سايحي يؤكد ضرورة تحديث سياسات التشغيل وتعزيز دور الوساطة في مسار إدماج الشباب
شرف الدين عبد النور

أكد اليوم، وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي عبد الحق سايحي خلال افتتاح أشغال الندوة الوطنية الأولى حول التشغيل وتقييم تسيير منحة البطالة والوساطة من أجل فرص عمل، على أن تحديث سياسات التشغيل بات ضرورة ملحة تفرضها التحولات المتسارعة التي يعرفها سوق الشغل، مؤكدا أن الدولة تعمل على مرافقة الشباب نحو مناصب عمل دائمة وفعّالة تستجيب لأولويات الجزائر الجديدة.
وجاءت كلمة سايحي لتبرز في مستهلها الأهمية الاستراتيجية لهذه الندوة التي عُقدت في المركز العائلي ببن عكنون بالعاصمة، حيث أوضح أن المرحلة الحالية تتطلّب رؤية عصرية تُعيد صياغة آليات الوساطة وتنظيم سوق العمل بما يضمن عدالة الفرص ويعزّز قدرة الشباب على الاندماج، مشيرا إلى أن اللقاء يمثل فضاءً تشاوريا يجمع القطاعات الوزارية والشركاء الاجتماعيين من أجل بناء تصور موحّد يخدم مسار الإصلاحات.
وأفاد سايحي خلال عرضه أن الدولة، تحت قيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، جعلت من ملف التشغيل ركيزة أساسية في مسار التنمية وضمان الاستقرار الاجتماعي، وهو ما تجسّد في القضاء على مناصب العمل الهشة، وإصدار قانون الاستثمار الجديد، واستحداث جهاز المقاول الذاتي، إلى جانب إنشاء وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة لتعزيز روح الابتكار وخلق مناصب شغل مستدامة.
وانتقل سايحي إلى تحليل التحديات الراهنة التي تواجه سوق العمل، بدءً بالتحولات التكنولوجية التي فرضت مهارات جديدة، والتحولات الديموغرافية التي رفعت حاجيات الشباب، إضافة إلى المتغيرات المناخية التي تقود نحو اقتصاد أخضر، فضلا عن انتشار أنماط تشغيل حديثة تستدعي تكييفا تشريعيا وتنظيميا لضمان حماية العاملين فيها.
وأكد وزير العمل أن تجاوز هذه التحديات تستوجب اعتماد مقاربة استراتيجية تقوم على تعزيز الحوار الاجتماعي، وإشراك الهيئات الاستشرافية والمجتمع المدني، إلى جانب تقوية الشراكة مع القطاع الاقتصادي لتكييف برامج التكوين مع حاجيات المؤسسات، داعيا كل الفاعلين إلى الالتزام بقانون تنظيم التوظيف وإيداع عروض العمل حصريا لدى المرفق العمومي للتشغيل لضمان مبدأ تكافؤ الفرص.
وتوقف سايحي مطولا عند مسار إصلاحات قطاعه، مبرزا الجهود المبذولة في مجال تنظيم سوق العمل عبر الرقمنة وتحديث أجهزة الوساطة، بما يسمح بتحسين شفافية عروض العمل ودقة البيانات ومحاربة التشغيل غير المصرح به، إلى جانب تطوير خدمات التوجيه وتسريع آجال معالجة الملفات.
كما شدد على الدور المحوري للتكوين في تعزيز قابلية التشغيل، موضحا أن التنسيق القائم مع وزارة التكوين والتعليم المهنيين سمح بإعادة مواءمة البرامج مع احتياجات السوق، وإطلاق تكوينات قصيرة لمهن المستقبل وتطوير الصيغ الجديدة للإدماج داخل المؤسسات، لا سيما في القطاعات الرقمية والطاقات المتجددة.
وفي سياق التطرق لمنحة البطالة، اعتبر سايحي أنها خطوة نوعية داخل مسار إصلاحات سوق العمل، كونها تمنح الشباب فترة انتقالية آمنة نحو الإدماج المهني، وتعد في جوهرها آلية للحماية الاجتماعية مدعومة بالتكوين والمتابعة والتوجيه، ما يرسّخ مبدأ عدم ترك أي شاب دون مرافقة.
وختم سايحي كلمته بالتأكيد على التزام قطاعه بمواصلة الإصلاحات الرامية إلى بناء سوق شغل فعّال ومنظم، قادر على مواكبة تطلعات الشباب وبناء اقتصاد متنوع وقوي، متطلعا إلى أن تفضي أشغال الندوة إلى توصيات عملية تُعد خارطة طريق جديدة لترقية التشغيل وتعزيز الحماية الاجتماعية في إطار الجزائر الجديدة.
