الجزائر تبرز ريادتها في التحول الطاقوي الإقليمي خلال منتدى “نحو الجنوب” بإيطاليا

شاركت الجزائر من خلال وزير الدولة، وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، محمد عرقاب، اليوم، في جلسة رفيعة المستوى عقدت بمدينة سورينتو الإيطالية، ضمن فعاليات الطبعة الرابعة للمنتدى الدولي “نحو الجنوب” الذي نظم تحت شعار “الاستراتيجية الأوروبية من أجل حقبة جيوسياسية واقتصادية وسوسيو-ثقافية جديدة في منطقة المتوسط”، وتحت رعاية الحكومة الإيطالية.
وحملت الجلسة عنوان “الدور المحوري للبحر الأبيض المتوسط في مسار التحول الطاقوي العالمي: الإنجازات والاستراتيجيات”، وشهدت حضور عدد من كبار المسؤولين في القطاع الطاقوي، من بينهم الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، رشيد حشيشي، والرئيس المدير العام لمجمع سونلغاز، مراد عجال، بالإضافة إلى سفير الجزائر لدى إيطاليا وإطارات قطاع الطاقة.
وخلال كلمته المحورية، قدم محمد عرقاب رؤية الجزائر الشاملة للتحول الطاقوي المستدام، مؤكدًا على أهمية تعزيز الشراكة الأورومتوسطية في مجال الطاقة، باعتبارها مفتاحًا لمواجهة التحديات الجيوسياسية والاقتصادية الراهنة، وكذلك لمكافحة التغير المناخي وتأمين الأمن الطاقوي والغذائي في المنطقة.
وأشار الوزير إلى أن العالم يشهد تحولات جذرية تتميز بتزايد التوترات الجيوسياسية وتفكك النظام الاقتصادي التقليدي، مما يجعل من الضروري بناء تعاون إقليمي عادل ومستدام قائم على التضامن والشراكة التي تحقق المنفعة لجميع الأطراف.
وأكد أن منطقة البحر الأبيض المتوسط، بفضل مواردها الطبيعية والبشرية وموقعها الاستراتيجي، تمتلك كافة المؤهلات لتصبح قطبًا عالميًا للانتقال الطاقوي والتنمية المستدامة. ودعا إلى تأسيس شراكة أورومتوسطية فعالة تقوم على تقاسم المنافع والمسؤوليات بشكل متساوٍ.
في هذا الإطار، استعرض محمد عرقاب محاور الاستراتيجية الطاقوية الوطنية التي تعتمدها الجزائر، والتي تركز على تعزيز إنتاج الغاز الطبيعي مع تقليص البصمة الكربونية، وتوسيع استخدام الطاقات المتجددة عبر إنجاز 15 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول 2035، منها 3,200 ميغاواط قيد التنفيذ، بالإضافة إلى تنفيذ برامج فعالة في مجال النجاعة الطاقوية والعزل الحراري وترشيد استهلاك الطاقة، خاصة في القطاعين السكني والصناعي.
وأكد التزام الجزائر بمكافحة التغير المناخي، عبر خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ولا سيما الميثان، وتشجيع استخدام الوقود النظيف في قطاعي النقل البحري والجوي.
كما أبرز الوزير مكانة الجزائر الرائدة في مجال الهيدروجين الأخضر، مشيرًا إلى مشروع “ممر الهيدروجين الجنوبي – SoutH2 Corridor” الذي يربط الجزائر بأوروبا، والذي يدعم التحول الطاقوي في المنطقة، بالإضافة إلى مشروع “مدلينك – Medlink” لتصدير الكهرباء الخضراء إلى إيطاليا، ومشروع الربط الكهربائي شمال–جنوب الجزائر، الذي يستهدف توسيع نشر الطاقات المتجددة وتصديرها نحو إفريقيا.
وأشار الوزير إلى المباحثات المتقدمة التي تجريها الجزائر مع ليبيا، مصر وموريتانيا من أجل ربط الشبكات الكهربائية وتعزيز التكامل الطاقوي الإقليمي وتهيئة أرضية لسوق كهرباء إفريقية موحدة.
الجزائر تعتمد استراتيجية وطنية طموحة لتحلية مياه البحر
وفيما يخص الأمن المائي، أوضح محمد عرقاب أن الجزائر اعتمدت استراتيجية وطنية طموحة لتحلية مياه البحر، حيث تم إنجاز ست محطات جديدة رفعت القدرة الإنتاجية إلى 3.7 ملايين متر مكعب يوميًا، تغطي أكثر من 42% من احتياجات المدن الساحلية، مع خطط لزيادة الإنتاج إلى 5.2 ملايين متر مكعب يوميًا بحلول 2030.
وفي ختام مداخلته، أكد محمد عرقاب دعم الجزائر الكامل لخطة “ماتي” التي تمثل فرصة استراتيجية لتعزيز التعاون الطاقوي بين ضفتي المتوسط وتوسيع الشراكة مع إفريقيا. كما شدد على الشراكة الطاقوية والاقتصادية المتينة التي تجمع الجزائر وإيطاليا، مشيرًا إلى أن مستقبل المتوسط الطاقوي يعتمد على قدرة الأطراف على بناء تعاون قائم على المصالح المشتركة والتضامن والمسؤولية الجماعية.
وأوضح الوزير أن الجزائر مستعدة لدعم كافة المبادرات التي تعزز الأمن الطاقوي، وتسهم في دفع التنمية المستدامة، ومواجهة تحديات التغير المناخي في منطقة جنوب المتوسط.
شرف الدين عبد النور