ياسين وليد يدعو إلى تبني نموذج فلاحي ذكي ومستدام لتحقيق أمن غذائي وطني
زهرة .م

كشف وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، ياسين وليد، عن عزم قطاعه تبني نموذج فلاحي ذكي ومستدام يجعل من الجزائر قوة إقليمية بامتياز، بالنظر إلى ما تحوزه من إمكانات فلاحية ضخمة تؤهلها لتحقيق الاكتفاء الذاتي وضمان الأمن الغذائي على المدى الطويل.
وأكد الوزير، خلال ندوة صحفية عقدها على هامش المؤتمر الوطني لعصرنة القطاع الفلاحي، أن الجهود يجب أن تتركز على الاستثمار المكثف، خاصة في ولايات الجنوب، من أجل تحقيق الأمن الغذائي لفائدة ما يفوق 65 مليون نسمة مستقبلاً، مع توجيه الاستثمارات نحو الصناعات ذات القيمة المضافة القادرة على دعم الاقتصاد الوطني.
وأوضح أن الوزارة أطلقت منذ أسبوعين دراسة لتقييم نجاعة السياسات العمومية في المجال الفلاحي، تهدف إلى تحديد آليات الدعم ومستحقيه، على أن تُعلن نتائجها خلال شهر نوفمبر المقبل، بالتوازي مع إنشاء نظام معلوماتي وطني موحد لتتبع مسارات المنتجات الفلاحية من الحقل إلى السوق. وأبرز أن حاجيات الجزائريين اليوم تغيرت بشكل ملحوظ، ما يفرض إعادة النظر في مختلف السياسات الفلاحية لتتلاءم مع الواقع الجديد.
وتحدث الوزير عن القفزة النوعية التي شهدتها العديد من الشعب الفلاحية، مشدداً على ضرورة استغلال الإمكانات الهائلة التي تزخر بها مناطق الجنوب، التي تصل مردوديتها إلى أكثر من 50 قنطاراً للهكتار في إنتاج الحبوب. وأشار إلى أن الجزائر تتجه نحو استغلال 1.3 مليون هكتار من الأراضي الفلاحية، بعد منح نحو 300 ألف هكتار ضمن مشاريع كبرى في الزراعات الاستراتيجية، مع تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية المنتجة.
وأكد ياسين وليد أن القطاع يعمل على إطلاق آليات مبتكرة للتمويل، بعد رقمنة مسار منح العقار وتبسيط الإجراءات الإدارية، قائلاً: “نحن اليوم نرافق المستثمرين في منح العقار بشكل رقمي وفي أقرب الآجال، مع توفير وسائل تمويل جديدة لتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي.” كما ثمّن تنصيب المجلس الوطني العلمي للأمن الغذائي، الذي سيلعب دوراً محورياً في صياغة الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي.
وشدد الوزير على أن المؤتمر الوطني يهدف إلى وضع تصور جديد وعصري للقطاع الفلاحي، وتعزيز الابتكار والتكنولوجيا في هذا المجال، تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية، مؤكداً أن الغرفة الفلاحية والاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين شريكان أساسيان للقطاع، وأن نجاح أي سياسة عمومية يتطلب إشراك المهنيين والشركاء الاجتماعيين في بلورتها وتنفيذها.
ويشارك في المؤتمر خبراء ومستثمرون يعملون على تنشيط ثماني ورشات متخصصة، تركز على آليات التمويل المبتكرة، وبنوك الجينات، والتحول الرقمي، إضافة إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير الإنتاج الفلاحي ورفع المردودية.
وفي عرضه لجملة من المؤشرات، أوضح الوزير أن إنتاج الحبوب في الجزائر يبلغ حالياً 18 قنطاراً للهكتار، وهو رقم متواضع مقارنة بدول أخرى ذات مناخ مشابه تحقق مردودية تصل إلى 35 قنطاراً للهكتار. كما أشار إلى أن إنتاجية الأبقار لا تتعدى 3000 لتر من الحليب سنوياً، وأن البلاد تسجل خسائر تتراوح بين 20 و30 بالمائة من الإنتاج بسبب ضعف قدرات التخزين والتبريد، بينما لا تتجاوز نسبة استخدام تقنيات الري الحديثة 15 بالمائة من المساحات المسقية، ولا يُستغل سوى 8.5 بالمائة من المساحة الزراعية الحقيقية، رغم مساهمة القطاع بنسبة 14.5 بالمائة في الناتج الداخلي الخام وتوفيره نحو 2.6 مليون منصب شغل.
من جهته، دعا الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، عبد اللطيف ديلمي، إلى وضع استراتيجية فلاحية دقيقة المعالم وتحديد المساحات الزراعية بدقة لتكوين قاعدة بيانات وطنية تساهم في تحقيق الأمن الغذائي، مع تحسين جودة البذور وإشراك الجامعات في البحوث التطبيقية لتعزيز الإنتاج وتطوير الصناعات التحويلية.
أما رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة، محمد يزيد حمبلي، فشدد على أهمية تكوين المورد البشري في المجال الفلاحي وتطوير أصناف البذور المحلية والسلالات الوطنية من الثروة الحيوانية، باعتبارها عاملاً أساسياً لترقية القطاع وتحقيق التنمية الريفية المستدامة.
