إجماع دولي على رفض مخطط الضم الإسرائيلي والدعوة إلى إحياء المفاوضات المتعثرة

لقي المخطط الاسرائيلي بضم أراضي الضفة الغربية المحتلة إجماع دولي على رفضه قطعا فيما تتواصل المساعي الرامية إلى منع سلطات الاحتلال الاسرائيلي عن القيام بمثل هده الخطوة و دعوتها إلى العودة إلى مسار المفاوضات وفقا للشرعية الدولية والقرارت ذات الصلة.

و نظرا للتداعيات التي قد تترتب عن هده الخطوة الاسرائلية على مبدأ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، و حتى على الاستقرار الإقليمي، قد حذر المجتمع الدولي من مغبة تنفيدها ويواصل جهوده لوقف الاحتلال الاسرائيلي عن المضي قدما نحو تجسيدها، و العودة الى طاولة المفاوضات لاحياء مسار السلام المتعثر.

وفي سياق الرفض لهذا المخطط، أعلنت خمس دول أوروبية على مستوى مجلس الأمن الدولي عدم اعترافها بأي تغيير تجريه إسرائيل على حدود ما قبل 5 يونيو 1967 ، حسب بيان مشترك أصدره مندوبوهم (فرنسا وبلجيكا وألمانيا واستونيا وبولندا) لدي الأمم المتحدة.

وقالت الدول في بيان إن “القانون الدولي يعد ركيزة أساسية للنظام الدولي، ونحن لن نعترف بأي تغيير على حدود 967 ما لم يتفق الإسرائيليون والفلسطينيون على ذلك”، مضيفا ،أن “حل الدولتين مع كون القدس العاصمة المستقبلية لهما، هو السبيل الوحيد لضمان السلام والاستقرار المستدامين في المنطقة”.

ودعت تلك الدول إسرائيل ب”شدة” إلى “الامتناع عن أي قرار أحادي من شأنه أن يؤدي إلى ضم أي أرض فلسطينية محتلة لتعارضه مع القانون الدولي”.

و كان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين عقدوا جلسة مشتركة (بالفيديو كونفرنس) أول أمس مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد دعوا واشنطن إلى المشاركة في مبادرة دولية لإعادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات.

و في ذات السياق، أكد الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، أن التكتل الموحد سيكون جاهزاً لتسهيل عملية سياسية سلمية بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، وفق محددات متفق عليها. وشدد بوريل أمس على ضرورة تشجيع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على العودة إلى العملية السياسية المتوقفة منذ وقت طويل، قائلا “لا بديل عن العودة للمفاوضات”. وأشار إلى أن الأوروبيين كانوا واضحين تجاه رفضهم ضم أراضٍ من الضفة الغربية لإسرائيل قائلا “شرحنا للوزير الأميركي وجهة نظرنا تجاه الأمر وآثاره على حل الدولتين والاستقرار في المنطقة”.

واضاف بوريل أن خطة الرئيس ترامب للسلام “وصلت إلى طريق مسدودة، لأنه لم يعتمد على المعايير التي تريدها أوروبا. فالمفاوضات يجب أن تكون من دون شروط مسبقة”.

وفي الوقت الذي تمضي فيه حكومة الاحتلال في التمهيد لتنفيذ مخطط ضم أراض فلسطينية في الضفة الغربية، وفرض السيادة عليها وعلى المستوطنات، ارتفعت حدة الضغوط الدولية لمنع تجسيد الخطوة، حيث أكد ما يقل عن 50 من خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أمس أن مخطط الضم “ينتهك مبدأ أساسياً من مبادئ القانون الدولي الذي يحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة”.

وشددت الصين، من جهتها، على موقفها الرافض لمخططات الضم الإسرائيلية، – التي قالت – انها “ستقود المنطقة إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار ، وّذكرت بالمبادرة التي طرحتها للسلام، والتي تستند على قرارات الشرعية الدولية وتتفق مع مبادرة الرئيس محمود عباس للسلام، مشيرةً الى أنه ستبذل جهدها مع المجتمع الدولي لدفع عملية السلام.

كما تعارض روسيا تنفيذ خطط إسرائيل لضم جزء من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، و اعتبرت انه “يهدد احتمالية حل الدولتين للقضية الفلسطينية-الإسرائيلية”، وقد “يثير جولة خطيرة جديدة من العنف في المنطقة”.

و في هذا الاطار ، جدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التزام بلاده بمبدأ الدولتين لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، مشيراً إلى “حتمية إقامة مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تحت رعاية اللجنة الرباعية الدولية”.

من جهته، شدد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على أن بلاده تعارض ب”شدة” مخطط إسرائيل لضم الضفة الغربية، واصفا إياه بأنه “يرقى لانتهاك القانون الدولي”.

اجتماع لمجلس الامن لبحث المخطط الاسرائيلي بطلب من دولة فلسطين

و عشية قرار إسرائيلي بالشروع بضم أراض بالضفة الغربية المحتلة، كثفت فلسطين من تحركاتها في الأمم المتحدة لتجنيد جبهة دولية واسعة ضد الضم ، حيث تقدمت بطلب الى عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي على المستوى الوزاري لبحث مخططات الضم والتي من المرتقب أن تجري الاربعاء المقبل /24 يونيو/، حسبما صرح به وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي.

و أوضح المالكي ان اجتماعا افتراضيا لمجلس الأمن الدولي سيعقد في 24 يونيو الجاري لمناقشة التقرير الدوري للأمين العام للأمم المتحدة حول إنفاذ قرار مجلس الأمن 2334، مشيرا الى أن فلسطين “ستتحدث بشكل مطول عن خطورة خطة الضم الاسرائيلية، ونأمل بأن يتحدث أعضاء مجلس الأمن في ذات الإطار ، مما يضيف حالة ضغط تساعد بالتحضير للجلسة الطارئة للجمعية العامة عندما يتم تحديد موعدها”.

و شدد المالكي على استمرار الجهود والاتصالات لتزداد هذه الجبهة الدولية التي بدأت تتشكل منذ فترة لتزداد قوة ومتانة بهدف تكثيف الضغط على الولايات المتحدة لتضغط بدورها على حكومة الاحتلال لتحول دون تنفيذ الضم. أما مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك رياض منصور، فرجح أن يشارك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في جلسة مجلس الأمن.

و من المقرر أن يترأس الرئيس الفلسطيني محمود عباس غدا الجمعة اجتماعا للجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، والذي سيخصص لمتابعة التطورات المتعلقة بخطط الضم الإسرائيلي، واتخاذ القرارات المناسبة للرد على “مشاريع تصفية” القضية الفلسطينية، حسب ما أعلن أمين سر اللجنة اللواء جبريل الرجوب.

و ردا على الخطة الاسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية، كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، قد أعلن الشهر الماضي أن فلسطين “أصبحت في حل من جميع الاتفاقيات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها بما في ذلك الاتفاقيات الأمنية”، ما لقي التفافا فلسطينا واسعا، حيث أعرب الشعب الفلسطيني بكل أطيافه ومكوناته و الطبقة السياسية عن دعمه و التزامه بقرار عباس.

و في هذا الصدد، أعلنت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة أمس خطة عمل وطنية لمواجهة مخطط الاحتلال الاسرائيلي ، و التي تدعو إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي المستمر منذ منتصف عام 2007 وتفعيل المقاومة الشعبية، وصولا إلى إعلان عصيان مدني ضد سلطات الاحتلال.

وقال القيادي في “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، جميل مزهر، إن المبادرة المطروحة تنطلق من ضرورة تعزيز الموقف الوطني الفلسطيني في مواجهة “مؤامرات” تصفية القضية الفلسطينية، مشددا على الحاجة إلى “دعم عربي وإسلامي للمواقف الفلسطينية والضغط لتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي”.

من جهته، دعا عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ، خليل الحية، إلى “الإسراع في صياغة خطة عمل وطنية فلسطينية متفق عليها لمواجهة مخطط الضم”.

و التفت جامعة الدول العربية من جهتها وراء قرار الرئيس عباس، كاشفة عن مساعي إلى بناء “تحالف دولي” يتصدى لـخطط الضم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، معتمداً على افتقار تلك الخطط إلى أي تأييد دولي .

و طالبت حركة عدم الانحياز المجتمع الدولي و مجلس الأمن “للوفاء بواجباته وتنفيذ قراراته إزاء قضية فلسطين، والعمل بشكل عاجل لمعالجة خطط الضم الإسرائيلية التي تهدد السلام والأمن الإقليميين والدوليين”، مشددة على احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة هي “حجر الزاوية لحل سلمي وعادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، جوهر الصراع العربي الإسرائيلي من أجل السلام والأمن الإقليميين والعالميين”.

أما منظمة التعاون الإسلامي فقد أكدت أن مخطط الضم سيكون حال حدوثه “إعلانا إسرائيليا رسميا بإلغاء كافة الاتفاقية الموقعة من طرفه، وإنهاء للتسوية التفاوضية”، داعية الى تحرك دولي لمنعه.

واج

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى