قانون الإجراءات الجزائية في ثوب جديد: إصلاحات واسعة لحماية الحريات ومحاربة الفساد

عقدت لجنة الشؤون القانونية والإدارية وحقوق الإنسان والتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم والتقسيم الإقليمي بمجلس الأمة، جلسة استماع خُصصت لدراسة نص قانون يتضمن مراجعة شاملة لقانون الإجراءات الجزائية، بحضور وزير العدل حافظ الأختام، لطفي بوجمعة.
وفي كلمته خلال الجلسة، ثمّن رئيس اللجنة، محمد رباح، الجهد الكبير المبذول في إعداد هذا النص التشريعي الهام الذي جاء في 890 مادة، مؤكداً أنه يندرج ضمن جهود تكييف المنظومة القانونية مع أحكام دستور 2020 ومتطلبات بناء الجزائر الجديدة. وأوضح أن المشروع يعكس إرادة قوية لتحديث قانون الإجراءات الجزائية من خلال تعزيز الحريات، رقمنة الإجراءات، وتوسيع صلاحيات النيابة العامة.
وتوقف رباح عند جملة من الأحكام الجديدة التي تضمنها النص، من بينها إدراج آليات بديلة للمتابعة الجزائية ضد الأشخاص المعنويين، تسمح بإرجاء المتابعات في بعض الجنح المحددة مقابل استرجاع الأموال المنهوبة أو تحويل ما يعادل قيمتها، مع دفع المستحقات المالية للخزينة العمومية والجهات المتضررة. كما أشار إلى إنشاء وكالة وطنية تتكفل بتسيير الأموال المجمدة أو المحجوزة أو المصادرة، واسترجاع الأصول المهربة خارج البلاد.
من جهته، أكد الوزير لطفي بوجمعة أن المشروع يمثل مراجعة جذرية وشاملة هي الأولى من نوعها منذ الاستقلال، موضحاً أن النص الجديد يستجيب للتحولات الاجتماعية ومتطلبات حماية الحقوق والحريات، في توافق تام مع التزامات الجزائر الدولية.
واستعرض الوزير جملة من المحاور الرئيسية التي يرتكز عليها القانون، على غرار تحسين إدارة القضايا الجزائية، تعزيز الوساطة كآلية بديلة، إصلاح محكمة الجنايات، وتوسيع اختصاصات الأقطاب الجزائية المختصة، إلى جانب ترسيخ مبدأ التقاضي على درجتين في كل القضايا الجزائية.
كما تطرق الوزير إلى النقاط الأساسية التي يتضمنها النص، من بينها، إقرار نظام التحذير في النزاعات البسيطة بين الأقارب والجيران، إنشاء نظام الاعتراف المسبق بالذنب، تقييد المثول الفوري بالقضايا الجاهزة للفصل، إدراج جرائم جديدة ضمن إجراءات التلبس، إشراك مسؤولي المؤسسات في قضايا الفساد قبل تحريك الدعوى العمومية، تفعيل الوساطة القضائية وتوسيع صلاحيات وكيل الجمهورية، إلغاء نظام المساعدين القضائيين وإنشاء هيئة لتسيير المحجوزات، تقليص عدد المحلفين في محكمة الجنايات من أربعة إلى اثنين، باستثناء جنايات الإرهاب والمخدرات، مراجعة مدد الإكراه البدني وتقادم الدعوى العمومية، تعزيز صلاحيات النيابة العامة وتبسيط إجراءات الطعن والنقض.
وأكد الوزير في ختام مداخلته أن النص يمثل خطوة حاسمة نحو إصلاح عميق وشامل للعدالة الجزائية في الجزائر، بما يضمن التوازن بين فعالية الإجراءات وحماية الحريات.
شرف الدين عبد النور
