الجزائر… شريك استراتيجي و بوابة افريقية للقطب الروسي

أضحت الجزائر شريكا استراتيجيا بارزا لروسيا الفيديرالية و هو ما تجلى في الزيارات المتكررة لوفدي البلدين مؤخرا على الصعيدين السياسي و العسكري و على رأسها الزيارة الأخيرة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لفيديرالية روسيا شهر جوان الفارط بعد دعوة من نظيره فلاديمير بوتين، أين شارك الرئيس تبون في أشغال المنتدى الاقتصادي الدولي بسان بطرسبورغ.

و توجت هاته الزيارة بالتوقيع على وثيقة الشراكة الاستراتيجية المعمقة و التي تعتبر إضافة للاتفاقية التي تم توقيعها في عام 2001، و انبثق عن الزيارة أيضا، التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات خصت عدة مجالات استراتيجية، حيث وقع كل من وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أحمد عطاف، و وزير العدل الروسي كونستانين تشوتشن على اتفاقية التسليم بين روسيا والجزائر، كما وقع أحمد عطاف كذلك مع وزير التنمية الرقمية الروسي، مكصود شداييف تشوتشن على اتفاقية حول التعاون في مجال الاتصالات العامة، في حين وقع وزير الفلاحة والتنمية الريفية محمد هني و وزير الزراعة الروسي ديميتري باتروشيف، على اتفاقية تعاون في مجال الحجز وحماية النباتات.

كما أشرفت وزيرة الثقافة صورية مولوجي و نظيرتها الروسية، على برنامج التعاون بين الوزارتين 2023-2025. و كذا توقيع كل من وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف و  وزير الموارد الطبيعية والبيئة الروسي على مذكرة تفاهم بين وزارة الري الجزائرية و  وزارة الموارد الطبيعية، عن التعاون في مجال الموارد المائية.

ووقع كل من أحمد عطاف كذلك و وزير العدل الروسي كونستانين تشوتشن على محضر التعاون بين وزارة العدل الروسية والجزائرية، كما وقع السفير المفوض فوق العادة الجزائري لدى روسيا اسماعيل بن عمارة و المدير العام للشركة الحكومية روس كوسمس على اتفاقية التعاون في مجال الاستكشاف وريادة الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، وكذا توقيع رئيس مجلس التجديد الاقتصادي كمال مولا و رئيس المنظمة الاجتماعية الروسية على مذكرة التعاون بين الطرفين.

و كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أكد أواخر العام الماضي، أن الجزائر هي ثاني أكبر شريك تجاري لروسيا في إفريقيا من حيث حجم التجارة، لافتا إلى أن التعاون التجاري والاقتصادي آخذ في التطور بنشاط كما هو في مجالات أخرى، بما في ذلك المجالات العسكرية – الفنية والإنسانية.

كما شدد بوتين في وقت سابق، على أن روسيا تدعم الخط المتوازن الذي تنتهجه الجزائر في الشؤون الإقليمية والدولية، مؤكدا على مواصلة العمل معا لتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة الصحراء والساحل.

أما في الجانب العسكري، فلا شك أن الجزائر تعتبر الشريك الأول لروسيا، في مجال التعاون العسكري و خاصة من ناحية التزويد بالسلاح و هو ما يتضح في الزيارات الرسمية المتبادلة للمسؤولين العسكريين لكلا الجانبين، حيث زار الجزائر مؤخرا، مدير المصلحة الفيدرالية للتعاون العسكري والتقني لفيدرالية روسيا، ديميتري شوغاييف، أين تم استقباله من قبل رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أول السعيد شنقريحة، و هي الزيارة الثالثة لشوغاييف إلى الجزائر خلال 15 شهرًا، بعد زياراته السابقة شهر مارس ونوفمبر من العام الماضي.

و عليه تعتبر الجزائر أوّل شريك تجاري لروسيا في القارة الإفريقية، لاسيما في مجال صناعات الدفاع، حيث أضحى الجيش الجزائري يمتلك مجموعة لا يستهان بها من أقوى أنواع الأسلحة الروسية، و التي مكّنت من تعزيز مكانته كأحد أهم وأقوى القوات المسلّحة في المنطقة.

من جهة أخرى، و خلال آخر محطة للزيارات الثنائية بين الجزائر وروسيا، شارك الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان نهاية هذا الأسبوع في أشغال قمة “روسيا-إفريقيا” الثانية في سان بطرسبرغ، أين أبرزالمؤشرات التنموية “الايجابية” التي حققتها الجزائر في السنوات الأخيرة, مؤكدا أنها جعلت منها بوابة إفريقيا ضمن الشراكة الإستراتيجية مع روسيا.

حيث كشف بن عبد الرحمان في تصريح صحفي, أن زيارة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لروسيا في جوان الفارط والتي سمحت بتوقيع إعلان الشراكة الإستراتيجية الجزائرية-الروسية المعمقة, أعطت دفعا كبيرا للعلاقات الثنائية, ما يجعل الجزائر بوابة للولوج إلى إفريقيا.

و عليه فإن هذه الزيارات المتكررة و المستمرة بين الجزائر و روسيا ، تساهم في تنمية العلاقات الودية ومتعددة الأوجه بين البلدين اللذين لهما تاريخ طويل من التعاون على الساحة الدولية، خاصة و أن الجزائر تلعب دورا محوريا في المنطقة من خلال موقعها الاستراتيجي الهام الذي يسمح لها باستقطاب كبرى الدول الاقتصادية و العسكرية.

شرف الدين عبد النور

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى