاب على منظومة التسليح الجزائرية، مما يعزز أمن واستقرار البلاد في ظل التحديات الإقليمية المتزايدة.

الأبعاد الاقتصادية والاستثمارية للتعاون

لا تقتصر فوائد التعاون الجزائري الهندي على المجال العسكري المحظ فحسب، بل تمتد إلى الجوانب الاقتصادية. إذ يمكن أن يشجع هذا التقارب تدفق الاستثمارات الهندية إلى الجزائر، خاصة في مجالات التكنولوجيا، البنية التحتية، والطاقة وكذا الصناعات الصيدلانية. ومن شأن هذه الاستثمارات أن تسهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة في البلاد وهي أحد أبرز الرهانات التي تراهن الجزائر على تحقيقها في رؤيتها الممتدة على آفاق 2030.

شراكة استراتيجية واعدة تفتح آفاق جديدة نحو المستقبل

يعكس التقارب الهندي الجزائري ديناميكيات جديدة في العلاقات البينية، حيث تسعى الجزائر إلى تنويع شراكاتها الاستراتيجية والاستفادة من مختلف اللاعبين الدوليين الصاعدين خاصة الهند التي تعتبر أحد أهم الدول الصاعدة وأهم أقطاب النظام الدولي الذي بات يتشكل ” نظام متعدد الاقطاب”. وفي ظل التحديات الجيوسياسية العالمية الناتجة عن هذا التحوّل في طبيعة النظام الدولي، قد تجد الجزائر في الهند شريكًا موثوقًا يساهم في تحقيق أمنها واستقرارها وتنميتها في المستقبل.

مهدي الباز

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى