من بشاغا التاريخ إلى بشاغا البرلمان.. أقنعة يُسقِطُها الوزير محمد مزيان

كان ردّ وزير الاتصال محمد مزيان على بشاغا حمس واضحا، فمن لم يفهَمه لا محالة أن أصفَه أيضا بالجاهل بالثقافة المؤسساتية، وقد أذهب أبعد مما ذهب إليه الوزير، فأعمّم الجهل على رأسه كاملا.
فالتلفزيون كما قال مزيان “في بعض الأحيان يكون أداة لنشر بيانات تدخل في ما يسمّى بالخدمة العمومية”… هنا يجب فهم دور التلفزيون في بيان بلغيث.. تفسير الماء بالماء ليست مهمة وزير ولا مهمة وسائل الاعلام، فبعض السياسيين والفاهمين يجب الجلوس معهم في مقهى شعبي وتدفع له قهوة حليب وكرواصون وڨازوزة وقد تضطر لوضع علبة خشيبات على الطاولة لضمان ايصال الفكرة.
لكن المؤكّد أن النائب عبد السلام بشاغا ليس من هؤلاء، فهو الجامعي المحنّك في السياسة، اضطلع بمهمة واضحة المعالم لتغيير موازين القوى لصالح تيار سياسي تعَوّد على انتهاز الفرص لإيقاظ خلاياه النائمة ليس دفاعا عن بلغيث فقط، ولكن لمحاولة رفع حصّته من بورصة السوق السياسية التي تحتاج الى التعفّف في هذه المرحلة نظرا للمخاطر المحدِقة من كل الجهات وعلى كلّ الجبهات.
يجب العودة إلى الخلفيات الفكرية لعبد السلام بشاغا، لتبسيط فهم هذا اللّغط واللّغو الزائد الذي صاحب تعليق وزير الاتصال في سطيف، الوزير كان واضحا في ردّه، ودقيقا في استعمال كلمة الجهل، لربّما الطريقة الحماسية هي التي أفضت إلى التأويل الخاطئ إن لم نقل المضّلل، لكن الحماس لم يكن سوى دفاعا عن مؤسسة إعلامية سيادية هي لسان حال الدولة الجزائرية.
فعبد السلام بشاغا لا تزال مواقفه المُشكّكة في وحدة الأمة بكلّ مكوّناتها التاريخية والاثنية والثقافية ترفرف في منشورات عبّر فيها حتى بكلمات نابية عن كراهيته لمنطقة من مناطق الجزائر، وبعضها عبّر فيها صراحة عن رفضه لمواد دستورية. (لقطات الشاشة متوفّرة)
أما بخصوص بلغيث موضوع مرافعة بشاغا، فلا يختلف اثنان أنه سقط في فخّ لا يُفضي سوى لاذكاء الفتنة والنعرات، وكذلك حدث، فمنذ نهاية الحراك، لم تَعد فتنة التفرقة الجهوية إلى الواجهة سوى لدى المنظمة المصنّفة إرهابية (ماك) إلى أن تمكّن بغليث من إيقاظها عبر قناة تلفزيونية تُكنّ العداء للجزائر جهارا تحت سلطة دولة تخوض سرّا حربا ضروسا للمساس باستقرار الجزائر.
وممّا لا شكّ فيه أنّ بلغيث أشفى غليل بشاغا وعبّر بدله عن توجّهات لا تخدم الوحدة الوطنية رغم جهود الدولة لتبديد كلّ ما من شأنه أن يمسّ بالثوابت الوطنية باعتبارها اللّحمة التي تجمع كلّ الجزائريين دون استثناء، فالمرحلة تتطلب من الجميع الترفّع عن الجدل المُشتّت لجهود بناء جبهة داخلية قوية ومتماسكة. إلا أنّ انتاج النائب لفلكلور إعلامي في ساحة مُتأجّجة انطلاقا من تصريح الوزير يُعدّ كرَمْي فتيل نار في حقل مُصفّر تغمُره ريحٌ في يوم حار. كما يَنْصَبّ ردّ الكتلة البرلمانية لحركة حمس في مسار واضح لمحاولة إدارة هفوة بلغيث التي أصبحت بين يدي العدالة بتهم مُقتَرَفة بغنجهية العارف بالتاريخ وما قبله، قديمه وحديثه، إلا أنّ الأهداف كانت واحدة، فإن ذهب إليها بلغيث بمنطق التاريخ، فقد ذهب إليها النائب بشاغا بمكر سياسة أذناب الإرهاب..
فما أقدم عليه وزير الاتصال في الدفاع عن مؤسسة سيادية كشف عن وجود مكائد تُدار في الخفاء لإعادة البلاد إلى نقاط تجاوزتها بصعوبة خلال السنوات الفائتة، فالموقف من دولة أخرى ليس موقف التلفزيون العمومي، إنّما هو سياسة خارجية للبلاد يرسمها رئيس الجمهورية مثلما ينصّ عليه الدستور، ومحاولة إثارة النقاش هاهنا، إنّما هو ضرب من التدخّل في صلاحيات عليا وُجِبَ الالتفاف حولها جميعا، اللهمّ إلا اذا كانت ثمّة ولاءات لهذه الدولة المعنية أو تحريض علني على التمرّد على سياسة البلاد الخارجية.
وليد بحيري
رابط دائم:
