الجزائر عصيّة على مناورات المخزن لصدير أزماته
يعيش النظام المغربي اليوم حالة من الصدمة والرعب في ظل تصاعد وعي جيل جديد يُعرف بـ”جيل زاد”، جيل أدرك أن استمرار “المخزن” لا يعني سوى تكريس العبودية والذل والخضوع والخنوع.
لقد بات هذا الجيل مقتنعًا بأن التحرّر من قبضة المخزن هو السبيل الوحيد للعيش في كنف الكرامة والحرية والازدهار. ومن هنا، ارتفع صوته عاليًا في الشارع مناديًا بإنهاء الاستبداد وتخليص المغرب من نظام قمعه لعقود طويلة، ورسّخ واقعًا يقوم على القهر وإسكات الأصوات الحرة.
وأمام هذا الوعي الثوري المتصاعد، الذي انبثق من شباب يتطلّعون إلى الحرية والكرامة والاستقلال، لم يجد المخزن سوى الهروب إلى الأمام عبر مناورات خبيثة تهدف إلى تحويل الأنظار عن أزماته الداخلية العميقة. وهنا تبرز عقدة “الجزائر”، التي اعتاد المخزن استدعاءها كعدو خارجي لتبرير فشله وإخفاء عجزه، عبر صناعة خطاب يوظّف الصراع الخارجي للتغطية على مأزقه الوجودي.
وفي هذا السياق، لجأ النظام المغربي إلى ورقة التضليل من خلال استراتيجية إعلامية ورقمية تقوم على نشر حملات موجّهة عبر الفضاء الإلكتروني، تندرج ضمن ما يُعرف بـ”الحروب الرقمية”. وأبرز مثال على ذلك الدعوات المشبوهة إلى التظاهر في الجزائر يوم الجمعة 3 أكتوبر، التي أطلقتها مجموعة تُسمي نفسها “GenZ 213″، وروّجت لها وسائل إعلام مغربية بالتنسيق مع مجموعة “GenZ 212”. وهي دعوات لا تندرج في إطار مطالب اجتماعية بحتة كما يُروَّج لها، بل تأتي في سياق استراتيجية أمنية مكشوفة ترمي إلى تصدير الأزمة المغربية للخارج ومحاولة ضرب تماسك الجبهة الداخلية الجزائرية، التي أثبتت في أكثر من مناسبة قدرتها على الصمود في وجه مختلف المناورات المخزية لنظام المخزن وحلفائه.
لكن هذه المحاولات، مهما تكرّرت، لن تؤثر في الجزائر التي تمتلك جبهة داخلية قوية ولحمة وطنية متماسكة. بل على العكس تمامًا، فإن مناعة الشعب الجزائري تزداد قوة أمام مثل هذه الحملات الخبيثة، التي يُدرك الجزائريون أن هدفها الوحيد هو تشتيت الانتباه عن الأزمة البنيوية العميقة التي يتخبّط فيها نظام المخزن. وهكذا، يجد المخزن نفسه اليوم محاصرًا بين وعي داخلي متصاعد يرفض الخنوع، وجبهة جزائرية منيعة لا تنطلي عليها ألاعيب التصدير.
مهدي الباز
