آخر الأخبار

الجزائر تخطو خطوة عملاقة نحو “آسيان”

اتّخذت الجزائر خطوة دبلوماسية عملاقة تجاه فضاء جيوسياسي له وزن ثقيل في القارة الآسيوية، بانضمامها بشكل رسمي إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا، وذلك على هامش افتتاح الدورة الثامنة والخمسين لاجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، المنعقدة في العاصمة الماليزية كوالالمبور.

نحو تعزيز العلاقات الجزائرية-الآسيوية

تسعى الجزائر من خلال هذا التوجّه إلى تعزيز علاقتها الدبلوماسية والاقتصادية مع دول جنوب شرق آسيا، حيث تمنح معاهدة الصداقة والتعاون إطارًا لتعزيز الحوار السياسي، وتوسيع آفاق الشراكة الاقتصادية، فضلًا عن دعم مبادئ السلم والأمن الإقليميين، والدفع بقوة نحو عالم عادل بعيدًا عن التبعية لدول الشمال. فالجزائر من خلال هذا الانضمام تبحث عن إقامة شراكات استراتيجية فعالة مع دول الجنوب، بما يعزّز العلاقات جنوب-جنوب، ويخدم مصالح الدول النامية في ظل تنامي الفكر الكولونيالي الجديد الذي أثّر كثيرًا على مصالح الدول اقتصاديًا وسياسيًا. كما تسعى بدورها إلى توسيع حضورها الدبلوماسي في مناطق حيوية من العالم، والانفتاح على مختلف الفضاءات الجيوسياسية.

هذا ويكتسي توقيع الجزائر على المعاهدة دلالة أكثر من رمزية وسياسية، باعتباره اعترافًا متبادلًا بنوايا الشراكة، والتزامًا بمبادئ التعايش السلمي والاحترام المتبادل، وهي القيّم التي طالما شكّلت جوهر العقيدة الدبلوماسية للدولة الجزائرية منذ الاستقلال.

الجزائر وآسيان… فرص وآفاق واعدة

التحاق الجزائر بالمعاهدة يفتح أمامها آفاقًا متعددة على مختلف الأصعدة، بدايةً من الصعيد الاقتصادي إلى السياسي والأمني، فمنظمة دول “آسيان” تُعدّ من بين أسرع الاقتصادات نموًا في العالم، وتمّ تصنيفها كخامس أكبر اقتصاد في العالم. ولا ينتهي عند هذا الحد، فالمنظمة تلعب دورًا وازنًا في النظام الإقليمي لجنوب شرق آسيا. وبالتالي، يمكن لهذا الانضمام أن يتيح للجزائر الاستفادة من خبرات هذه الدول في العديد من المجالات مثل التكنولوجيا، التعليم العالي، الأمن الغذائي، والتحوّل الطاقوي.

ومن جهة أخرى، فإن هذه الخطوة قد تمكّن الجزائر من لعب دور أكثر توازنًا في السياسة الدولية، وتمنحها هامشًا أوسع في التحرك ضمن منطق التعددية القطبية العالمية.

إن توقيع الجزائر على معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا ليس مجرّد حدث بروتوكولي، بل هو تعبير عن إرادة سياسية واعية بإعادة تموضع الدولة في خارطة العلاقات الدولية الجديدة. فبينما تعيد القوى الكبرى رسم خرائط النفوذ، تسعى الجزائر إلى ترسيخ حضورها كفاعل مستقل، متوازن، ومنفتح على آفاق التعاون جنوب-جنوب.

مهدي الباز

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى